محمد حمدى

التزوير "الشعبى"

الأربعاء، 22 ديسمبر 2010 01:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا افترضنا أن أجهزة الدولة لم تصدر تعليمات بتزوير الانتخابات، عبر عدم التصدى لتسويد البطاقات، وتقفيل اللجان، وإطلاق يد البطجة.. ولأن معظم االجان الانتخابية فى انتخابات مجلس الشعب الأخيرة قد تعرضت لمثل هذه التجاوزات بطريقة أو بأخرى، فإننا أمام ظاهرة جديدة عن علاقة الناس بمؤسسات الدولة.

صحيح أننا نشهد اعترافاً من رئيس الدولة وكافة قيادات الحزب الوطنى بوقوع تجاوزات فى العملية الانتخابية، وهو تطور جديد على الحياة العامة المصرية، إذ لا يعترف المسئولون بالتجاوزات، أو أخطاء العملية الانتخابية إلا بعدها بسنوات حينما تجرى انتخابات جديدة، ومن ثم يقال إن الانتخابات الحالية أفضل من التى سبقتها.

ولعلنى أتوقف عند عبارة قالها لى أكثر من مسئول: "إذا أرادت الدولة وقف التزوير فى الانتخابات ما استطاعت لأن التزوير تم بيد القبائل والعائلات وأنصار المرشحين، والتصدى له، وهو بهذا الاتساع كان يعنى وقوع صدامات لا يمكن التنبؤ بنتائجها بين الأمن والناس فى معظم الدوائر".

والمعنى الذى يريد بعض المسئولين تسويقه أن ما حدث هو "تزوير شعبى"، وحين يصبح التزوير ظاهرة عامة لا يمكن لمؤسسات الدولة التصدى له ومواجهته أمنيا، لأنك فى هذه الحالة تضع الأمن فى مواجهة مباشرة مع المواطنين الذين يريدون تزوير الانتخابات لابن البلد والعائلة والقبيلة وما إلى ذلك.

لكن هذا المعنى فى حد ذاته خطير جدا لأنه يعنى تآكل سلطة الدولة وهيبتها، وغياب القانون وعدم احترامه بين الناس الذين قرروا فرض إرادتهم بالقوة على صناديق الاقتراع.

وما حدث فى الانتخابات إذا افترضنا صحة ظاهرة التزوير الشعبى هو انعكاس لما يحدث فى الواقع، فالتعدى على القانون يحدث جهاراً نهاراً دون تدخل، فالبناء بدون ترخيص هو اعتداء على القانون، لا تتعامل معه الهيئات المكلفة بحماية القانون والسهر على تنفيذه بالجدية اللازمة.

وزيادة الأسعار دون وجه حق هو اعتداء مماثل على القانون، وغياب تعريفة واضحة مثلا للتاكسى فى كل المدن هو اعتراف بعدم وجود القانون، وظهور العشوائيات وتضخمها هو أبرز مثال على عدم وجود القانون من الأساس، لدرجة أن هذه العشوائيات التى تحيط بمعظم المدن المصرية كالسرطان، لا توجد بها نقاط شرطة، ولا يستطيع الأمن الدخول إليها والخروج منها، وبالتالى فهى تعج بالبلطجية الذين يفرضون قانونهم الخاص، ويحصلون إتاوات من الناس نظير حمايتهم.

التزوير الشعبى الذى حدث فى بعض الأنحاء هو قناعة شعبية أيضا بأن الدولة غير موجودة، وحتى لو كانت موجودة فإنها لا تستطيع التصدى للحشود المسلحة التى ظهرت فى الانتخابات وألغت دور الدولة وأجهزتها والمواطنين.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة