جمال العاصى

الخطاب التاريخى للرئيس الذى تنتظره المعارضة قبل الحكومة

الجمعة، 17 ديسمبر 2010 01:16 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ حدث مختلف يأتى وسط موجة من الغضب والسخط والغليان نظراً لما آلت إليه نتائج انتخابات برلمان 2010 وإسقاط المعارضة فى سابقة غريبة

«خطاب تاريخى للرئيس مبارك» مانشيت تعودنا على قراءته عقب إلقاء الرئيس حسنى مبارك خطاباته فى أوقات الحسم أو الأعياد الرسمية أو افتتاح جلستى الشعب والشورى، ولكن أذكر أننا فى انتظار هذا المانشيت عقب خطاب الرئيس فى 19 ديسمبر الجارى، نعم سيكون هذا الخطاب تاريخيا لأسباب ونقاط وزوايا متعددة نلخصها فى العناصر التالية:
أولا: يأتى هذا الخطاب وسط موجة من الغضب والسخط والغليان نظرا لما آلت إليه نتائج انتخابات برلمان 2010، وإسقاط المعارضة بكل أطيافها وألوانها السياسية فى سابقة غريبة، وربما تكون المرة الأولى التى تتفق فيها المعارضة المصرية بكل أطيافها مع رجالات الحزب الوطنى، سواء على مستوى القيادات الكبيرة أو القيادات الحزبية القاعدية، فى انتظار هذا الخطاب، لأن المعارضة تنتظر رد اعتبارها من الرجل الأول فى الدولة، فطبقا لوجهة نظرها أنها تعرضت لظلم غير مسبوق عن طريق التزوير وتسويد البطاقات والبلطجة، وتعريض حياة البعض للخطر، وتريد المعارضة أن تسمع كلمات تطيّب خاطرها، وتتأكد أن ما حدث لها ليس طبقا لتوجيهات الرئيس، وما جرى لها بمعزل تام عن رئيس الجمهورية الذى يعتبره الجميع رئيسا للبلاد كلها، ولا فضل فيها لأحد، وكلنا شركاء فى هذا الوطن، متساوون فى الحقوق والواجبات أيضا..

وتنتظر المعارضة بشغف بالغ وربما بأحلام يقظة، أن يعلن الرئيس عن عدم رضاه عن تلك الانتخابات وسوف يترك أمورها للقضاء ليقول كلمته، وسوف ينفذ ما تصل إليه أحكام القضاء، فإذا أكدت الدعاوى القضائية أن هناك تزويرا حقيقيا فاضحا، كما ترى المعارضة، وأصدر رجال القضاء أحكاما قاطعة، فسوف تنفذ الدولة تلك الأحكام، حتى لو تمت إعادة تلك الانتخابات.

وينتظر أيضا رجالات الحزب الوطنى كلمة ثناء وشكر من القيادة السياسية فى هذا الخطاب التاريخى لما قاموا به من دعم لمرشحى الحزب الوطنى، ومقاومة كل مرشحى الأحزاب الأخرى وإسقاطهم، وذلك بالتنسيق والترتيب والنظام والمعايشة فى الشارع، وإقناع الناخبين بأن مرشحى الوطنى هم الأفضل والأحق والأهم فى الفترة القادمة لتلبية حاجات الناس، وربما ينتظر بعض القيادات الحزبية الكبرى مناصب جديدة أشبه بالترقيات، نظير ما قدموه من أفكار أحدثت الانقلاب الانتخابى، ويعود لتلك الأفكار والتكتيكات الانتخابية الفضل فى سحق مرشحى الإخوان المسلمين ورموز المعارضة النافذة التى توجع الحكومة دوما، وتكشفها وتعرى أساليبها.

وتنتظر القيادات الحزبية الصغيرة أن يدافع الرئيس عنها، ويدفع عنها تهمة التزوير التى طالتها، وروجت لها المعارضة، وباتت سمة رئيسية فى هذه الانتخابات، وربما أصبح برلمان 2010 هو أكثر البرلمانات إثارة للجدل بسبب اتهامات التزوير التى أطلقتها المعارضة والخاسرون فى الانتخابات، ويرى هؤلاء أن خطاب الرئيس سيدفع تلك التهمة، ويؤكد أن رجال الحزب الوطنى فازوا لأنهم الأفضل والأكثر ترتيبا، ونجح برنامجهم الانتخابى فى تحويل دفة الأصوات لصالح مرشحيهم، ولكن تبقى القضية الكبرى التى تواجه الوطنى، وتتكئ عليها المعارضة ألا وهى أوراق التسويد التى يقدمها مرشحو الوطنى أنفسهم ضد مرشحين منافسين من الوطنى أيضا، وترى المعارضة أن هؤلاء هم أقوى حجة تؤكد الفعل التزويرى فى الانتخابات.

ثانيا: ينتظر الأقباط أيضا خطاب الرئيس بفارغ الصبر ليس لشعورهم بأن قطار الانتخابات البرلمانية داسهم، ولم يمر عليهم، ولم يفلت منهم سوى ثلاثة مرشحين فقط، على رأسهم وزير المالية يوسف بطرس غالى، وإذا كان الرئيس قد تدارك الخطأ الحزبى سريعا، وقام بتعيين سبعة أقباط من عشرة، قام بتعيينهم طبقا للدستور المصرى، فإن الأقباط ينتظرون تفسيرا وتبريرا وتحليلا من الرئيس مبارك حول عدم التنسيق مع الكنيسة فى الانتخابات، ولماذا لم يتم إخلاء دوائر لهم، ولماذا لم تتم مساعدة مرشحيهم للنجاح، بالطبع ليس بالتزوير، ولكن هناك ألوانا متعددة للدعم إذا ما أرادت الحكومة ورجال الحزب الوطنى ذلك، وينتظر أيضا الأقباط رؤية الرئيس مبارك حول أحداث العمرانية، وما صاحبها من القبض على 156 مسيحيا، مازال أغلبهم محبوسين على ذمة القضية، حتى إن شائعة اعتكاف البابا شنودة فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، باتت مؤكدة، نظرا لغضب البابا لمطالبته بفك أسر المحبوسين سريعا، حتى إنه قال فى عظة الأربعاء الشهيرة إن دم المسيحيين مش رخيص، وهو ما يشير إلى المسيحيين اللذين قتلا فى أحداث العمرانية، ولو أن هناك رأيا آخر، ينتظر أن يعلن الرئيس مبارك غضبه من حالات الشغب المسيحى التى صارت منهجا غير مفهوم، وباتت التظاهرات المسيحية ضاغطا على الأمن المصرى فى حصد طلبات غير مستحقة وغير مفهومة، ويرى البعض أن الشغب المسيحى الآن بات خطرا داهما على أمن البلاد، لأنه لا يخدم القوانين المصرية، وربما أظهرت تفسيرات محافظ الجيزة حول أزمة مبنى الخدمات بالعمرانية، سر الأزمة المطبقة ومحاولات اغتصاب كنيسة دون حقوق كاملة للإخوة المسيحيين.

ثالثا: هناك أسئلة حائرة تنتظر إجابات قاطعة تشغل بال الرأى العام المصرى بشكل عام، فالكل ينتظر تصريحا واضحا حول ترشيحات الرئاسة القادمة، وهل سيرشح الرئيس نفسه عن الحزب الوطنى وذلك سوف يخرس كل الألسنة التى تطلق الشائعات بأن هذا البرلمان يمهد لمفاجأة فى المنافسة على مقعد الرئاسة، وبذلك يتم غلق ملف تتناوله الصحف المصرية والأجنبية بشكل غير طبيعى، وينتظر أيضا عوام الناس من الرئيس حلا قاطعا لضبط آليات السوق المصرية التى تفجرت فجأة، وزادت أسعار السلع الأساسية مثل السكر والزيت والأرز، حتى إن البعض حلل هذه الزيادة بأنها عقاب أو جاءت عقب الانتخابات البرلمانية، بعد أن أخذ الحزب الوطنى ما أراده من الشعب، فضرب بالكل عرض الحائط، وبمجرد إعلان نتائج الانتخابات تم رفع الأسعار سريعا، وينتظر عوام الناس أيضا رؤية الرئيس المستقبلية عن طريق برنامجه الانتخابى الذى لم يتم الانتهاء منه حتى الآن، وأيضا برنامج الرئيس الجديد القادم فى حالة تقدم مرشح آخر للرئاسة القادمة، وربما الأكثر أهمية للسواد الأعظم من المصريين، انتظار الانفراجة الكبرى أو طرح بوادر أمل للمستقبل بعد حالة العتمة والاكتئاب والشعور بالإحباط العام الذى يسود أرجاء المحروسة، وربما يكون هذا الخطاب فارقا وتاريخيا حقا إذا داوت وعالجت كلمات الرئيس أوجاع المصريين، ويرى الغالبية أن مبارك قادر على طرح آمال وطموحات جديدة، تستطيع أن تقتحم كل مشاكل المصريين، ولم لا، فهناك تفسير شيطانى يؤكد أن استحواذ الحزب الوطنى على غالبية مجلس الشعب يضع الدولة المصرية فى تحد كبير، لأنها ترى أن المعارضة كانت تعرقل كل خطوات التنمية بهجومها الحاد، والضاغط ولذا فقد تعمل الحكومة بشكل هادئ وتنفذ برامجها دون ضجيج أو تظاهرات.

رابعا: لغط شديد دار خلال السنوات الأخيرة حول تقاعس الحكومة المصرية، وضرورة الإطاحة بها وتغييرها، لأنها لم تعد قادرة على تحقيق آمال وطموحات المصريين، وباتت خطاياها لا تحتمل وظلت تكهنات الصحف تحدث وتؤكد تغييرات الوزراء، إلا أن القيادة السياسية كان لها وجهة نظر أخرى، وربما طال التغيير وزير الرى محمود أبوزيد، ووزير النقل محمد منصور، وأيضا محمود محيى الدين وزير الاستثمار الذى تم تصعيده إلى البنك الدولى، وأيضا د. يسرى الجمل وزير التعليم، ولذا فالخطاب الذى سيلقيه الرئيس مبارك فى 19 ديسمبر الجارى بات تاريخيا لأن الجميع ينتظر هل ستظل هذه الحكومة بوزرائها قابضة على رقاب العباد أو يتم ترحيلها وتفكيكها، وتأتى وجوه جديدة تعطى بوادر أمل للمصريين، وتضبط إيقاع السوق المصرية الذى لا يقدر عليه أحد، ويرى المراقبون أن التغييرات الوزارية القادمة، ستخفف كثيرا من على كاهل الرئيس مبارك الذى بات المتصدى الأوحد لكل مشكلات المصريين، وآن الأوان أن يأتى بوزراء قادرين على اتخاذ القرارات وفك ألغاز مشكلات على رأسها الصحة والتموين والتعليم، ووضع رؤية مستقبلية جديدة لأزمة البطالة.

خامسا: تنتظر النخبة المصرية بكل أشكالها السياسية خطاب الرئيس، وماذا سيقول حول العلاقات الخارجية، وكيف تسير الآن، فإذا كان الضباب السياسى قد انزاح بين مصر وقطر الآن، فهناك شبورات سياسية، ينتظر الجميع الرؤية من خلالها، ولو كانت حقيقية، حول علاقاتنا مثلا بالنظام التركى، وكيف ستسير الفترة القادمة، وأيضا كيف ستكون علاقتنا بدولة إيران، وهل تستطيع الخارجية المصرية تشكيل لوبى مصرى تركى إيرانى، يضع حلولا لأزمات المنطقة، وإيجاد حلول قاطعة مع الكيان الصهيونى حول القضية الفلسطينية، بعدما بدأت بوادر انفراجة كبيرة بين فتح وحماس، ربما تساعد على وضع حائط صد منيع ضد إسرائيل، وينتظر أيضا ماذا سيكون شكل العلاقات الخارجية، والتعاون الاقتصادى بين كل الدول العربية، حتى الدول ذات العلاقات الفاترة مع مصر، وربما ينتظر الجميع أيضا من الرئيس مبارك فى خطابه التاريخى ردودا قاطعة لحالة الهجوم الأمريكى المستمر، ضد سياسات مصر، وربما كان آخرها التقارير الأمريكية التى أكدت أن نتائج الانتخابات جاءت محبطة للأمانى الأمريكية، وما شاب العملية الانتخابية من مخالفات وانتهاكات غير مسبوقة، وهذا ما يزعج الإدارة الأمريكية.

> >
وإذا كنا فى انتظار خطاب الرئيس محمد حسنى مبارك لكل هذه الأسباب، والرد على كل هذه التساؤلات، فإننا نطمع دوما أن نجد لدى الرئيس الحلول والأمانى والآمال التى ترقى لكل طموحات المصريين.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة