محمد بركة

ذكرياتى مع الحرس الجامعى

الثلاثاء، 02 نوفمبر 2010 07:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ضابط ملول يرتدى – بالطبع – نظارة سوداء أنيقة ويتحرك بمقعده طلباً للشمس البخيلة التى تلوح بين الحين والآخر من بين سحب يناير الداكنة.. قليل الكلام.. خافض النبرة.. وسيم وسامة تزعجنا نحن "ذكور" الدفعة فى قسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية، فجميلات القسم يتلكأن وهن يعبرن البوابة الحديدية الضخمة ويتباطأن وهن يلقين نظرة جانبية على الرجل الغامض بسلامته المتخفى – فعلاً – بنظارة!

ولأننا كنا مجرد فرع لجامعة المنصورة ومقر الكلية يقع بمنطقة الأعصر بمدينة دمياط كان كل شىء تحت السيطرة على عكس المظاهرات الملتهبة والأحداث الساخنة "فى المنصورة".. كان اتحاد الطلبة من الإخوان وكان الحرس يبدى معهم قدراً لا بأس به من التسامح وهم يستقبلوننا نحن طلبة الفرقة الأولى بالمنشورات وأوراق الترحيب، ثم وهم يعدون للرحلات والمسرحيات التى – للأسف – لم تكن تشارك فيها فتاة واحدة وكأننا فى قاعة مسرح أفغانى! كان الزملاء من الإخوان ينظرون لمكتب الحرس وكأنه مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى – آنذاك – إسحق شامير، فى حين كان أعضاء جماعة "حورس" التابعة للحزب الوطنى يتعمدون إظهار علاقة الود التى تربطهم بالبيه الضابط، ليس غيظاً فقط فى الإخوان بل تقرباً أيضاً من جميلات قسمى إنجليزى وفرنساوى!

كان ذلك فى التسعينيات، وكنا نقرأ فى جريدة الشعب – وقد ترأس تحريرها الراحل عادل حسين الذى كان ماركسياً قبل أن يتحول إلى معسكر الإسلاميين – عن تفاصيل مرعبة لوقائع التعذيب التى يتعرض لها المعتقلون السياسيون، لذلك وضعنا يدنا على قلوبنا حين سمعنا عن أحد "الإخوة" وقد تم اعتقاله بسبب المنشورات التى كان يوزعها، وتندد بمؤتمر مدريد للسلام الذى رأى فيه كثير من الفصائل والقوى أنه تصفية للقضية الفلسطينية وبيعاً للقدس "نفس الكلام الذى لا يزال يتردد الآن وبنفس الحرارة والقوة رغم أنه من المفترض أن القضية تم تصفيها والقدس بيعت من زمن الزمن!".

ولشد ما كانت فرحتنا – الممتزجة بشىء من خيبة الأمل ربك والحق – حين وجدنا الأخ يعود إلى الكلية بعد أقل من أسبوع وهو صحيح البدن، معافى، ويبدو أنه حتى لم يتعرض لقلم واحد يوحد ربنا!

وأنا لن أعمل فيها "شاهد على العصر" لكن ينبغى ألا أنسى أنه بعد هذه الواقعة رأيت – بالصدفة – مجموعة من زملاء القسم يمسكون بورقة وهم فى حيرة من أمرهم، وحين رأونى سألونى على الفور: كلمة Torture دى يعنى إيه، فأجبتهم على الفور "بحكم تفوقى القديم": يعنى تعذيب، فصاح أحدهم: لا حول ولا قوة إلا بالله!

لم أفهم شيئاً، وحين أعطونى الورقة عرفت أنه نص بيان صادر بالإنجليزية عن منظمة العفو الدولية ويحمل عنوان: Egypt: 10 Years of Torture أو "مصر: عشر سنوات من التعذيب"، أما لماذا شعر طلبة الجامعات بالفرحة العارمة لقرار إلغاء الحرس الجامعى، فتلك قصة أخرى!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة