محمد إبراهيم الدسوقى

المتهم الجاهز

الأحد، 03 أكتوبر 2010 08:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كلما حل خطب جلل بمصرنا العزيزة يسترعى انتباهك وجود متهم جاهز لتحميله مسئولية ما نتج عنه من عواقب وشرور، ممثلا فى وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وتترك الواقعة الأصلية، ويوجه التركيز والأنظار الشاخصة ناحية الإعلام الذى يقذف بمدفعية الهجوم الثقيلة بصفته المحرض الأثيم على النهش والخوض فى الأعراض وسير الأنقياء الأتقياء فى كل المجالات والمهن.

ومن ثم يجد الإعلام لزاما عليه تخصيص جزء كبير من جهده وطاقته للدفاع عن نفسه وتبرئة ساحته، بعد أن تتكالب وتتحالف عليه الجهات والأطراف المتسببة بالأساس فى وقوع الحدث وما يتبعه من مشاحنات وتراشقات بين ركائز وأركان المجتمع الدينية والثقافية والسياسية.

وركز معى مليا فيما تبعناه من فصول الجلبة الحالية، حول خطر اشتعال الفتنة فى وطننا الغالى، فقد غربلت القضية ليظهر فى نهاية المطاف أن الصحافة كانت الطرف الشرير أو الجانى الذى لم يراعِ المصلحة الوطنية العليا لتعمده نشر تصريحات لقيادة بارزة من قيادات الكنيسة الأرثوذكسية بطريقة فيها ما فيها من الإثارة والتحريض، وأنها لا تنقب سوى عن كل ما يؤدى لكوارث وفواجع تشق المجتمع إلى نصفين يصارع بعضهما البعض.

وما يغيظك ويدهشك أن الظاهرة توغلت وتمددت فرحنا ننصت لعدد غفير من الفنانين والفنانات الذين يتهمون الصحفيين والصحافة عامة بعدم احترام خصوصياتهم، وأنهم ينشرون عنهم أخبارا مفبركة لا صحة لها، ويتغافلون فى غمرة انفعالهم وقسوتهم على الصحافة أنهم كانوا يجرون وراءها بالأشواط لنشر صورهم وأنباء السيناريوهات التى يعكفون على قراءتها للاختيار والمفاضلة بينها، وأن كثيرا منها لا يمت للواقع وللحقيقة بصلة قرابة.

وعلى ذات المنوال يسير السياسيون الذين يعتبرون أن البرامج الحوارية المتناولة بالنقد والتشريح السياسات والمواقف لا هم لها سوى إشاعة الانطباع الأسود القاتم عن البلاد وما يدور فيها، وكأنها تخلو مما يبعث على التفاؤل فى غد أفضل ناصع البياض، وأنها لا تنظر إلا للسليبات وتتجاهل الإيجابيات والإنجازات وهلم جرا.

ووسط كل هذا ينسى الجميع أن وسائل الإعلام ناقلة للأحداث وليست صانعة لها بنسبة 99%، فمعيار الاحتكام يجب أن يكون: هل ما نشر قيل بالفعل أم انه من نسيج الخيال؟ ففى أزمة تصريحات الأنبا بيشوى الرجل الثانى فى الكنيسة الأرثوذكسية، علينا التساؤل عما إذا كان قد قالها أم لا؟.

لكن ما حدث أن الصحيفة التى نشرت تصريحه واجهت اتهاما بتعمد إثارة الأغلبية المسلمة ضد المسيحيين، وأنه كان عليها حذفها من الحوار.

إن كنا سنقتفى أثر ذلك فى كل ما يعرض وينشر فإن النتيجة ستكون التزام جانب شاطئ الأمان بالبعد عن قضايا خلافية باعثة على الجدل والنقاش، وتناول ما يتردد فى مجالس النميمة بالنوادى والصالونات درءً لإغضاب هذا أو ذاك.

وللإنصاف لا أنكر أن قلة من وسائل الإعلام لا هم لها سوى زرع بذور الفتنة والشقاق، وأنه يجب مواجهتها وكشفها، أيضا فإن بعض الصحفيين يسيئون بأفعالهم وتصرفاتهم لهذه المهنة النبيلة، بنشرهم موضوعات من تأليفهم وتلحينهم لرغبتهم فى عدم بذل جهد فى البحث والتقصى أو لكونهم يحصلون على أموال من شخص أو حزب لتنفيذ مخططات خاصة لتشويه صورة رجال أعمال وسياسيين وفنانين ومثقفين.. إلخ.

وعلى الرغم من ذلك فإن الصحافة عموما مرآة لما يشهده المجتمع وعليها ألا تقف مقيدة عند مهاجمتها من كل من هب ودب إلا إذا كان التوجه أن تصمت وتنزوى فى ركن بعيد ولا يبقى منها سوى الحاصلين على شهادة الرضا بالحديث عما لذ وطاب من الموضوعات طالما أنها تتناولها بسطحية تثير الضحك ولا تحدث صخبا يوقظ النائمين فى عسل الإهمال والفساد.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة