سعيد شعيب

أبقار المعارضة المقدسة

السبت، 23 أكتوبر 2010 12:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يكاد يكون انتقاد قوى المعارضة والمعارضين من المحرمات، رغم أنهم وفى أحيان كثيرة لا يقلون سوءًا عن السلطة الحاكمة، بل ودعنى أقول إن بعضهم يكاد يكون أسوء من الحزب الوطنى، وأنا واحد من الذين ينتقدونه بعنف، فهل يجوز أن شن الحروب ضده، والصمت الكامل على ذات الممارسات حين يقوم بها معارضون؟

هل منطقى عندما يسرق عضو من الحزب الوطنى نصرخ بأعلى صوتنا مطالبين بالقصاص، وعندما يفعلها معارض يصمت البعض، ويبرر له آخرون، ويدافع عنه باستماتة كثيرون؟!

لا أظن أن هذا موقف صحيح، لأننا ننتقد أفكارا وندافع عن مبادئ، فإذا انتهكها معارض أو مؤيد يجب أن يكون الموقف واحدا لا يتغير، لأن كلاهما أضر بالبلد وبالمصلحة العامة.

لكن للأسف هذا السلوك المعيب يحدث يوميا، والحقيقة أيضا أن كثيرا من المعارضين والكُتاب المستقلين يعتبرون أن كشف خطايا معارضى السلطة جريمة، لأنهم يتصورون أن هذا يصب فى صالح الحزب الوطنى، وتجد نفسك متهما بأنك تعمل لصالحه، وهى تهمة كما تعرفون شنيعة. وبعضهم يعترف بخطايا المعارضة والمعارضين "بينك وبينه"، ولكنه يقول لك أن الوقت غير مناسب، ولا يقول لك أبداً ما هو هذا الوقت المناسب؟

النتيجة أن المعارضة والمعارضين تحولوا إلى أبقار مقدسة، لا يجوز الاقتراب منها، ولا انتقادهم، فهم فوق النقد وفوق المسائلة، ومن يفعل يدفع ثمنا غاليا، ليس فى الاختلاف معه، فالاختلاف رحمة، ولكن من سمعته الشخصية، ويتم اغتياله معنويا بالكذب والتزوير، من قبل من يتحدثون ليل نهار عن العدل والحرية، والأخلاق الكريمة والشفافية والصدق.. إلخ

النتيجة الأخطر هى أن المعارضة بقت كما هى بذات الخطايا، وتضخمت ذوات كثير من المعارضين، فهم لا يأتيهم الباطل من بين يديهم ولا من خلفهم، بل وكثيرا منهم يعتبر نفسه هو الوطن، فإذا اختلفت معه، فـأنت لا تختلف مع "بنى آدم"، ولكن مع الوطن ذاته الذى حصل هو وحده على توكيل بالتحدث باسمه.

وتحولت الحالة السياسية فى بلدنا إلى حرب قبائل، كل قبيلة لها المحاربون من أجلها بالحق وبالباطل، والنتيجة الطبيعية أن النقاش العام لا يتطور ولا يرسى قيم تفيد بلدنا.


رغم أن الاختلاف والنقد ليس فقط هو جوهر العمل السياسى، ولكنه أيضاً جوهر الحياة ذاتها، وهو الدافع القوى لأن تطور هذه القوى آلياتها وخطابها السياسى، لصالحها هى أولا ولصالح البلد. ثم إذا كانوا لا يقبلون النقد وهم فى مقاعد المعارضة فماذا سوف يفعلون بنا إذا حدث وأصبحوا فى كراسى السلطة الحاكمة؟!











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة