محمد إبراهيم الدسوقى

روشتة انتخابية

الأحد، 10 أكتوبر 2010 07:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل الأنظار شاخصة معلقة على انتخابات مجلس الشعب ومن ورائها الرئاسة العام المقبل، بناءً عليه ازدحم الفضاء السياسى بتفاصيل وسجالات المعركة الانتخابية، حتى قبل بدء موعدها الرسمى، وشهدنا صراعات واقتتالات لكى يظفر السعداء والمحظوظين بترشيح الحزب الوطنى الديمقراطى، ورأينا عن قرب كيف أن الطامحين للترشح على قائمة الحزب الحاكم يمارسون كل الألاعيب وصنوف الضغط العلنى والمستتر للفوز به، كما رأينا عديدين يغيرون صفتهم الانتخابية من فئات إلى عمال والعكس، هرباً من مواجهة ومنافسة مرشح قوى أو مسئول يراد له الاستفراد بهذه الدائرة لتمثيلها فى البرلمان المقبل، هذا بخلاف أحاديث يومية لا تنقطع عن الشفافية والنزاهة واختيار الرجل الملائم للترشح.

وعلى جبهة المعارضة الصامدة المصابة بداء التشرذم الذى لم تشف منه بعد، تابعنا من قرر المشاركة فى الانتخابات ملحقا بها إبداء مخاوفهم وقلقهم من التزوير، عقب غياب الرقابة القضائية على الانتخابات، ومن حسم أمره برفع راية المقاطعة تعبيراً عن عدم ثقته فى الالتزام بالمقاييس النزيهة للانتخابات من فتح مراكز الاقتراع للتصويت بدون تدخلات بالمنع من طرف الأمن أو أعمال البلطجة التى يعتمدها بعض المرشحين وسيلة وغاية لإزاحة مؤيدى منافسيه.

ووسط هذا المشهد البادئ من بعيد أنه مفعم بالنشاط والحيوية والفاعلية، فانك لن تحس بالسعادة، لأن طرفى المعادلة، وهما الناخب والمرشح لا يتعاملان مع الانتخابات، التى تعتبر بلا منازع درة تاج الديمقراطية، بالجدية المأمولة والمرجوة.

فالناخب عازف باختياره المحض عن العملية الانتخابية لشعوره بأن صوته غير ذى قيمة وليس له تأثير ولن يحترم، وأن المسألة محسومة لذاك الفريق أو هذا، فلماذا يرهق أعصابه وذهنه ويقف فى طابور لجان التصويت، وبدلا من مكابدة العناء والمشقة بالإدلاء بصوته، فانه يفضل المكوث فى بيته أو عمله أو يتسامر مع رفاقه على القهوة، البعض الأخر من الناخبين ـ وهم قلة لسوء الحظ ـ تدب فى أوصالهم وأطرافهم الحركة ويقاومون السلبية وتكبير الدماغ بإصرارهم على ممارسة حقهم الشرعى والدستورى فى التصويت، غير أن جزءا لا بأس به منهم لا يقدر على بلوغ صندوق الانتخاب لعوائق شتئ، خصوصاً أن كان سيصوت لمرشح معارض.

الفئة الثالثة من الناخبين فهم من لا يكترثون للديمقراطية وشعارات التغيير وغيرهما من المقولات واللافتات المرفوعة بمناسبة وبدون مناسبة، بل يهتمون بما سيجنونه من مال وبضائع وسلع نظير إعطاء صوتهم لمرشح يتفق عليه مع مقاولى الانتخابات الموكول إليهم الاتفاق مع أهل الدائرة الكرام لشراء أصواتهم الثمينة، وبعد أن ينفض موسم الانتخابات يرفع معظم الفائزين من الخدمة ولا يتذكرون دائرتهم المنسية إلا عند إعادة ترشيح أنفسهم لدورة جديدة.

ونأتي للمرشحين من المعارضة والحزب الوطنى لتكتشف أن ما يحرك غالبيتهم ليست المصلحة العامة ورفعة الوطن وازدهاره، بقدر ما يهمهم جملة مصالح فئوية يقاتلون للمحافظة عليها مهما كان الثمن بالمزاوجة بين المال والسلطة التابعة لاستظلاله بمظلة الحصانة البرلمانية. وعندما نتابع مع يصرحون به للصحف ووسائل الإعلام المختلفة فانه يصعب عليك العثور على برنامج سياسى له بريق يشد بصرك ويخاطب عقلك، فكل الحديث منصب على طريق اتجاه واحد هو الخدمات التى لا أناقش أهميتها للمواطن، لكنها ليست الأساس، فلابد من رؤية يتضح فيها حاضر ومستقبل الوطن.

وبدون أن يغضب أحد فإن من بين دلائل عدم جدية المرشحين على اختلاف انتماءاتهم الحزبية تلك العادة البائسة بتغيير الصفة الانتخابية، وأتساءل هل رأيتم مثلا فى انتخابات الكونجرس الأمريكى من يغير صفته من جمهورى إلى ديمقراطى أو فى بريطانيا من يتحول من عمالى إلى محافظى؟ ستجئ الإجابة الناصعة بالنفى التام، لكونهم يحترمون الناخب وذكائه قبل أى شئ، ويكاد من رابع المستحيلات أن يغير مرشح فى الغرب جلده السياسى، عند استبعاده من ترشيح حزبه، بينما اعتادنا فى مصر من يترشح مستقلا، وما أن يفوز بمقعده البرلمانى، حتى يعود أدراجه لحضن حزبه الدافئ الذى تركه قبل أسابيع، فكيف يستقيم هذا التصرف؟ فالرجل انتخب كمستقل ثم يخدع ناخبيه بالعودة لحزبه أو الالتحاق بحزب أخر، حينئذ كيف يمكننى كناخب الثقة فيه وفى ما يقوله ويعلنه من مواقف تحت قبة البرلمان، ودعونى اختم بعبارات دالة قالها ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطانى الشاب الأسبوع الماضى، لحث مواطنيه على التجاوب مع التغيير والتقدم:

ـ الوطن يحتاج إليكم.
ـ نريد منح بريطانيا بداية جديدة.
ـ نود نقل السلطة من يد الدولة ليد الفرد والمجتمع وعلى البريطانيين ألا يجلسوا بمقعد المتفرج، بل عليهم انتهاز الفرصة.
الطلبات أو العبارات الثلاث شارحة لمضمونها، وليتنا نتعلم منها ومن تجارب الآخرين، وكل لبيب بالإشارة يفهم .








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة