سعيد شعيب

دان جيلمور

الأربعاء، 27 يناير 2010 01:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أى شخص فى العالم يستطيع أن يمتلك مجانا أكبر مطبعة فى العالم، يمكنه من خلالها طبع مليارات النسخ لو أراد. كما أنه يستطيع أن يمتلك أكبر شبكة نقل وتوزيع لما يكتبه تجوب به العالم كله. ناهيك عن امتلاك جهاز كاسيت وكاميرا فوتوغرافيا بأسعار رخيصة.

أى يمكنك القول أن المواطن العادى أصبح يملك «بملاليم» ما تمتلكه أكبر المؤسسات الصحفية فى العالم، هذا بالضبط ما يرصده بتفان الصحفى الأمريكى دان جيلمور فى كتابه «نحن الميديا»، أو we the media ،الذى ترجمته السفارة الأمريكية. وجاء المؤلف لمصر مؤخرا للمشاركة فى عدة ندوات لمناقشة كتابه.

الكتاب الهام لا يكتفى بالرصد، ولكنه ينقلنا إلى ما هو أهم، وهو أن المواطن بفضل شبكة الانترنت والتقدم التكنولوجى المذهل، لم يعد مفعولا به، لم يعد لعبة فى يد مؤسسات إنتاج الأخبار، أو ما نسميها الصحافة التقليدية، لم يعد مستهلكا، لكنه أصبح منتجا للأخبار وشريكا فى صناعتها، ورقيبا على نزاهتها، ليس بقوته الشرائية فقط، ولكن أيضا بانتقادها والضغط عليها عبر ممارسته لحرية التعبير عن رأيه بالوسائط الحديثة.

ولم يعد أيضا مجرد متلق سلبى لاستهلاك أى سلعة تنتجها أى شركة، بل أصبح فى إمكانه وببساطة التأثير فى هذه المؤسسات عبر الكتابة على مدونته، ومحاولته إقناع الآخرين بما برأيه، وصناعة لوبى كبير يفرض تدريجيا كونه الطرف الأساسى فى أى صناعة.

أى لم يعد المواطن، بفضل التكنولوجيا، يعطى صوته ولمرة واحدة لسياسيين ويتركهم يفعلون ما يشاءون، ثم يعود ليمنحهم أو يحرمهم من صوته من جديد فى الانتخابات المقبلة. لكن أضيف له وسائل فعالة وفورية تجعله متفاعلا ومراقبا ومؤثرا طوال 24 ساعة فى الـ24 ساعة. فالسياسة كما يقول جيلمور فى كتابه كانت طوال الوقت من أعلى إلى أسفل، لأن المتحكم فيها هم الأثرياء وأصحاب النفوذ.. ولكنها الآن تتحرك من أسفل إلى أعلى بحثا عن العدالة والحرية.

لعلنا نذكر الكثير من الأمثلة عندنا فى مصر، فكليبات التعذيب الشهيرة كان الذين التقطوها مواطنين عاديين وليسوا صحفيين محترفين، ولكنها لعبت دورا حاسما عندما التقطتها الصحافة فى أن ينال المجرمون عقابهم ودفعت وزارة الداخلية إلى إعادة النظر فى هذه الممارسات. بالمثل لو تتذكر فضيحة سجن أبو غريب، فالذى صورها كان مجندا أمريكيا، أو ربما مواطن حصل عليها بشكل أو آخر، ولكنها فى النهاية وصلت إلى الرأى العام ولعبت دورا مؤثرا فى فضح الممارسات الأمريكية فى العراق.. ومن المؤكد أنها مع عوامل أخرى ساهمت فى إعادة مراجعة بعض من خطايا السياسات الأمريكية، وفى كل الأحوال لم يعد أحد قادرا على الدفاع عن هذه الممارسات.

أى يمكننا القول وباطمئنان، أن ما لم تستطع كل الأيديولوجيات تحقيقه من العدل والحرية، ربما تصنعه التكنولوجيا، والتى لأول مرة تجعل فرص الأفراد متساوية فى تغيير العالم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة