سعيد شعيب

"رخامة ظابط"

الجمعة، 01 يناير 2010 11:30 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أمى كانت تقول "الكذب المزوق ولا الصدق المنعفش"، ليس دفاعا عن الكذب أو انتقاصا من الصدق، ولكنها تنتقد الكذابين الذين لا يبذلون أى جهد، حتى يمنحوا أقوالهم قليلا من المنطق. وهذا بالضبط ينطبق على مبررات رجال الحكم لاستمرار قانون الطوارئ طوال 28 عاما، فيقولون إن هناك ظروفا استثنائية دفعتهم إلى ذلك، مثلما قال الدكتور مفيد شهاب.

وهذا يتضمن قدرا قليلا من المنطق، فقد طبقوا القانون اللعين فى أعقاب الاغتيال المفاجئ للرئيس السادات رحمه الله، من قبل قوى كانت مجهولة وقتها. ناهيك عما سببته هذه الجريمة من ارتباك مروع للسلطة الحاكمة، وخاصة أن بعضا من كبار قياداتها، على رأسهم الرئيس مبارك، كانوا على مرمى حجر من الرصاص المتطاير.

لكن مضى 28 عاما بالتمام والكمال وتغيرت الدنيا، وانتهى الظرف الاستثنائى، وتراجعت حتى العمليات الإرهابية التى انتشرت خلال عقد التسعينات. ومع ذلك لم يتم اتخاذ خطوات جادة فى هذا الاتجاه، بما فيها حتى قانون الإرهاب الذى تم تأجيله، ناهيك عن المخاطر المتضمنة فى صياغته، والتى يمكن أن تحول القانون المؤقت(الطوارئ) إلى كارثة دائمة.

تصريحات الدكتور شهاب كانت تعليقا على التقرير الذى ستقدمه الحكومة للمجلس الدولى لحقوق الإنسان، فى مواجهة الكثير من المنظمات الحقوقية المصرية، بما فيها المجلس القومى لحقوق الإنسان، القريب من الدولة. والمشكلة أن هذه التصريحات كانت تتضمن أكاذيب من التى أشارت إليها أمى، وأخطرها أنه يتم اللجوء إلى هذا القانون فى حالة الجرائم الإرهابية.. وهذا بالطبع غير صحيح. والدليل الحالة الفجة التى أشار إليها صديقى الكبير نجاد البرعى منذ عدة أيام فى المصرى اليوم .. وهى حالة الأديب المعروف مسعد أبو فجر، والذى اعتقلته الداخلية منذ عامين ولم تفرج عنه رغم صدور العديد من الأحكام القضائية، ولم يقل لنا أحد هل هو إرهابى أم ماذا؟!

بل إن الأمر وصل إلى المواطنين العاديين، فمنذ عام تقريبا تم اعتقال رجل بسيط لا علاقة له بالإرهاب أو السياسة، وكان السبب "غتاتة ظابط" وعندما استهجنت الأمر قال لى ببجاحة: من حقى.. طبقا لقانون الطوارئ.

الرجل، بعيدا عن "الرخامة" محق، فالداخلية يمكن أن تعتقل الشعب المصرى كله، مرة واثنين وعشرة، ويمكنها كما قال وزير الداخلية أن تتجسس على تليفوناتنا، و"اللى مش عاجبه ميتكلمشى" كما قال حبيب العادلى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة