بسمه موسى

الأجنحة المتساوية

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2009 09:30 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تهنئة حارة إلى نشطاء حقوق الإنسان وإلى المرأة السعودية ومنظمات المجتمع المدنى بها بمناسبة صدور القرار الملكى بأن تكون جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية جامعة مختلطة لأول مرة.

تقع الجامعة بالطائف ومخصصة لطلاب الدراسات العليا، صادف يوم الافتتاح اليوم الوطنى للمملكة العربية السعودية 23 سبتمبر 2009. يتوفر بالجامعة حاسوبا عملاقا تمت تسميته بشاهين من شركة IBM، وهو أسرع حاسوب عملاق فى الشرق الأوسط، والسادس فى العالم. وسيسمح للمرأة بقيادة السيارة داخل حرم الجامعة. وهذا القرار هو نتاج عمل وجهد الكثيرين فى إعلاء ثقتهم فى دور المراة فى المشاركة الفاعلة بالمجتمع السعودى جنبا إلى جنب بجوار الرجل فهى نصف المجتمع .أكرر تهنئتى للمرأة السعودية المكافحة الصبورة والشجاعة وإلى الملك عبد الله بفكره المستنير، وهى خطوة أولى فى بداية الطريق لحصولها على المزيد من الحقوق. وآمل أن تكون هذه الجامعة منارة إشعاع ثقافى بالسعودية، فالعلم نور. عندما علمت بهذا الخبر تذكرت دورة حضرتها فى إحدى سفرياتى لدولة أفريقية منذ تسع أعوام، وكانت أحد برامج تمكين المرأة بعنوان "الأجنحة المتساوية" وبالإنجليزية.

ُEqual Wings " " أقيمت الدورة للجنسين رجالا ونساء من كل طبقات المجتمع، وتحت الأشجار الوارفة الظلال حيث الطبيعة الساحرة والجو المعتدل. قسم المدربون الحضور إلى فريق رجال والمدرب له سيدة والفريق الآخر نساء والمدرب له رجل، وسمح لى بالمشاركة فى المجموعتين تبادليا، وكان البرنامج يشرح بطريقة مبسطة المساواة بين الجنسين. وماذا يجب على الرجل أن يفعله تجاه المرأة، وانتبهت إلى شرح المدربة لفريق الرجال عن الأجنحة المتساوية، فقد أحضرت صورة لطائر فارد جناحيه وسألت الرجال إذا كان هذا الطائر له جناح قوى والآخر عاجز وضعيف فعل سيستطيع أن يحلق فى السماوات العلا فأجاب الجميع لا، فردت: هذا الطائر هو يمثل الحياة الأسرية، أحد حناحيه الرجل والآخر المرأة، ولو ظلت المرأة بلا حقوق يقهرها الرجل بسطوته وقوته البدنية ولطالما بَقِيَتْ النساءُ محروماتٍ من الحصولِ على أفضلِ الفرصِ، سيبقى الرجالُ محرومين من الحصولِ على العَظَمَةِ التى كان يمكن أن تكونَ من نصيبِهم. ويقتضى هذا العصر ارتقاءَ النساءِ, فيقمن بوظائفِهن كلها فى مدارج الحياةِ, ويكونَّن مثل الرجال, ويجب أن يَصِلْنَ إلى درجةِ الرجالِ ويتساوَيْنَ فى الحقوقِ معهم حتى تستقيم الحياة.

كان المثل بسيطا ولكن رسالته كانت واضحة جعلت المشاركين من الرجال يتفاعلون ويقومون على خدمة السيدات فى هذا اليوم وسط ضحكات الجميع. وعلى الجانب الآخر، وجدت المدرب يتحدث للسيدات ويقرأ لهم شعر لأحد شعراء العامية الأفارقة وسأل السيدات هل تعرفون لماذا لم تخلق حواء من قدم الرجل ورد : حتى لاتكون أسفل قدمه فيدوسها، وأضاف لماذا لم تخلق المرأة من يديه ورد حتى لا تكون فى قبضته، ولكن خلقت من ضلعه لتكون بجوار قلبه الذى سيرعاها للأبد. وتعجبت أن شاعرا بسيطا كانت هذه هى قناعاته الراقية بالنسبة للمرأة.

بعد انتهاء الدورة التى استمرت يومين سألت أحد الشباب ماذا تعلمت من الدورة فرد أننى خرجت بمفاهيم جديدة لم أتربى عليها ولم أعيها من صغرى عن أن السلام الاجتماعى يأتى من مساواة الجنسين، ولذا ساقول لأمى وكل الأمهات حاذرن ألا تفرقوا فى التربية بين الجنسين لأنكن أحد أسباب التمييز ضد المرأة عندما تفرقون بين الولد والبنت . وقالت إحدى الشابات سوف أطبق مفهوم الأجنحة المتساوية مع أطفالى حتى يشبوا كشركاء فى مجتمع واحد يمدون أيديهم لبنائه من خلال منزل به الأجنحة متساوية فى الحقوق والواجبات.

إن تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، هو مطلب مهم من متطلبات السلام الاجتماعى، رغم أن الاعتراف بحقيقة ذلك لايزال على نطاق ضيق. إِنَ إنكار مثل هذه المساواة يُنزل الظلم بنصف سكان العالم، ويُنمّى فى الرجل اتجاهات وعادات مؤذيةٍ تنتقل من محيط العائلة إلى محيط العمل، إلى محيط الحياة السياسية، وفى نهاية الأمر إلى ميدان العلاقات الدولية. فليس هناك أى أساس خُلُقى أو عملى أو بيولوجى يمكن أن يُبرّر مثل هذا الإنكار. ولن يستقرُ المناخ الخُلُقى والنفسى الذى سوف يتسنّى للسلام العالمى النُموَّ فيه، إلا عندما تَدخُل المرأة بكل تِرحاب إلى سائرِ ميادينِ النشاطِ الإنسانى كشريكةٍ كاملةٍ للرجلِ.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة