محمد حمدى

مقاس 44

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009 07:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منتظر الزيدى خرج إلى النور، واستقبله زملاؤه استقبال الأبطال، وتقريبا كان يوم الإفراج عنه عيدا قوميا عربيا، من المحيط إلى الخليج، احتفاء بهذا البطل العراقى المغوار الذى ناضل دفاعا عن شعبه وألقى فردتى حذائه فى وجه الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، ولم تصبه.. لكن الزيدى حوكم وسجن وأطلق بعفو بعد قضاء ثلثى مدة العقوبة.

بوش كان يستحق أكثر من الضرب بالحذاء، لكن ما باليد الحيلة، فلم نستطع الوصول له بأى طريقة أخرى، وكفانا الأخ منتظر القيام بأى شىء آخر، حيث دخل هو وحذاؤه التاريخ من أوسع أبوابه.. وفى العراق الآن يتساءل الناس ماذا ينتظر منتظر؟

البعض يقول إنه سيتحول إلى العمل السياسى ويترك العمل الصحفى، وهناك منافسة بين عدة أحزاب وقوائم لضم الزيدى إلى قائمتها فى الانتخابات النيايبة القادمة فى العراق، والكل يريد الاستفادة من شعبية الزيدى.. وقد يصبح الزيدى وزيرا عند تشكيل الحكومة العراقية عقب الانتخابات البرلمانية العام المقبل.

الزيدى سيحظى أيضا بشعبية وحفاوة ودرجات البطولة الكاملة، وربما عروض زواج من مراهقات، ودعوات زيارة معظم الدول العربية والظهور فى ندوات واحتفالات وتكريمات من المحيط إلى الخليج، بينما المقاومة العراقية الحقيقية التى ناضلت ضد الاحتلال الأمريكى للعراق لا يعرف أحد أسماء من صنعها أو وقف خلفها أو مولها أو دعمها أو من ضحى بحياته ليفجر نفسه فى ناقلة جنود أمريكيين.
الزيدى سيحظى بكامل الأضواء العربية، بينما فى فلسطين المحتلة مناضلون حقيقيون بعضهم أطفال فى عمر الزهور ضحوا بطفولتهم وتركوا ألعابهم ولهوهم وتحولوا إلى فدائيين ومناضلين واستشهاديين.. وهؤلاء هم البطال الحقيقيون الذين يجب أن نحتفل بهم.

منتظر الزيدى صحفى مثلى، والصحفيون يناضلون بأقلامهم، لأن فى الكثير من الأحيان قد تكون الكلمة أقوى من أى سلاح، لكن حين يصبح حذاء الصحفى أقوى من قلمه فهذا يعنى بلا شك وجود شىء ما فى طريقتنا فى التفكير وفى تعاملنا مع الأمور.

حين خرج الزيدى من سجنه تحدث فى مؤتمر صحفى عالمى نقلته كل تليفزيونات العالم، وقد توقفت أمام عبارة واحدة قالها وهو يصف لماذا فعل هذا ببوش ولماذا قذفه بالحذاء معتبرا أن ما قام به مواجهة!

من حق الزيدى الاقتناع بما يرى والتعبير عن قناعاته بالكلمة أو الجذمة.. لكن من حق البعض إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح لأن معركة الحذاء مقاس 44 لم تحرر بغداد من الاحتلال ولم تدفع القوات الأمريكية إلى الانسحاب من المدن العراقية حتى الآن.. وفى أفضل الأحوال لم يمثل حذاء الزيدى أكثر من محاولة إهانة بوش، الذى احتاج الكثير من الوقت ليفهم الهدف من الأحذية الطائرة.

وحتى نعود للتفكير بعقولنا بدلا من بطوننا.. وإلى النضال بالأسلحة بدلا من الأحذية.. وحتى نعرف من هم الأبطال الحقيقيون.. مبروك علينا الزيدى.. وغيره من مناضلى الأحذية والمقاهى.. والفضائيات.. وحتى البارات!









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة