سعيد شعيب

جمال العروبة

الخميس، 06 أغسطس 2009 09:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال المهندس «جمال العروبة» أحد المسئولين والعاشقين لحديقة النباتات بثقة مبتسما: أهل أسوان كلمتهم واحدة، وقد صدق فعلا وانتظرنا المراكبى الشاب أكثر من الوقت المتفق عليه بكثير، حتى انتهينا من جولتنا فى هذه الحديقة البديعة، وأمام الفندق قال لى سائق التاكسى الذى أقلنى من وسط المدينة: أى فكة يا أستاذ. ولكنى لم أصدقه ونظرت إليه متشككا وأنا أخرج النقود فكرر مرة أخرى: أى حاجة، الحكاية بسيطة.

تدريجيا اكتشفت أن هذه طبيعة أهل أسوان، فليس لديهم ميل للجشع والاستغلال، وفيهم عزة نفس تمنحهم شموخا نبيلا، ويمنحونك طمأنينة غريبة وابتسامة دائما بشوشة. فالسائق سامى لا يمل من طلباتنا المزعجة ودائما يحافظ على مواعيده بصرامة مدهشة، ويعطيك بإخلاص النصائح التى تجعلك تجلس فى أجمل المقاهى وأرخصها، كما يشدد عليك أكثر من مرة بضرورة الفصال فى السوق «أحسن يفتكروكوا سياح»، والحقيقة أننا لم نكن نحتاج إلى هذه النصيحة الثمينة، فمعظم، إن لم يكن كل، الباعة لا يغالون كثيرا فى أسعار بضائعهم.

أسوان مدينة عجيبة تمنحك شعورا فوريا بأنك جزء طبيعى منها، لا تنفر منك ولا تعاملك بخشونة ولكن برفق وحنو كأنها تخصك وحدك وكأنها كانت تنتظرك، وكأنك واحد من محبيها الذين ضاعوا وتاهوا فى مدن أخرى لا ترحم.

كل شىء فى أسوان يمكن أن تأخذ منه كفايتك، شمس واضحة لا تغيب عن أى مكان، عن البيوت المتناثرة على الجبال والتلال، النور يتوزع بين الناس بالعدل، والهواء يطير حرا إلى كل مكان لا يعوقه أى شىء، ناهيك عن سحر النيل فيها، والذى يختلف عن أى منطقة أخرى، هنا صاف وفيه بكارة منحته إياها الصخور المتناثرة فى مجراه والآثار العظيمة للفراعنة على ضفافه.

أسوان مدينة يمكنك أن ترى فيها سماء عميقة وصافية، أفق لا نهاية له ولا يزاحمك فيه أحد، ويهدئ إيقاع الروح وتتأمل على مهل ما تاه منك فى الزحام... تنزع دون عناء ما علق بك وشوشك، تلمس نفسك وربما تحبها، وتأتيك وجوه من تحبهم وتتأكد بيقين قد يكون يائسا أنك وإن فارقت فأنت لم تفارق.. فالبعاد واللقاء، كلاهما شهقة حب.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة