براء الخطيب

أمريكا وإسرائيل.. ليلة الزجاج المحطم

الثلاثاء، 18 أغسطس 2009 02:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مقالته اليومية بـ"اليوم السابع" كتب الزميل الموهوب والصحفى اللامع "محمد حمدى" مقالاً بعنوان "أمريكا عالم ثالث.. مثلنا" ومع قراءتى للمقال راحت ذكريات السنوات التى قضيتها فى أمريكا تنداح فى ذاكرتى فاستحضرت ذاكرتى أول ما استحضرت متحف "الهولوكوست" الذى أسسه اليهود فى أمريكا لتذكير العالم بالمحرقة التى أقامتها ألمانيا النازية لليهود واندهشت أيما اندهاش من هجوم ذكرى "متحف الهولوكوست" كأول ذكريات تتداعى فى خيالى عن أمريكا.

لم أتذكر جمال الشوارع فى مدينة "آرلينجتون" بولاية "فريجينيا" ولا الازدحام الرائع فى نيويورك، ولا محطات وأنفاق المترو، ولا مطارات المدن العملاقة ولا البنايات الشاهقة ولا تمثال الحرية فى منتصف نهر هدسون، غابت كل هذه الأشياء واندفعت إلى ذاكرتى زيارتى الوحيدة لمتحف "الهولوكوست" وبدأت أحس - أقول أحس ولا أقول أفهم فقط – بما قاله "محمد حمدى": "أمريكا ليست أكثر من عالم ثالث، لكنه متحضر بعض الشىء، يسيطر عليها الإعلام الذى يحرك الأمريكيين كيفما يشاء، وقد انتقلت إلينا هذه العدوى مؤخراً فأصبح الإعلام هو الذى يشكل الرأى العام، لكننا لا نزال بعيدين جداً عن صناعة الأفكار واختراع المصطلحات الرنانة، كما يفعل الأمريكيون".

نعم وأنت فى أمريكا فإن الإعلام والإعلان يسيطران عليك سيطرة شبه تامة فـ"الإعلام" يسيطر على التفكير والعقل والوجدان والإعلان" يتحكم فى كل احتياجات البشر فيحدد لهم ماذا يأكلون ويشربون ويستهلكون أو ماذا يحبون وماذا يكرهون، وبما أن ذكرى متحف "الهولوكوست" هى التى طفت على سطح ذكرياتى عن أمريكا أثناء قراءتى لمقال "محمد حمدى"، فلا بد من الحديث عنها وعن سيطرة الإعلام الأمريكى الطاغية على كل البشر فوق الأرض الأمريكية وربما خارجها أيضاً.

ففى أواخر شهر ديسمبر من عام 2000 أى قبل الحادى عشر من سبتمبر 2001 طاردت القنوات الفضائية وقنوات "الكيبل" الأمريكية الجميع بالحديث عن القسم الجديد المسمى "ليلة الزجاج المحطم"، والذى تم افتتاحه بعد تجديده فى متحف "الهولوكوست" اليهودى فى وسط العاصمة الأمريكية "واشنطن" ولما كنت قد رفضت زيارة هذا المتحف قبل ذلك وسألت أحد الأصدقاء المصريين عنه، فقال لى بأنه لا معنى لرفضى دون أن أعرف عنه شيئاً وعندما دخلت المتحف توجهت إلى قسم "ليلة الزجاج المحطم" وقرأت ما كتبوه عنه فى لوحة كبيرة يحكون فيها ما حدث ما معناه أن ذلك قد حدث عام 1938 حين علم الألمان أن دول العالم لا تنوى التطوع لاستقبال أعداد كبيرة من اليهود، فتوصلوا إلى أن هدفهم الرئيس فى إقصاء اليهود عن ألمانيا سوف لا يتحقق بالوسائل "المشروعة" وحدها، وعليه، قرروا تصعيد أعمال العنف والإرهاب ضد اليهود.

واستغل القادة الألمان اغتيال الموظف فى السفارة الألمانية فى باريس على أيدى شاب يهودى يدعى هيرشل جرينشبان لإطلاق المشاغبات التى عرفت فيما بعد بليلة الزجاج المحطم، حيث أقدم مشاغبون خلال ليلة التاسع من نوفمبر عام 1938، وفى جميع أنحاء ألمانيا على تحطيم زجاج نوافذ بيوت اليهود وواجهات محلاتهم التجارية، بالإضافة إلى نهب الممتلكات اليهودية وإضرام النار فيما يتجاوز 250 كنيساً يهودياً، وخلال تلك الليلة تعرض آلاف اليهود للضرب والإهانة، وقُتل وجُرح العشرات، وخلال تلك المشاغبات تم تدمير أكثر من 7500 عمل تجارى وإرسال نحو 30 ألفاً من اليهود إلى معسكرات الاعتقال النازية".

كان العشرات من اليهود زائرى المتحف يقفون أمام لوحة "ليلة الزجاج المحطم" يذرفون الدموع دون أن يشعروا ولو لحظة واحدة أنهم هم اليهود الذين كانوا السبب فى هذا الذى حدث – إن كان قد حدث فعلاً ـ فهم الذين كتبوا بأنفسهم بأن ما حدث إنما حدث بفعل وتأثير كرد فعل لما فعله الشاب اليهودى القاتل "هيرشل جرينشان" عندما قتل الموظف الألمانى فى سفارة ألمانيا فى فرنسا، فعندما يقتل اليهود البشر لا يتصورون أن من حق أهل القتلى أن يحتجوا عليهم ولو بتكسير زجاج محلات وبيوت القتلة، وهكذا رأينا القتلة اليهود يذرفون الدمع على زجاج بيوتهم التى حطمها أهل القتيل احتجاجاً على قتل اليهود لمواطن يعمل موظفاً فى سفارة دولته فى دولة أخرى. لم أستطع إكمال الجولة فى متحف "الهولوكوست" وشعرت بخنقة رهيبة قرفاً مما رأيت وقرأت من قلب للحقائق، فكيف لقاتل يعرف أنه قاتل ولا يريد عقاباً أو حتى احتجاجاً بتحطيم زجاج بيته؟.

وهكذا حول اليهود الأمريكان جرائمهم فى حق كل الجنسيات إلى نصب تذكارية تزيف التاريخ ليظهروا للعالم فى ثوب الضحية، بالرغم من أنهم هم من بدأوا القتل وعادوا ليقفوا أمام النصب التذكارية المزيفة التى صنعوها ليذرفوا أمامها دموع التماسيح فى محاولاتهم الدائبة لابتزاز العالم أجمع يساعدهم كل الإعلام الأمريكى الذى يسيطر على كل الإعلام الغربى وربما العالمى، فهذه هى الحضارة الأمريكية التى يقودها يهود العالم سواء فى إسرائيل المتأمركة أو فى أمريكا المتصهينة، فهكذا هو الإعلام الأمريكى المتصهين الذى يحول قتله للعراقيين إلى "حماية العالم من الإرهاب" وهكذا هو الإعلام الإسرائيلى المتأمرك الذى يحول قتله للفلسطينيين إلى بكاء على زجاج بعض بيوت الصهاينة التى حطمتها صواريخ "القسام" الحماسية الورقية الكرتونية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة