سعيد شعيب

جمال سى العربى

الإثنين، 27 يوليو 2009 10:27 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان لدى شعور بأن صديقى جمال سى العربى - رحمه الله - ضد الموت، كلنا سنموت عاجلا أو آجلا، ولكنى كنت أتصور- أستغفر الله ولا راد لقضائه جل جلاله - أن جمال سيكون الأخير فى قائمة الموتى.

فى عزائه منذ عامين تقريبا ظللت أسأل نفسى: لماذا صاحبنى هذا الشعور طوال معرفتى به؟

سى العربى جاء للقاهرة منذ حوالى 20 عاماً هرباً من الموت فى الجزائر، كانت بلده تغرق فى عنف دموى قاده إرهابيون وعناصر من السلطة الحاكمة، وكان اسمه على قائمة المقتولين، وبعد أن راح الكثير من أصدقائه الفنانين والكتاب ضحية القتلة الإرهابيين، وبعد ضغوط وضغوط عنيفة قرر أن يعيش فى مصر.

وبإصرار ودأب استطاع أن يجد المكانة اللائقة بموهبته الفذة كفنان تشكيلى ورسام كاريكاتير، وأصبح بحضوره الحار صديقاً للكثيرين والكثيرين، صديقاً حميماً وليس عابراً، فهو صنف من البشر لا يمكن إلا أن يترك أثراً لا يزول.

ولكن لماذا كنت أشعر دائما أنه ضد الموت؟
ربما لسببين، الأول أنه يحمل فى قلبه الشعلة المقدسة للحياة، هذا الوهج القادر على صناعة البهجة والجمال والتمرد، ولكن ليست أى بهجة وأى جمال، وهذا هو السبب الثانى، أن جمال رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، كانت روحه تشبه روح الجبال والوديان، جمال طازج وبهجة برية، الخشونة أحياناً جزء من جمالها، إنه الجمال البسيط ولكنه عميق. جمال كان واضحا كالصخور، بدون لبس، بلا تركيب ولا تعقيد، كالشلالات، إنه الجمال الخالص، إذا استسلمت له، إذا استسلمت للطبيعة، للغابات، ستكتشف تحت هذا السطح ينساب ماء رقراق وبراءة طفولة، بصيرة نافذة وحدس خارق، هو فى الحقيقة البوصلة التى كانت تحرك جمال رحمه الله.

كان فنانا كبيرا وإنسانا كبيرا، كان مثل الحياة التى اختزلها فى قلبه، مثل الطبيعة البكر، فى تدفقها وحزنها وفرحها، حرارتها، بردها.

رحم الله جمال ورحمنا من حسرة الفقد، فقد تاه من أحببناهم فى زحام قاسٍ لا يرحم.
ما يخفف على القلب أننا حتما سنراهم إن لم يكن هنا، فهناك فى دار الحق.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة