محمد منير

اللامنتمى

الأربعاء، 22 يوليو 2009 08:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أقصد ما كتبه الكاتب الإنجليزى "كولن ويلسون"، ولكن زميلنا فى المهنة ورئيسنا فى العصر والزمن "حمدى رزق" قلّب علىّ المواجع فى مقاله "المنتمى"، الذى تحدث فيه عن أن الرئيس مبارك هو أفضل الرجال الذين صانوا مبادئ ثورة يوليه، وأنه المنتمى الحقيقى لهذه الثورة، وذلك لإنجازاته الكثيرة التى عددها الكاتب، والتى تنبع من التزامه بمبادئ الثورة وأهدافها!

أنا ممن يعيشون فى العصر الذى يتحدث عنه، ربما أعذر زميلى فهو مشغول بأمور كوكبية عليا وليس لديه وقت للمشاهدة المتأملة مثل "الشوارعية" أمثالى، وأنا واثق أنه إذا تأمل سيكتب، فلا شك لدى فى نواياه الحميدة التى طالما أطلت علينا من بين كلماته المنتشرة فى الإعلام المطبوع وغير المطبوع .

يتحدث زميلى فى مقاله عن العدل الاجتماعى والاقتصادى الغارقة فيهما البلاد، وأحدثه عن الجوع والفقر الذى خرج من ستر البيوت إلى جهر الشوارع متمثلاً فى الشحاذين والبلطجية وأطفال الشوارع والدجالين والكادحين 20 ساعة عمل لا يحصلون مقابلها على أجر إلا ما يوزاى ربع ستر، فى مقابل مشاهد الأثرياء بلا حدود التى يظهرون فيها ينفقون على ملذاتهم بالملايين وربما بالمليارات .. يرافقون النساء عشقاً وقتلاً بملايينهم ، ينصبون ليالى ألف ليلة وليلة، يأكلون فيها ويشربون حتى التخمة فى عروض استعراضية جمهورها من الفقراء والجوعى.

يتحدث عن الرعايا الصحية وأحدثه عن طوابير شحاذة العلاج أمام مبنى الإهانة أقصد العلاج على نفقة الدولة، وعن التأمين الصحى الذى خُرب عن عمد، وعن الدواء الذى يتجاوز سعر جرعة منه دخل مواطن يعمل منذ عشرين عاما، وعن الأوبئة التى لا تجد مناخا ملائما لها إلا فى مصر التى قفزت إلى المرتبة الأولى فى الإصابة بأنفلونزا الطيور خلال عامين، بعد أن كانت من الدول الآمنة من الإصابة والتى أيضا شهدت أول حالة وفاة عربية بأنفلونزا الخنازير. أحدثه عن "الخرابات" المنتشرة فى أحياء المعمورة وما بها من مخلفات تهدد بالطاعون والأمراض..وسط أجهزة إدارية مرتشية فاسدة لا تهتم إلا بمتابعة مخالفات المبانى الكثيرة ليس بغرض مواجهتها وانما باعتبارها حسنة مخفية.

أحدثه عن الطعام الملوث الذى لا يوجد غيره أمام الفقراء، أما الأغنياء فلهم فى "الاورجانيك" باهظ التكاليف ملاذا ومخرجا، هذا الطعام الملوث بالأسمدة والمبيدات الفاسدة والمسرطنة والتى صدرها إلينا مجتمع الصفوة من المنتمين (كما يراهم صديقى) زادنا مرضا وقربا من الموت وزادهم ثراء، أحدثه عن الفرق بين تدريبات الأثرياء من المنتمين فى النوادى الكبرى وبين التدريبات النفسية للفقراء لاستيعاب الموت الحتمى المقبل.

يتحدث عن دور مصر الرائد فى المنطقة العربية وأحدثه عن تحول مصر إلى معمل أمن تُحضر فيه كل عمليات الإجهاز على وحدة الأمة العربية .. والتفاصيل كثيرة . يتحدث عن التعليم المجانى وأحدثه عن فشل التعليم وجلوس التلاميذ فى المدارس الحكومية على الارض ووصول كثافة الفصل الى 90 تلميذ وانتشار الدروس الخصوصية الباهظة التكاليف بإعتراف أوائل الثانوية العامة وتحول العملية التعليمية من عملية تثقيفية الى تدريبات اكروباتية للحصول على أعلى درجات .. احدثه عن الجامعات المفتوحة التى أصبحت طريق لأعطاء تصاريح للفاشلين من أبناء الاثرياء للمرور الى المجتمع كأطباء ومهندسين وعلماء ينشرون الفساد والدمار والتخريب .

يتحدث عن حرية القلم والكتابة وحصانة الكتاب .. وأحدثه عن التخريب بالأساليب الحديثة لمجتمع الفكر، هذه الأساليب التى أعطت الأموال لبعض ممن كانوا فى ذيل هذا المجتمع، وصعدت بالتافه ومعدومى الموهبة لريادة مجتمع الفكر والصحافة والثقافة، وأغلقت الطريق أمام المواهب الحقيقية، لتنهار بنية المجتمع الثقافى والفكرى.

معذرة زميلى أنا أكتب على عجالة لأنى مرتبط بزيارة جار لى يبلغ من العمر30 عاما ملقى فى أحد المستشفيات الحكومية ينتظر الموت، فهو ليس من الفئة التى يمكن أن تعالج مرضها الخبيث.

حدثتك عن بعض قليل من كل كثير لم تسمح ظروفى أن استكمل الحديث حوله .. فما هو الفرق الآن من وجهة نظرك بين المنتمى لمشروع قومى أجهضته يد السفهاء وبين اللامنتمى، ليس فقط لهذا البلد وإنما للإنسانية، فأضاعنا وألقى بنا إلى هذا المصير الأسود.


موضوعات متعلقة:
المنتمى..








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة