محمد حمدى

اغتيال القضاء

الخميس، 02 يوليو 2009 01:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى 27 أغسطس عام 2006، أجرى الرئيس حسنى مبارك تعديلا وزاريا مفاجئا، خرج بمقتضاه وزير العدل السابق المستشار محمود أبو الليل، وحل محله المستشار ممدوح مرعى الذى كانت فترة رئاسته للمحكمة الدستورية قد انتهت قبلها بعدة أشهر، وجاء من منزله إلى وزارة العدل.

وكالعادة لم تعلن أسباب التغيير، فانفتحت الأبواب على مصراعيها للاجتهادات، ومنها القول إن المنصب مكافأة للمستشار مرعى الذى أشرف على الانتخابات الرئاسية بحكم رئاسته للمحكمة الدستورية، ولم يعرف أحد لماذا حدث هذا التغيير؟.. أو لماذا جاء مرعى للوزارة؟.. وهل ما حدث مكافأة أم لا؟

وكان يفترض بالمستشار مرعى العمل على تهدئة القضاة، وإشاعة أجواء الثقة مرة أخرى بينه وبينهم، عقب أزمة تعديل قانون السلطة القضائية وما صاحبها من احتجاجات ومسيرات للقضاة بملابسهم الرسمية فى شارع عبد الخالق ثروت، لكننى أظن أن المستشار مرعى جانبه الصواب كثيرا، وتسبب فى العديد من المشاكل داخل الهيئة القضائية بحيث جعل القضاء غير مستقر على الإطلاق.

أحدث أزمات مرعى تمثلت فى اقتراح جديد ينوى إدخاله على قانون السلطة القضائية يعدل بمقتضاه تشكيل المجلس الأعلى للقضاء فى مصر، بحيث يضم إليه أربعة أعضاء جدد هم رؤساء محاكم استئناف الإسماعيلية والمنصورة وشمال وجنوب القاهرة، وهو ما اعتبره القضاة تدخلا من الوزير فى أعمال السلطة القضائية، حيث إنه من يعين رئيسى محكمتى شمال وجنوب القاهرة ويعزلهما.

ويقول القضاة الذين قرروا الدعوة لجمعية عمومية طارئة لنوادى القضاة فى مصر، إن أى تدخل من السلطة التنفيذية فى شئون السلطة القضائية هو أمر مخالف للدستور الذى حدد سلطات الدولة ونص على ضرورة الفصل بين السلطات.

لذلك ليس من حق المستشار ممدوح مرعى أو غيره من السلطة التنفيذية التدخل فى تشكيل المجلس الأعلى للقضاء الذى هو أعلى سلطة قضائية فى البلاد، وتكون عضويته حسب الأقدمية المطلقة بين قضاة مصر، وهو تقليد مستقر منذ عشرات السنين، الهدف منه الحفاظ على حيادية واستقلال القضاء المصرى.

ولا أعرف ما هى الدوافع الحقيقية التى تدفع وزير العدل للتدخل بهذا الشكل فى شئون القضاء ومحاولة التأثير عليه، والتحكم فى عضويته واللعب فى تشكيله، وعلى ما يبدو فإن وزير العدل لا يعرف الحدود الفاصلة بين السلطات فى الدستور، وينسى أنه لم يعد قاضيا وإنما وزيرا ينتمى للسلطة التنفيذية وليس للسلطة القضائية ولا وصاية له عليها بأى حال من الأحوال.

ووفقا لتحركات القضاة فى كل ربوع مصر أعتقد أننا مقبلون على أزمة لا تقل فى شدتها عما شاهدناه خلال تعديل قانون السلطة القضائية، لأن الرسالة التى خرجت من الأزمة الأولى ومن افتعال أزمات متتالية وآخرها إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء، تشير بما لا يدع مجالا للشك أن موضوع استقلال القضاء غير مرحب به فى الدولة المصرية، وأن هناك إصرارا دائما على المس بالقضاء ومحاولة القضاء على استقلاله وجعله تابعا أو يدور فى فلك السلطة التنفيذية.

وأيا كانت النتيجة التى ستنتهى إليها هذه الأزمة، فالأكيد أن القضاء المصرى الشامخ فى خطر، مما يدعونا للتساؤل عن السبب فى محاولة القضاء على حيادية السلطة القضائية ونزع ثقة الناس منها، خاصة وأنها الملجأ الوحيد فى هذا البلد الذى يلجأ إليه المظلومون لرفع الظلم عنهم، أو نيل بعض الحقوق الغائبة والصعبة وما أكثرها. أرجوكم ارفعوا أيديكم عن القضاء، لأن القضاء عليه يجعل العدالة فى خطر، ويعنى نهاية للوطن بأسره.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة