محمد حمدى

أزمة الإسلام السياسى.. وليس سقوطه

الإثنين، 29 يونيو 2009 01:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على موقع اليوم السابع، كتب الأستاذ مدحت قلادة مقالاً مهماً بعنوان "سقوط الإسلام السياسى"، ومع تقديرى الشديد للكاتب واحترامى له، لكن فرضية سقوط الإسلام السياسى فى المنطقة لا تبدو مقنعة، أو يمكن الاستناد إليها فى إطلاق حكم جامع، رغم الأزمات الداخلية التى عانت منها جماعات وحركات ودول مؤخراً مثل الإخوان الملسمين وحماس وإيران، علاوة على تراجع حصيلة الإسلاميين فى الانتخابات البرلمانية الكويتية، والانتخابات البلدية فى المغرب.

وفى تصورى أن حركات الإسلام السياسى الساعية إلى إقامة دول دينية فى المنطقة تعانى صعوبات هذه الأيام، بعضها من داخل تلك الجماعات نفسها، والبعض بفعل المواجهات المستمرة مع النظم السياسية، والبعض راجع إلى رياح الاعتدال فى العالم التى ترافقت مع وصول رئيس معتدل فى الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن هذه الصعوبات والتحديات الداخلية والخارجية لا تعنى بالضرورة سقوط الإسلام السياسى السنى أو الشيعى، لأن عوامل قيام وصعود هذا التيار السياسى الكبير فى العالمين العربى والإسلامى لا تزال قائمة، وعلى رأسها غياب حل عادل للقضية الفلسطينية، جوهر الصراع الدينى فى الشرق الأوسط، واستمرار شعور المسلمين بازدوجية تعامل المجتمع الدولى مع قضاياه، رغم بعض التغيير الذى نلحظه، وخاصة فى الموقف من الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، لكن هذا الرفض لم يتحول إلى ضغط فعلى وقوى ومؤثر على إسرائيل.

ويتضافر مع هذه العوامل استمرار غياب الديمقراطية عن عدد غير قليل من البلدان العربية والإسلامية، مع أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة، وازدياد معدلات الفقر، واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء مما يخلق حالة من التوتر الاجتماعى ينشط فيها الإسلام السياسى، بطروحاته عن دولة العدالة الاجتماعية التى لا توفرها النظم الحاكمة فى الشرق الأوسط.

أتصور أيضا أن الاسلام السياسى يعانى من تراجعات حقيقية، لكنها لم تصل بعد لمرحلة هزيمة مشروعها بشكل كامل، لأن هذه الحركات لا تزال ناشطة على الأرض بشكل كبير. واستطاعت خلال السنوات الماضية تكوين شبكات كبيرة ومتشعبة من الناشطين فى تلك الجماعات، والذين يرتبطون بشبكات مصالح، إضافة إلى وجود تنظيم اجتماعى واقتصادى كبير ينتشر فى المناطق الشعبية والأحياء الفقيرة، ويقدم مساعدات اجتماعية واقتصادية تجعل جمهوراً كبيراً يرتبط بتلك الحركات ويصوت لها فى أى انتخابات برلمانية أو محلية.

أنا شخصياً أرصد بعض ملامح تراجع حركة الإخوان المسلمين فى الشارع، وبين النخب، فقد تراجعت حصة الإخوان فى آخر انتخابات نقابتين مهنيتن مهمتين هما الصحفيين والمحامين والأخيرة بالذات كانت وطوال أكثر من 20 عاماً تمثل أحد المعاقل الأساسية للإخوان فى مصر، لكن هذا التراجع يمكن اعتباره مؤشراً على تغيير يحدث فى مزاج الطبقة الوسطى فى مصر، ولا يمكن القياس عليه بين الفقراء الذين يمثلون السواد الأعظم من الناس.

ورغم عظيم احترامى لوجهة نظر الأستاذ مدحت قلادة، لكننى أرى بعض التراجع للإسلام السياسى يمكن لأنصار الدولة المدنية البناء عليه، لكنه لا يصلح كحكم شامل مانع عن انهيار هذا التيار وهزيمة مشروع الدولة الدينية فى الشرق الأوسط.

وطالما ظلت إسرائيل كدولة دينية يهودية قائمة فى المنطقة، فإن العمل على إقامة دول دينية إسلامية فى مواجهتها سيظل قائماً، رغم أن إسرائيل نفسها تواجه صراعاً داخلياً بين كونها دولة دينية أو دولة مدنية بين اليهود المتدينين والعلمانيين، لكن الإسلام السياسى وحلم الدولة الدينية سيظل فى جانب كبير منه مرتبط بوجود إسرائيل كدولة دينية يهودية، وإيران كدولة دينية شيعية.

وفى هذه الحالة ستظل حماس كحركة دينية موجودة على الساحة الفلسطينية، وسيظل حزب الله فاعلاً ومؤثراً على الساحة اللبنانية، وستظل حركة الإخوان الملسمين وامتدادتها حاضرة على الساحتين المصرية والعربية تتقدم هنا وتتراجع هناك. لكن لا يمكننا الجزم حتى هذه اللحظة وفى ظل المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية أن الإسلام السياسى فى المنطقة قد تعرض للهزيمة، أو سقط بالفعل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة