محمد حمدى

انتخابات.. بجد!

الخميس، 28 مايو 2009 03:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلال يومين متتاليين تعيش مصر عمليتين انتخابيتين، الأولى انتخاب مجلس إدارة نادى الزمالك، والثانية انتخاب مجلس إدارة نقابة المحامين، والمثير أنهما تحظيان باهتمام إعلامى بالغ يفوق حتى ما نخصصه من اهتمام لانتخابات مجلس الشعب، رغم أنه قمة العملية الديمقراطية وهو المنوط بالتشريع ورقابة الأداء الحكومى، ومع ذلك لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام الإهلامى أو الشفافية والنزاهة المفترض توافرها.

منذ ثلاثين عاما بالتمام والكمال بدأت، ليس فقط متابعة الانتخابات البرلمانية، وإنما الانخراط فيها، بحكم ترشح والدى عن دائرة مركز المحلة الكبرى، حيث كان عمرى سبعة عشر عاما، لكننى وجدت نفسى داخل مطبخ عملية انتخابية شرسة، شاهدت فيها كيف يتم منع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم فى قرى كاملة يتم تسويد أصواتها، كما رأيت استخدام العنف وإطلاق النار وقتل الناخبين للتأثير على العملية الانتخابية، فى الوقت الذى كنت فيه شاهدا على عمليات تزوير واسعة فى عدة انتخابات خلال مراحل الفرز وحتى إعلان النتيجة.

وخلال المتابعة والمشاركة فى سبعة انتخابات برلمانية منذ 1979 حتى 2005، أقولها بكل صراحة ووضوح وحسم، لم أشاهد انتخابات نيابية فى مصر تتسم بالنزاهة، والحياد المطلق بين جميع المرشحين، ولم تخلو أى انتخابات من تدخلات حكومية، وعنف من معظم الاتجاهات السياسية بما فى ذلك التيارات الدينية، وهو أمر يدعو بلا شك "للكفر" بأى انتخابات فى مصر، لأنها لا تعبر تعبيرا دقيقا عن رغبات واتجاهات المواطنين، وربما لهذا السبب يعتبر تصويت المصريين فى الانتخابات العامة هو الأدنى على مستوى العالم.
وحين اشتغلت بالصحافة أتيح لى لأول مرة المشاركة عام 1993 فى انتخابات نقابة الصحفيين، لأجد نفسى أمام وضع يختلف كل الاختلاف، فلا مجال لتسويد البطاقات، أو العنف حتى القتل، ورغم تدخل بعض التيارات السياسية، حكومة ومعارضة وإخوان، فإن القرار النهائى فى أيدى الصحفيين أنفسهم أصحاب المصلحة الحقيقية سواء كان هذا الاختيار موفقا أم لا.

فى نادى الزمالك مثل كل الأندية الرياضية الأخرى انتخابات تجرى بشفافية مطلقة، وتخضع لرقابة أعضاء النادى، صحيح أنها لا تخلو من تدخلات من الجهة الإدارية للضغط بطرق شتى لإنجاح مرشح على حساب آخر، أو تعمد حل مجالس الإدارات غير الموالية، لكن يظل القضاء هو الفيصل الذى تنفذ أحكامه فى النقابات والنوادى، بينما تقارير محكمة النقض حول صحة عضوية النواب غالبا ما يتم حفظها بدعوى أن المجلس سيد قراره.

والسبت سنرى أيضا انتخابات نقابية مختلفة فى نقابة المحامين، ترفع فيها شعارات سياسية متعددة، وتتدخل فيها الحكومة والإخوان بشكل لافت، لكن يبقى القرار النهائى فى ترجيح قائمة على الأخرى مرهون على إرادة المحامين أنفسهم.

فى النقابات والأندية الرياضية عرس ديمقراطى حقيقى، بما يعنى أننا نمتلك مجتمعا مدنيا حيا، حريصا على ممارسة حقوقه، وانتخاب من يمثله، لكن هذا المجتمع الحى سرعان ما يصاب بالسكتة السياسية حين يتعلق الأمر بالانتخابات النيابية، وحين يتعلق الأمر بانتخابات مجلس الشعب المقرر إجراؤها نهاية العام القادم، ستعود ريما لعادتها القديمة، وسيخصص لكل رئيس حزب ساعة فى التليفزيون، ولن نجد مناظرات سياسية، أو حوارات كالتى تجرى على كل الشاشات الخاصة والعامة بين المرشحين.
وستعود كل الظواهر الانتخابية السلبية بداية من التزوير، وحتى العنف وقتل الناخبين، وكالعادة سيأتى برلمان جديد لا يعبر عن الشعب تعبيرا دقيقا وأمينا، ثم سنسأل أنفسنا كالعادة: لماذا لا يقبل الناس على صناديق الاقتراع؟
الإجابة معروفة للجميع وهى تتلخص فى عدة كلمات: انتخابات حرة نزيهة تجرى فى شفافية، وتحافظ على تكافؤ الفرص.. لكن لا يبدو أن أحدا من السياسيين فى هذا البلد على استعداد لتنفيذ ذلك أو تحمل نتيجة انتخابات حرة حقيقية لمرة واحدة فقط.











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة