أكرم القصاص

نحن لا نأكل الضفادع

الخميس، 14 مايو 2009 09:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أذكر أيام الجامعة أننى وصديقى ميشيل، دعانا زميل آخر والده دبلوماسى لدولة أفريقية كان قادما من فرنسا، فقرر الترحيب بنا وتقديم أفضل طبق عنده وأحضره وسألناه عما هو؟ فرد بفخر: شوربة ضفادع.

فصمتنا ولم أستطع الاقتراب منه، وقلت له نحن لا نأكل الضفادع، فقال أنا مسلم والضفادع غير محرمة. وكان شعور ميشيل بالقرف أشد منى، ولم أستطع قبولها واستبدلها لنا بدجاج لم نتناول منه شيئا لأنه قدمه لنا فى طبق ظننا أن به آثار ضفادع.

هكذا اشتركنا أنا وميشيل فى رفض الضفادع مع أنها غير محرمة، لا فى الإسلام ولا فى المسيحية، لأننا اعتدنا ألا نأكلها، وكان هناك من يصيدها ويصدرها لفرنسا ودول أوروبية بأسعار محترمة. وكان صديقنا يحدثنا عن لذة شوربة الضفادع وروعة لحم السحالى المشوى. وفائدة لحم الثعابين البرية. وكنا نجلس أمامه فاغرى الفم.

كنت قد سألت ميشيل يوما هل يختلف على اللحم العادى، ففاجأنى بأنه لا يأكل لحم الخنزير، فبادرته: هل تحرمونه؟ فرد: لا لكنى نشأت فى مكان لاخنزير فيه، ولم اعتد عليه.

الضفادع والدود والثعابين والسحالى والجراد والخيل والفيلة وآلاف الحيوانات التى يأكلها غيرنا لا نأكلها مع أنها غير محرمة، وهو ما يجرنا إلى كون الأكل والشرب عادة أكثر منه عقيدة، وقد ترد محرمات أو تحليلات يلتزم بها المؤمن ثم تتحول وتختلط مع عقيدته مثلما جرى مع غاندى.

روى المهاتما غاندى فى مذكراته كيف وهو شاب صغير أغراه صديق له عاص وزنديق بالنسبة للهندوس وأخذه فى مكان سرى قدم له طبق لحم وقال له إن اللحم يقوى جسدك وقلبك. وبعد تناوله أصابه غثيان وانتابه شعور رهيب بالخطيئة والعصيان والعار. نفس الأمر ربما يشعر به مسلم مؤمن يتناول لحم الخنزير.

فكرة التحليل والتحريم لاعلاقة لها عقليا بنوع المحرم، فالهندوس يحرمون أكل لحوم البقر، ويعتبرون أكلها عصيانا، وربما يتساءل البعض: هل لدى الهندوس إله؟ ونقول نعم لديهم إيمان بإله ولديهم معتقدهم الدينى الذى يتوارثونه جيلا بعد جيل. نحن لا نعرف أو لا نهتم بأن نعرف عنهم شيئا، مثلما لم يعد المسلمون يعرفون عن المسيحيين جيرانهم، ولا المسيحيون عن المسلمين.. مثلما كان آباؤهم وأجدادهم يعرفون. كانت المعرفة تقود إلى التقارب والاحترام المتبادل. فالمؤمن يحترم إيمان الآخرين، ويعرف أن الله وحده يحاسب البشر. أما الطعام والشراب فهما من أمور الحياة.

وبالتالى فقضية الخنزير لاعلاقة لها بالعقيدة وإن كان لها علاقة باحترام العقيدة، وقبلها احترام الآخرين، ولو جاء أجنبى وسخر من طعامنا فسوف نغضب، لو كان يسخر من المحشى، أو يهين الملوخية، أو الطعمية.. فسنغضب ويكون غضبنا وطنيا.
ميشيل بالقطع كان سيشعر بالضيق لو وصفت من يأكل الخنزير بسوء. مع أنه لا يأكله.

ونفس الأمر مع آلاف الأصناف التى لا نأكلها.. الضب مثلا الذى يأكله بعض السعوديين ولا نأكله. وفى العراق لا يأكل كثير منهم الحمام ولا الأرانب. ولدينا من يصاب بالقرف من أكل الأرانب. وفى اليمن يأكلون الجراد ويعتبرون موسم قدوم الجراد عيدا، بينما نحن لا نأكله ونعتبره خرابا.

ولحسن الحظ أن الدجاج كان أسبق للإصابة بالأنفلونزا من الخنازير، فقد خفف من اللوثة التى أصابت بعض التافهين ممن يجيدون اختلاق معارك فارغة لاعلاقة لها بالإيمان من بعيد أو قريب. ثم إن فكرة الربط بين الخنزير والأمراض غير منطقية، وإذا كانت خنازيرنا تأكل القمامة فإن خنازير أوروبا بيضاء ونظيفة ولها أطباء بيطريون يتابعونها والدودة الشريطية تصيب الخنزير والبقر والخرفان وغيرها مثل طفيليات أخرى تصيب دجاج أو غيره وأمراض مثل السالمونيلا.

لكنها الأنفلونزا العقلية، وهى بالطبع أخطر من أنفلونزا الطيور والخنازير.. وتجعل البنى آدم أهبل وبريالة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة