محمد منير

فات الميعاد

الإثنين، 11 مايو 2009 08:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من منا لم يصب بشعور الندم فى حياته ... أعتقد لا أحد .. فالندم هو بداية طريق التصويب والإصلاح والردة عن الباطل والعوده للحق .. ولكن ليس دائما الأمر كذلك، فعندما تتحول المشاعر والمعانى والكلمات إلى أدوات قهر وسلب للحريات والحياه فلن يصبح الندم حلاً ومخرجا، وسيكون قد فات الميعاد ولن يكون هناك أى أمل إلا فى اللطف فى القضاء وليس رده.

ضاقت مصر ولكن ليس بكل من عليها فأصبح الجوع شعورا يوميا مزمنا لمعظم الفئات والطبقات فى مقابل تخمة لصفوة تسعى لمزيد من التخمة.

تدهورت القيم الأخلاقية ليس فقط لدى العامة بحكم الضرورة وإنما لدى الخواص بحكم الرغبة فى مشاركة الصفوة تخمتهم.

عرفت الأمراض والأوبئة طريقها لمصر ولكن حاشا لله وبالله ليس لكل المصريين فمن بين 68 مصابا بأنفلونزا الطيور - مات منهم 25 - لم يعرف المرض طريقة لأى من الصفوة وأبنائها وكأن الفيروس موصوف للفقراء والعوام فحتى الأمراض والأوبئة انحنت فى ذل أمام الصفوة المتخمة.

العلم الذى كان لفترة كبيرة مملكة النابهين والمتفوقين من الفقراء عرف طريقه للصفوة المتخمة وأصبح أداة فى أيديهم يتزينون بها ويحملون من خلالها أعلى المراتب وتراجعت معانى التفوق والنباهة لتصبح ذكرى تدفن بجانب أصحابها من الفقراء.

دُفع التفه والجهال قصراً لريادة مجتمع المثقفين والعلماء والادباء وأقصى عنوة أصحاب المواهب والمعرفة .. فتحول الفكر وتحولت الثقافة فى مصر من جنة للإنسانية وسمو الروح إلى مصدر ومفرخ للأموال وتحولت لغة الأدب من التعبير عن المشاعر والآلام والأفراح إلى ترانيم تمجد أسياد من المسوخ.

تحولت مظاهر الأمل والفرحة والانطلاق لدى الشباب إلى يأس وخمول وحزن وانطفأ بريق عيونهم بعد أن فُرض عليهم طريقين لا ثالث له .. إما السير فى حلبة المُسبحين بحمد الاسياد المسوخ وإما مصير السلف من الجوع والعزل والنفى فى المكان.

أصبح مصير المصريين أسير فى يد قدر عابث يزهق أرواح أى عدد منهم فى لحظات دون أرق أو حتى ثمن.

تحول رجال الدين بكل عقائدهم إلى باباوات يوزعون الكلمات ووعود الرب ليس كعظات لرفع قيمة الإنسان والحفاظ على كرامته، وإنما كمخدر يسلب البشر إرادتهم فى الثورة والتحرر من المسوخ.

عندما يصبح الأمر كذلك فلا أمل فى أى إصلاح يحدثنا به مبررو ومثقفو ترانيم الحمد للمسوخ .. ولا أمل فى أى قواعد معيشية بين ناهب ومنهوب.

ليس هناك مجال حتى للندم الذى تحول إلى أداة لتبرير ما اقترفت يداكم وذريعة لبقائكم جولات أخرى من النهب والسلب للآمال، فقد فات ميعادكم.. أما نحن فميعادنا قريب جداً ولنا فى تاريخ ثورات المظلومين إسوة حسنة.

ليس أمامكم إلا محاولة إيجاد سبل للطف فى قضائكم الذى قد ترونه بعيداً ونراه قريبا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة