محمد حمدى

اتعلم .. يا وزير التعليم!

السبت، 04 أبريل 2009 01:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الباشمهندس الدكتور يسرى الجمل وزير التعليم رجل عصامى جداً، بنى نفسه بنفسه، وغير مساره المهنى أكثر من مرة، من مهندس صواريخ إلى خبير فى الطاقة النووية، ثم تكنولوجيا المعلومات، حتى يتوافق مع التوجه الحكومى فى عهد نظيف باختيار وزراء "أون لاين"، لكنه لم يستطع التطور وتعديل المسار ليصبح خبيراً فى التعليم، ربما لأن التعليم فى الكبر كالنقش على الحجر.

وبمناسبة الجدل الذى لا ينتهى حول تطوير التعليم قبل الجامعى، وما شهدناه من مؤتمرات شارك فيها عقول مصر وخبراؤها، ولم يأخذ أحد بآرائهم، أدعو السيد الوزير المهندس يسرى الجمل إلى عدم اختراع العجلة، والجلوس ليوم واحد فى مقاعد التلاميذ بالمدرسة البريطانية بالمعادى ليعرف كيف يعلم البريطانيون أبناءنا.

الأسبوع الماضى أقامت إدارة المدرسة يوماً تفاعلياً لأولياء الأمور لحضور اليوم الدراسى، فذهبت بصحبة زوجتى لمشاهدة ماذا يتعلم ابنى الأصغر فى السنة التمهيدية الأولى قبل التعليم الابتدائى.. وكيف يتلقى تعليمه، جلس أولياء الأمور داخل الفصول دون أن يشاركوا وبدأنا نتابع ماذا يحدث فى المدرسة.

بالمناسبة، كل فصل توجد به مدرستان، واحدة إنجليزية والأخرى مصرية، يبدأ اليوم الدراسى، والصغار يجلسون على سجادة على الأرض داخل الفصل مع المدرسات، وفى الوسط لوحات، يسحب كل طفل لوحة عليها اسمه، ثم يقرأون اللوحات الباقية.. هذه طريقة معرفة الحضور والغياب، وهى بالمناسبة أول درس ليتعلم كل طفل حروف اسمه.

المدرسة متلزمة أيضاً بقرارات اليونسكو بعدم تعليم الأطفال قبل الخامسة الكتابة، لذلك فهم يعتمدون على التعليم التفاعلى بالأغانى والرسم والتلوين والكمبيوتر، وحين حان وقت التعليم بالغناء سألت المدرسة كل طفل ليختار الأغنية التى يريدها ثم يقف الجميع ويغنون معاً وهكذا، فيتم تدريب الطفل على الحق فى الاختيار ثم على العمل الجماعى على مايختاره كل فرد.

الدرس التالى عن وسائل المواصلات، سألت المدرسة الأطفال من يعرف المواصلات التى تسير على الأرض، كل طفل يقول ما يعرفه، ثم انتقلت إلى المواصلات الجوية، ثم البحرية، قبل أن يقوم الجميع من على الأرض ليجلسوا على ثلاث موائد، اختار كل طفل المائدة التى يجلس عليها وفقاً لميوله، وعلى الموائد أوراق الرسم والتلوين بها وسائل المواصلات، أتوبيس تنقصه العجلات، طائرة بدون ذيل، مركب بدون مجداف، من يحب الرسم يكمل الشكل ثم يلونه على المائدة، ومن يحب العمل اليدوى يركب وسائل المواصلات من المكعبات، ومن يريد تمرينات الذكاء يبحث عن وسائل المواصلات المتشابهة ويصل بينها بخطوط.

هكذا يدور التعليم فى المدرسة من الحضانة، يتم تحديد الموضوع، ويبحث الأطفال عنه فى الكتب والإنترنت ويعودون بما كتبوه ليتناقشوا، لكل طفل وجهة نظر، قابلة للصواب والخطأ وتستحق المناقشة الجماعية.
سألت سؤالا بريئاً وساذجاً: أين المنهج؟
ردت المدرسة:هذا هو المنهج!
تساءلت مرة أخرى: أين الكتب؟
أجابت: إذا وضعنا له الكتب فماذا سيفعل الطفل؟ بهذا نصادر على حقه فى المعرفة والابتكار ونأخذ منه خياله.

بالمناسبة أيضا المدرسة تدرس اللغة العربية والدين، لكنها حين أرادت وضع المناهج استعانت بأستاذ فى جامعة الأزهر، لصياغة المحتوى العلمى، ثم عقدت دورة تدريبية لمدرسات العربى والدين للتدريب على الطريقة البريطانية فى التعليم.

لكن المثير أيضاً أن المناهج تحتوى منذ الصف الأول الابتدائى مادة عن حقوق الإنسان، وإضافة إلى الدين الإسلامى والمسيحى هناك مادة أخرى عن الأديان فى العالم، هى فى الأساس مادة ثقافية تعرف الأطفال الديانات السماوية وأهم ما تدعو إليه لأن المبادئ العامة فى كل الأديان واحدة.

هذه هى التجربة التى عشتها مع أصغر أبنائى، وبناء عليه أدعو وزير التعليم إلى الذهاب إلى المدرسة البريطانية والجلوس فى فصل لمدة يوم واحد، ليعرف أننا لم ولن نتعلم، وأنه ليس بحاجة لاختراع العجلة، فالتعليم الحقيقى موجود عندنا فى مصر، إذا أردنا فعلا إصلاح التعليم بالفعل وليس بالكلام أو المؤتمرات أواللجان.

ملحوظة: سيسألنى أحد القراء كيف تكتب فى مقالك الافتتاحى أنك كاتب سريح بينما أبناؤك يدرسون فى مدارس أجنبية؟
السؤال مشروع: ولن أجيب عليه بطريقة الشاعر أحمد فؤاد نجم فى قصيدته الرائعة بيان هام: "ده حقد اشتراكى أنا نقبلوش .. ولو هو ابنى مرحموش".. وإنما أقول إننى تنازلت عن كل شىء فى الحياة حتى امتلاك سيارة خاصة بعد 22 سنة صحافة، وقررت الاستثمار فى أبنائى، وتعليمهم تعليماً حقيقياً، يساعدهم فى مستقبلهم، وإن كنت أشك الآن فى قدرتهم على الاندماج مع خريجى التعليم الحكومى المجانى من أمثالى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة