محمد حمدى

فوبيا الجدار.. وحديث العار

الأربعاء، 23 ديسمبر 2009 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ ظهور الدولة الحديثة، بمفهومها القائم على الأرض والشعب والمؤسسات، اهتمت كل دول العالم بترسيم حدودها وحمايتها، سواء بأسلاك شائكة، أو بأنفاق، أو حتى بجدران، للحفاظ على الأمن القومى للدولة، والتصدى للتهريب، وتسلل البشر إلى أراضيها من غير المنافذ والإجراءات الشرعية المتبعة فى المناطق الحدودية.

وقد بحثت جيدا عن دولة لا تهتم بحدودها أو تخصص لها قوة من الشرطة والجيش لحمايتها فلم أجد، لذلك استغرب كثيرا ما تموج به مصر هذه الأيام من هجوم على الجدار الذى تبنيه مصر فى رفح على الحدود مع غزة.

وكانت حدود مصر الشرقية ولا تزال أهم مكان لتهريب المخدرات لمصر، ومن يذهب إلى سيناء سيلحظ بلا شك وجود العديد من السلع الإسرائيلية المهربة التى تباع فى الأسواق، وبعد تحرير سيناء بسنوات قليلة كان التهريب يشمل حتى السيارات المرسيدس الكبيرة!
ولا تزال فى سيناء مافيا تنشط فى تهريب الأفارقة إلى إسرائيل عبر الحدود، فى الوقت الذى تنشط فيه تجارة الأنفاق بين غزة ومصر، وقد سألت مسئولا أمنيا ذات يوم عن الأنفاق فقال فيما معناه، إنه يجرى التغاضى عن بعض ما يدخل عبر الأنفاق إلى غزة خاصة فيما يتعلق بالسلع الغذائية والوقود!

لكن بين مصر وغزة ذكريات لا تنسى خاصة حين اجتاح مئات الآلاف من الفلسطينيين الحدود فى يناير 2008 وظلوا فى مصر عدة أسابيع حتى أعادتهم السلطات، وشرعت فى إعادة بناء السور الذى حطمه الفلسطينيون، رغم إطلاق الرصاص على رجال الشرطة من الجانب الآخر، مما أدى إلى استشهاد بعض الجنود المصريين، وأذكر بأن حادثا مشابها على الحدود اليمينة السعودية أدى إلى أن تعلن الرياض الحرب على الحوثيين فى اليمن، ولم يقل أحد إنها حرب غير شرعية!

مصر تبنى جدارا داخل أراضيها على الحدود مع غزة، وهذا حقها سواء كان الجدار من الفولاذ أو الأسمنت المسلح، وسواء كان هذا الجدار فوق الأرض أو تحت الأرض فهو من أمور السيادة الوطنية، وهو ليس عارا أو مؤامرة كما يقول البعض.

وعلى الحدود بين مصر وفلسطين معبران الأول معبر العوجة التجارى وهو بين مصر وقوات الاحتلال، والثانى معبر رفح المخصص لعبور الأشخاص، وتحكمه اتفاقية المعابر الموقعة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، وتشهد عليه مصر والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، ولأن الطرف الفلسطينى الموقع على الاتفاق لم يعد موجودا فى غزة، تجرى مصر اتصالات مستمرة مع إسرائيل وتفتح المعبر فى أوقات متفرقة لعبور البشر، وتسمح فى نفس الوقت بعبور المساعدات الإنسانية التى تتواصل على القطاع.

ومنذ نحو عامين ومصر تطرح مبادرات عديدة لإعادة افتتاح المعبر، منها عودة ممثلين موظفين تابعين للسلطة الوطنية الفلسطينية لإدارة المعبر فى ظل السيبطرة الأمنية لحماس، ووافقت عليه السلطة، لكن حماس عرقلت الاتفاق.. فما هو المطلوب من مصر تحديدا لفعله، هل تهدم الحدود، أم تبنى السور للحفاظ على أمنها القومى.. هل تفرض سيادتها على أراضيها أم تستجيب لفوبيا الجدار وأحاديث العار؟!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة