سعيد شعيب

فراعنة تورينو

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2009 12:35 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان المشهد مهيبا، إيطاليون من كل الأعمار يتهافتون على الدخول إلى المتحف المصرى فى مدينة تورينو الإيطالية.. ثانى أكبر متحف فرعونى فى العالم بعد المتحف المصرى فى ميدان التحرير.. كنت فخورا حتى أننى قلت للموظفة أنا مصرى وهذه آثارنا.. هل منطقى أن أدفع من أجل رؤيتها؟

ضحكت من قلبها واحتفت بى أنا وزميلتى فى الرحلة الصحفية مروة حسين وصديقنا الإيطالى ماريو.. وفى النهاية دفعنا ثمن التذاكر. فى الداخل كانت المهابة والإجلال هى القاسم المشترك بين الزائرين، حتى مجموعات الأطفال الكثيرة التى التفت حول من يشرحون لهم عظمة هذه الدولة القديمة. وتساءل صديقنا الإيطالى ماريو مبهورا: كيف صنعوا كل ذلك قبل ميلاد المسيح بأكثر من 3 آلاف سنة، أى قبل أن يوجد أى شىء على أرض أوروبا؟!

آثار من كل الأنواع، لكن اللافت هو هذه الآثار لتماثيل عادية الحجم غير التى اعتدت رؤيتها هنا.. فالتماثيل ذات ملامح شعبية وبأحجام صغيرة، يبدو أنها تلك التى كان يصنعها الناس العاديون لأنفسهم ويأخذونها معهم فى القبر لتصحبهم إلى العالم الآخر.

لا أظن أننى أحتاج إلى أن أحكى لكم عن عظمة المتحف، ولا على الاهتمام الاستثنائى بهذه الآثار.. ولكن كان اللافت أكثر هو وجود جزء كامل من معبد فرعونى.. نعم جزء كامل، على مساحة طويلة لا تقل عن 10 أمتار وعمق لا يقل عن 6 أمتار.. فكيف نقلوا كل ذلك إلى هنا ومتى؟

الإجابة كانت فى «بروشور» المتحف، فقد أسسه ملك تورينو (كانت العاصمة وقتها) شارل فيلكس عام 1842 ، حيث اشترى الكثير من هذه الآثار من القنصل الفرنسى فى عهد نابليون برناردينو دروفينت.. كما اشترى كل الآثار المتناثرة لدى كل الأمراء الإيطاليين.
هذا المتحف لا يمكن فصله عن الاهتمام الاستثنائى بكل ما هو مصرى فى إيطاليا، وهذا ما أكدته على سبيل المثال المحاضرة التى ألقيتها أنا وزميلتى مروة حسين الصحفية بالأهرام عن واقع ومستقبل الإعلام عندنا.. وكم الأسئلة الملهوفة للتعرف على كل شىء، واختبار الصورة السوداوية الثابتة عندهم عنا، لعن الله من شكلها، فمصر التى يعرفونها ليست أكثر من نظام مبارك المستبد وإخوان ومعارضين محرومين من أى فعل.

كما لا فصل لهذا الاهتمام عن الانشغال بمستقبل الدولة المصرية، فحتى أن الصديقة الصحفية استفانيلا كامبانى سألتنى بهلع: هل هناك أمل؟
كانت تقصد أملا فى مستقبل خال من الفوضى لمصر، مستقبل ديمقراطى لدولة حديثة.. بل أكاد أجزم أن الكثير ممن قابلتهم يدركون بشكل أو بآخر أن صلاح مصر يعنى بشكل أو بآخر صلاح كل المنطقة بالتبعية.

لكن يبقى السؤال الذى شغلنى: عند الجد لماذا لا نفخر سوى بالمرحلة الفرعونية، رغم أن تاريخنا ملىء بالمراحل الكثيرة المختلفة؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة