سعيد شعيب

تعطيل أوباما

السبت، 07 نوفمبر 2009 12:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"إنها أمة قائمة على الثورة ولكنها مصممة كى لا يتولى الثوريون زمام الأمور إلا نادرا".
هذا التوصيف الدقيق للكاتبة الأمريكية "آنا كويندلن" للنظام الأمريكى، فكما تقول: تعلمنا شيئا بسيطا وبديهيا لا يتعلق به (تقصد أوباما) بقدر ما يتعلق بالآباء المؤسسين لهذه الأمة، أنه بلد يطمح إلى التغيير ولكنه مثقل بنظام تدرجى.

الكاتبة قدمت تحليلا عميقا فى مجلة النيوزويك عدد 3 نوفمبر الماضى خلاصته أن أوباما الذى خاض حملته الرئاسية كشعبوى ثورى، الآن يحكم كرئيس رزين، وذلك هو سبب تأخره فى تحقيق كل ما وعد به سواء فى الداخل أو الخارج.

لكن حتى لو لم يكن أوباما رزينا فهو لا يستطيع أن يجر بلده وراءه جرا لما يريد، فلابد أن يخوض صراعا سياسيا مع مختلف المؤسسات الأمريكية ومختلف القوى الاجتماعية.. فهذه البلاد الرئيس فيها ليس له صلاحيات شبه إلهية، فإذا كانت البلد تمشى يمينا يمكنه ببساطه أن يجعلها تتجه يسارا، والعكس، وفى الحالتين يجد من يهلل له باعتباره الزعيم الملهم.

هذا بالضبط هو ما يهمنا هنا فى مصر، فيمكنك ببساطة أن تكتشف أن هذا هو حالنا، فعندما تولى الضباط الأحرار السلطة غيروا مسار البلد 180%، ولم يكملوا على ما كان قائما، بل صنعوا قطيعة وعداء كاملا مع ما فات، وعندما تولى الرئيس السادات فعل ذات الأمر، قطيعة وعداء مع ما سبقه، وذهب بالبلد إلى اتجاه مختلف تماما، وكلا الرئيسين وجد من يهلل له باعتباره الزعيم الملهم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه، وهذا السائد الآن فى عهد الرئيس مبارك.

الأمر هنا لا يتعلق بأن الاتجاه الذى فرضه هذا أو ذاك على بلدنا صحيح، ولكنه يتعلق بالاستبداد، الصلاحيات شبه الإلهية للرؤساء وغياب كامل للمؤسسات، أو بمعنى أدق إلحاقها بالسلطة الحاكمة.. ليصبح مستقبلك ومستقبلى ومستقبل أولادنا مرهوناً بفرد.

لذلك فالكاتبة الأمريكية "آنا كويندلين" تعود وتؤكد على أن الفضل يعود إلى مبدأ الفصل بين السلطات، فالهدف الأسمى منه أنه يمنع أى طاغية من تولى الحكم والحيلولة دون هيمنة هيئة تشريعية متطرفة وسلطة قضائية متعجرفة، كما أن الفصل بين السلطات يحمى حريات وحقوق الأفراد.

القضية هنا ليست بالطبع تقليد النظام الأمريكى، ولكنه يعنى أن يستقر لدينا أننا لا نريد دولة يحكمها الهوى، فرد أو جماعة سياسية، ولكن دولة مؤسسات مبنية على الاحترام المطلق لحريات الفرد والحريات العامة.. بدون ذلك لا أظن أننا يمكن أن نتقدم مليمتر واحد للأمام.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة