د. جمال نصار

دعوة لرأب الصدع

الخميس، 26 نوفمبر 2009 07:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما أحوجنا فى هذه الأيام المباركة من شهر ذى الحجة وعيد الأضحى المبارك، لأن نسعى إلى رأب الصدع بين الشقيقتين مصر والجزائر بكل السبل والإمكانيات المتاحة بين البلدين، فما يحدث فى وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت والفيس بوك من تجاوزات هنا وهناك أمر لا يرضاه الله – عز وجل – لأنه يؤجج روح العداوة بين الشعوب المسلمة، فالأمر جدّ خطير يجب أن تتحرك له كل فئات المجتمع فى البلدين لإيقاف هذه الفتنة وإنقاذ الشعبين من شر مستطير.

وعلى الرغم من تجاوز كلا النظامين فى البلدين ضد شعبيهما، إلا أنه يجب أن نحتكم إلى صوت العقل والحكمة لمعالجة ما حدث، لأن المستفيد الوحيد من هذه الأحداث هم أعداء هذه الأمة وعلى رأسهم الكيان الصهيونى.

فبالله عليكم، هل مباراة لكرة القدم تستوجب كل ما حدث من اعتداء على رمز كل بلد وحرق أعلامها وسبّ وقذف وتجريح هنا وهناك، وتداول ذلك فى وسائل الإعلام المختلفة.. هل ننجر وراء نعرات الكرامة والعنجهية ونقطع العلاقات بين بلدين مسلمين عضوين فى منظمة المؤتمر الإسلامى وجامعة الدول العربية ولهما تاريخ معروف، ونثير الضغائن بين شعبين كبيرين فى المنطقة العربية، وللأسف الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل انتقل إلى باقى أنحاء العالم، حيث توجد جاليات من مصر والجزائر.

فلم نُهن عند غيرها إلا بعد أن هُنَّا على أنفسنا، فأصبحنا ملطشة لكل من هبَّ ودبَّ.
ومنذ متى وحكامنا حريصون على كرامة شعوبنا!! ، فالشعوب مقهورة تُحكم بالاستبداد وينخر فى عظامها الفساد فى كلا البلدين.

ومن المثير نتيجة لهذه الأحداث إلغاء المؤتمر السنوى للجمعية الفلسفية المصرية، وبصفتى عضوًا فى الجمعية، ومشاركا فى المؤتمر، سألت الأستاذ الدكتور حسن حنفى – الأمين العام للجمعية - عن سبب الإلغاء فأخبرنى أن هناك العديد من الأساتذة والزملاء من الجزائر، فلذلك تم الإلغاء بناء على تعليمات من الجامعة، والأدهى أن إدارة نادى أعضاء هيئة تدريس جامعة القاهرة (المُعين) أصدرت قرارًا بقطع العلاقات العلمية والبحثية مع الجزائر.

فهل هذا شىء يُعقل؟! هل مصر بالنسبة للجزائر العدو الأول؟! وهل الجزائر بالنسبة لمصر العدو الأوحد؟! يافرحة الصهاينة وأعداء الأمة فينا.

اقرأوا التاريخ جيدًا، فالبلدان لهما نضال كبير فى محاربة المحتل ودحضه، ولا يخفى أن الجزائر قدمت مليون ونصف المليون شهيد، ودعمت مصر الجزائر فى ثورتها ضد المحتل، ووقفت الجزائر مع مصر فى حرب أكتوبر، وهناك علاقات سياسية واقتصادية وثقافية قديمة.

فهل لعبة كرة القدم تفعل بنا كل هذه الأفاعيل؟! أقول للمسئولين فى كلا البلدين والمثقفين والإعلاميين اتقوا الله، ولا تشعلوا الفتنة، فلعن الله من أيقظها وعلينا أن نسعى جميعًا إلى رأب الصدع بكل الوسائل الممكنة، وهذا لن يتوفر إلا بالإرادة الصادقة، والتحقيق الجاد فيما حدث، حتى لا يتعرض البلدان إلى ما لا يُحمد عقباه.

أرجو من القيادتين فى مصر والجزائر أن تحسما الأمر، وتطالبا وسائل الإعلام فى كلا البلدين بالتوقف عن إشعال نار الفتنة، وإجراء تحقيق من متخصصين فى هذا الشأن، وإعلان نتيجته على الرأى العام، ومعاقبة المُخطئ واعتذار المسيئ، وكفانا فرقة واختلافًا.

وليكن هذا الموقف فرصة لإعادة ترتيب أوراقنا، والحرص على صيانة كرامة الإنسان المُهدرة فى البلدين، وليرتفع صوت العقلاء فى مصر والجزائر، فالداعى إلى الخير كفاعله، والذى يدعو إلى الفتنة يقع فيها، ولنكن جميعًا حائط الصد الأول لمواجهة أعداء الأمة المتربصين بنا ليل نهار.
علها تكون إفاقة بعد غفلة، وصحوة بعد نوم.
وكما قال الدكتور عبدالرحمن العشماوى:
حسبى من الهّم أنّ القلب ينتحبُ وإن بدا فرحى للناس والطربُ
لو أجمعَ الناسُ أمرًا فى مساءتنا ولم يُقدّر لما فازوا بما طلبوا
حقيقةٌ لو وعاها الجاهلون لما تنافسوا فى معانيها ولا احتربوا
ما قيمة الناس إلا فى مبادئهم لا المال يبقى ولا الألقاب والرتب

وكل عام ومصر والجزائر بخير









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة