سعيد شعيب

نصر أكتوبر المظلوم

الثلاثاء، 06 أكتوبر 2009 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما زلت أتذكر اللحظة التى عرفت فيها أن "الحرب قامت"، كنت طفلاً لا يتجاوز عمره 12 عاماً، كانت الفرحة عارمة، ولكن الكبار فى عائلتنا كانوا غير مصدقين وخائفين.. حتى تأكدت حقيقة أننا انتصرنا على إسرائيل.. كانت أياما مبهجة يملئها هذا الشعور الوطنى النبيل بأن بلدنا المجروح استعاد عافيته.

ما زلت أتذكر "على" قريبنا رحمه الله الذى كان جندياً على الجبهة، شقيق زوجة عمى، والقلق الشديد عليه، وكيف عاد بطلا أسطوريا، وما زلت أذكر حكاويه الرهيبة عن الحرب، وكيف كانت تشعل حماسنا وتنير قلوبنا نحن أطفال العائلة عندما نلتف حوله.

هذا الحدث الاستثنائى فى تاريخنا الحديث اعترف الآن بعد مرور كل هذه السنوات، أننى ومعى كثيرين استهنا به، وكنت من الذين يؤمنون أنها كانت حرب تحريك وليس تحريراً، وكان على الرئيس السادات رحمه الله أن يحولها إلى "حرب التحرير الشعبية" حتى يحرر كامل تراب سيناء، ولكنه لم يفعل لأنه يخاف كممثل للبرجوازية من أن تحمل الطبقات الشعبية السلاح حتى لا توجهه إلى صدره هو وطبقته الاجتماعية.

والحقيقة أن هذه قراءة عدائية سهلة، لا تقدر قيمة الحرب، ولكنها تنطلق من أنه حتى لو فعلت السلطة الحاكمة أمراً عظيماً، فلابد أن نفسده حتى لا يقويها هذا الانتصار.. ناهيك عن أن هذا التصور لا يريد أن يرى التوازنات الدولية وقتها، أى أنه من المستحيل أن تهزم إسرائيل بالكامل، ومن المستحيل أن تدخل تل أبيب، فهناك قوى دولية جبارة لن تسمح بذلك أبداً، ناهيك عن أن هناك الردع النووى لدى العدو الإسرائيلى.

ناهيك عن أن هدف أى حرب فى النهاية هو التفاوض للحصول على الحقوق، فخوض الحروب ليس هواية، ولكن وراءها هدف سياسى، وكان هدف الرئيس السادات هو تحرير كامل الأرض، وهو ما حدث جزء منه بالسلاح الذى انتصر بدون أدنى شك، والباقى بالتفاوض.. وهو ما تحقق بعد رحيله المأساوى مقتولاً بيد بعض جنوده.

هذا لا يعنى عدم الاختلاف حول الاستثمار السياسى للنصر، فما زلت أرى أنه كان يمكن تحقيق اتفاقية مع إسرائيل بشروط أفضل بكثير مما حدث فى كامب ديفيد، وعلى رأسها بالطبع التواجد العسكرى فى الثلث الأول من سيناء.. ولكن ومهما كانت الخلافات، وهى طبيعية، لابد من الاعتراف بحق الرئيس السادات وقادة حرب أكتوبر وجنودها بأنهم أبطال غيروا وجه التاريخ فى مصر والعالم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة