أكرم القصاص

قصة السحابة السودة.. تشويق

الجمعة، 16 أكتوبر 2009 11:55 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ ظهرت السحابة السوداء فى مصر قبل عشر سنوات، ونحن نسمع نفس التصريحات من المسئولين فى الزراعة والبيئة، والمحافظين، مع وعود بتقليل السحابة أو القضاء عليها، ومع الوقت أصبحنا ننتظر السحابة وكأنها توحشنا.

ومن يوميات السحابة، تبدأ وزارتا البيئة والزراعة فى إطلاق التصريحات ودعوة الفلاحين لعدم حرق قش الأرز. مع عروض بتوفير مكابس وشراء القش من الفلاح بمقابل، ومع أن هذه التصريحات التى تبدأ فى بداية الموسم قد تبدو مغرية، لكنها تبقى مجرد تصريحات بلا فاعلية، ولا استعداد للتنفيذ.

والسبب فى عدم التنفيذ أن الفلاح يعرف أن يوم الحكومة بسنة، وأنه على ما تتحرك الحكومة بالمكابس والأجهزة يكون القش تعفن وجمع آفات وحشرات، والفلاح يريد إخلاء الغيط ليبدأ الموسم الشتوى، القمح والفول والبرسيم وخلافه. الفلاح لديه مواعيد، وكل محصول له وقته وطريقته التى ورثها الفلاح أباً عن جد.

ولهذا يبدأ الفلاحون فى حرق القش والتخلص منه، وتبدأ السحابة السوداء، وتبدأ الحكومة فى الحلقة الثانية من المسلسل إطلاق التحذيرات للفلاحين من حرق القش وكل من يضبط يدفع غرامة ويحبس. ويشترك المحافظون فى المسلسل بتصريحات عنترية يطلقونها من مكاتبهم وسط السحابة السوداء التى تكون قد انطلقت وترعرعت. الفلاحون يحرقون مع الفجر، أو فى قلب الليل، ومهم معذورون، لأن الحكومة لا توفر لهم طرقاً حديثة، زمان كان الفلاحون يستهلكون كل ما تنتجه الأرض من القش وحطب القطن والذرة، فى أفران بلدية، الآن لا أفران بلدية بل بالغاز والكيروسين، وأصبح هناك فائض من الحطب والقش، لو كانت هناك حكومة أو وزارة زراعة لتنبهت، وبدأت فى اتخاذ اللازم لاستهلاك هذه البقايا التى لا يمكن تركها فى الحقول وإلا تحولت لمراعى للزواحف والحشرات والآفات. لكن لا أحد فكر فى ذلك. وبعد أن كانت نفس الكميات تحرق طوال العام، أصبحت تحرق فى شهر فتسبب السحابة السوداء.

ومع أن كل هذا بديهى، فإن وزارة البيئة لم تتعب أو تمل من التصريحات، والسحابة لم تتوقف. بل إنها تزداد بفعل وجود عدد من المصارف الكبرى تشتعل طوال العام، لأنها مقالب قمامة، وعليه فإن أسباب السحابة معروفة بالضرورة، لكن الحكومة عاملة نفسها مش عارفة، لأنه لم يوجد محافظ شجاع يتعامل مع الأسباب. ولا يتعامل مع الفلاحين كمتهمين.

أصبحت السحابة مثل قصة أبو زيد الهلالى، وأحد معالم مصر، مثل الهرم والنيل والتلوث والزحام، وأنفلونزا الطيور.. شهدت مصر أربع وزراء بيئة جاءوا وانصرفوا وبقيت السحابة. وسوف تبقى لأنه لم تصدر تعليمات بالقضاء عليها. لأنها من إنجازات الحكومة والحزب.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة