تليفزيون الإخوان

هل تصدق أن وزير الإعلام ثار وهاج بسبب مواطن ملتحٍ فى إعلان؟
يجب أن تصدق.. لأن هذا فعله طبقا لما نشره الزميل اللامع جمال عبد الناصر على موقع اليوم السابع. ولأنه لم ينف، يصبح الخبر صحيحا.. ناهيك عن أن هذا ليس غريبا على أنس الفقى، وفى الحقيقة على أى وزير إعلام فى السلطة الحاكمة..فهذه هى طريقة إدارتهم للإعلام الذى يملكه هذا الشعب ويحتكرونه لأنفسهم.

الحجة المضحكة التى قالها الوزير إن الرجل الملتحى ينتمى إلى المحظورة، يقصد جماعة الإخوان، وبذلك يكون الإعلان ضد سياسة "الدولة". وكأن كل مواطن ملتحٍ متدين لابد وحتماً أن يكون من جماعة الإخوان. ثم حتى لو افترضنا أنه منهم، ورغم اختلافى معهم، فهم مواطنون مصريون من حقهم الظهور على شاشات التليفزيون الذى يملكه ويموله الشعب المصرى.

ولكنها الطريقة التى ترى أن الإعلام هو نشرة إعلانية عن إنجازات السلطة الحاكمة، وليس مهمته إعلام المواطن، أى حقه فى المعرفة، ولا أقصد المعلومات فقط، ولكن أيضاً مختلف الأفكار والتوجهات.. ولذلك فمن الطبيعى أنه فى ذات الأسبوع طبقاً لما نشره جمال عبد الناصر، قامت الرقابة بحذف أجزاء كبيرة من حلقتين من برنامج "الاختيار الصعب" لأن الضيفين جمال البنا ومرتضى منصور. وجن جنون المذيعة اللامعة لميس الحديدى، فهى لا تتصور أن هناك إعلاماً يحترم نفسه يفعل هذا مع الضيوف، فحتى لو اختلفت الرقابة مع آرائهم، فحقهم ألا يتم حذف حرف منها.

المشكلة أن الوزير، ومع كامل الاحترام لاجتهاداته فى التطوير، يتصور أن الأمر يقتصر على تغيير "شوية" برامج وتغيير شكل قنوات، ويتناسى أن الفيصل فى الإعلام هو المضمون الذى يقدم باحترام فى القنوات المتخصصة.

ورغم محبتى واحترامى لجهد أسامة الشيخ رئيس القنوات المتخصصة، إلا أنه لن يحقق أحلامه، ومثله صديقى جمال الشاعر الذى يؤكد مراراً، أن انتقال الإعلام من صيغة إعلام الحكومة إلى إعلام الدولة حتمى، مثلما حدث فى ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، فهناك إعلام مملوك للدولة، ولكنه ليس تابعاً لأية حكومة، بل ويستطيع أن ينتقد بحرية كاملة أية حكومة.
وليعذرنى الشاعر .. لا أظن أن هذا سيتحقق قريباً.