علاء عبد الهادى

كوارث صناعة محلية

الأربعاء، 27 أغسطس 2008 12:19 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل سيكون حريق مجلس الشورى وتهديد أقدم أرشيف برلمانى عربى هو آخر كوارثنا؟
أتطوع بالإجابة بالنفى، فما حدث ما هو إلا حلقة فى سلسلة طويلة من الإهمال واللامبالاة، التى أصبحت تحكم حياتنا فى مصر، منذ النصف الثانى من القرن الماضى وحتى اليوم، إهمال طال الجميع: كبار المسئولين قبل المواطنين.

نحن قوم نعشق النسيان، وإيجاد المبررات لكل كوارثنا .. تقع الكارثة، وتنطلق الأبواق "الحنجورية" الوزارية، معلنة عن تشكيل اللجان التى ستبحث وتدرس وتقنن وتضع من الضوابط، مما يمنع تكرار المأساة، وتمر الأيام "وتعود ريما لعادتها القديمة" ولنصحو من جديد على كارثة أشد.

قبل سنوات احترق مقر مركز معلومات مجلس الوزراء، وأتت النيران على محتوياته، ويومها قلنا كلاما مثل الذى قلناه وقت حريق الشورى، قامت الدنيا ولم تقعد، نفس الكلام، ونفس التصريحات، نفس "ولولة" الصحف مع فارق بسيط، يتمثل فى اسم من يقول التصريح أو من "يولول" .

تقع الكارثة، ولا نتعلم، مرة فى البحر، ومرة فى الجو، ومرات فى البر، احتراق قطار الصعيد قبل سنوات، واحتراق المسافر خانة ، أحد أهم الآثار الإسلامية، وأندرها ، واحتراق "منازل رضوان الأثري " فى منطقة المعز، وغرق العبارات، وقبل أسابيع كارثة مزلقان مطروح التى راح ضحيتها العشرات من الأرواح البريئة .. كوارث صناعة محلية مصرية خالصة، غير مستوردة.

فى كل مرة تقع الكارثة، وأقصى ما قد نفعله هو البكاء والعويل ولطم الخدود لنخرج من المأساة فاقدى الذاكرة، وكأن شيئا لم يحدث.

محاولة تصوير حريق "الشورى" على أنه مجرد حريق مبنى "والسلام" يعد فى رأيى جريمة أشد، فقد فقدنا أحد المبانى الأثرية الجميلة التى بناها الخديوى إسماعيل ضمن مفردات القاهرة الباريسية، التى أراد أن يناطح بها الدول الأوروبية وعلى رأسها باريس، ولولا أن الله سلم لفقدنا أقدم وأهم أرشيف برلمانى عربى تمتلكه مصر منذ بدايات القرن الماضى، فى الوقت الذى كان فيه العرب يعيشون حياة البادية تحت الاحتلال كان لدى مصر برلمان يسائل الملك ويطالب بعزله.

ولكن ما ضمانة عدم تكرار ماحدث فى أى مكان آخر؟
وهل لدينا الضمانة التى نحافظ بها على أرشيفنا الوطنى؟
كثير من الوزارات وبالذات السيادية لديها مخزون من الوثائق الذى يتعلق بحياتنا السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، كلها حبيسة أدراج تلك الوزارات، لا تفرج عنها، ولا تتيحها للباحثين، إسرائيل مثلاً أفرجت عن أرشيفها ونحن لا نعرف شيئا عما حدث منذ الثورة وحتى اليوم من طرف محايد هو الوثيقة.

هناك قرارات جمهورية ومثلها قرارات لرئيس الوزراء، وهناك قبل هذا وذاك قانون الوثائق لسنة 54 يحدد الجهة المنوط بها حفظ الوثائق بدار الوثائق والكتب القومية المصرية، لأنها تمتلك الخبرة والآلية والأدوات التى تتيح لها التعامل مع الوثائق وأرشفتها وحفظها للأجيال القادمة.

اللهم أهل علينا رمضان من غير كوارث.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة