د. محمد مورو

حكومة تكره نفسها

الخميس، 18 ديسمبر 2008 06:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أشأ أن أصدم القارئ، أو أحمل الأمور أكثر مما تحتمل - الحقيقة أنها ربما تحتمل - بأن أكتب العنوان «حكومة تكره مصر»، بدلا من حكومة تكره نفسها، ذلك أن بعض ممارسات الحكومة المصرية، لا تحتمل إلا عدة تفسيرات، وهى أنها إما حكومة غبية تماما، أو غائبة عن الوعى، أو فى حالة موت سريرى، أو أنها ذكية وواعية وليست ميتة، ولكنها تكره نفسها أو تكره مصر هذا الكلام بمناسبة الحكم العظيم، الذى أصدره القضاء المصرى مؤخرا بوقف قرار بيع الغاز المصرى لإسرائيل، هذا الحكم الذى جاء ليعيد إلينا الثقة بأنه مازال فى مصر مؤسسات بها بقية من شرف وضمير وطنى، وأن القضاء المصرى ربما هو القلعة الأخيرة للدفاع عما بقى من مصر!!.

وبداية فإن التحية واجبة جدا، لهؤلاء الذين حركوا الدعوى القضائية وخاصة السفير إبراهيم يسرى، وكل من ساعده بالوثائق أو الاستشارات القانونية، أو التأييد المعنوى، والتحية واجبة أيضا للمحكمة، التى أصدرت الحكم وهى محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار محمد عطية وعضوية المستشارين منير غطاس وفوزى شلبى، وكذلك كل من فعل أى عمل أو جهد فى معارضة تصدير الغاز لإسرائيل، ذلك أن تصدير الغاز لإسرائيل هو عار دينى ووطنى وقومى، فمن الطبيعى أن من الحرام شرعا تصدير الغاز لإسرائيل وهى دولة غير شرعية أصلا، فضلا عن ممارساتها ضد أهالى فلسطين عموما، وأهل غزة خصوصا، الذين تقطع عنهم الغاز ذاته والطاقة عموما، وهو عار وطنى وقومى ومهزلة اقتصادية أيضاً، لأن هذا الغاز يباع لإسرائيل بأقل من ثمنه الحقيقى، وحسب تقديرات الخبراء فإن مصر تدعم إسرائيل يوميا بحوالى 50 مليون دولار، أى ما يقرب من 17 مليار دولار سنويا، تستخدمها فى بناء جيش يضرب شعبنا فى الأرض المحتلة، أو يستعد للاعتداء على مصر وسوريا والأردن وإيران ولبنان.. إلخ أليست هذه حماقة.

وإذا ما أخذنا بالتفسير الساذج بأن تلك الاتفاقية قد تم توقيعها فى ظروف معينة لأسباب معينة، فإن حكم القضاء الإدارى، يعفى الحكومة المصرية من الحرج، ويجعلها تبادر فورا إلى الأخذ بالحكم، والاستناد إليه فى إلغاء تلك الاتفاقية المشبوهة شكلاً ومضوناً، ولكن أن تبادر الحكومة بالطعن والاستشكال فى الحكم، ومن ثم الاستمرار فى دعم إسرائيل ومدها بالغاز أياما أخرى، أو شهورا أخرى أو سنوات، أخرى فهذا هو الخلل بعينه، ولا أستطيع أن أحدد نوع الخلل هنا، هل الحكومة المصرية مجرد ستار، لإدارة فساد هائلة ومتشعبة لا تقدر عليها الحكومة؟ أو أنها هى حكومة هذه الإدارة الهائلة من الفساد؟ ومن ثم فإن المسألة تحتمل تشغيل نظرية المؤامرة على نطاق واسع.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة