سعيد شعيب

"الست دى تستاهل الاغتصاب"

الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008 05:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قالها سائق التاكسى بجدية ودون غضب.
عدت إلى السيدة التى كانت تمشى مسرعة، ترتدى بنطلوناً من القماش الأسود وبلوزة شتوية لونها لبنى وشعر قصير.

نظر السائق لى وعندما صمت، قال بحسم: وتغتصب وهنا فى وسط البلد.
كان لديه نوع من استعلاء القوة، ذكرنى ببعض ضباط الشرطة وبعض من يملكون السطوة والنفوذ، فمن أين أتى بكل هذه القوة؟ فهو مثلى ومثلك "أغلب من الغلب".

ربما يكون مزاج عام انتشر فى هشيم البلد، فحسب استطلاع لمركز "وورلد بابليك"، ونشرته جريدة الدستور منذ عدة أشهر، هناك 31% فقط من المصريين يؤيدون المساواة بين الرجل والمرأة. وهذا يعنى أن 69% لا يؤيدون فكرة المساواة، ومنهم سائق التاكسى المتعالى. بل إن استطلاع الرأى أشار إلى أن 57% من المصريين يرون أن المرأة أخذت حقوقاً أكثر بكثير من المساواة.

إذاً فهو مزاج عام ينتقل فيه المواطن من خانة أن عليه أن يدافع عن حقوقه إلى خانة العداء لغيره ( امرأة، مسيحى، أو من هو أضعف منه). فهل هو نوع من تفريغ القهر؟ ربما، ولكنه أيضاً عدم احترام لحق الآخرين فى الحرية التى لا تخل بالقانون، فالمرأة صاحبة البلوزة اللبنى والبنطلون الأسود، لم يكن فى مظهرها ما يخدش الحياء، رغم مطاطية التعبير، ليس هناك أى شىء يلفت النظر، ناهيك عن الاستهجان.

لو افترضنا أن هذا السائق يشعر بالفعل أنه مواطن فى بلده، أى عضو مثلاً نقابة أو حزب سياسى حقيقى أو تجمع للدفاع عن حقوقه، يشعر بقوته كفرد للحصول على حقوقه وللوقوف كفرد ضد من ينتهكونها، حكومة ومرور وغيره .. هل كان سينظر لصاحبة البلوزة اللبنى هكذا؟

لا أظن لأنه فى هذه الحالة سيدرك قيمة الحرية، حريته هو فى أن يدافع عن حقوقه وعن حريته الشخصية، وسوف يتأكد أنه من المستحيل أن يكون حراً ويطلب اغتصاب امرأة فى وسط البلد.

السائق الذى أصابه مرض استعلاء القوة، وربما يمارسها بيده ضد صاحبة البلوزة، هو ذاته الذى ستجده، غالبا، ذليلاً أمام أمين شرطة طالباً منه رخصة قيادته.
إنه استعلاء وعنف الضعفاء المقهورين.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة