الهلال.. مستشفى الألغاز.. تلاحقه الاتهامات بالتستر على تعذيب «الجندى» و«عمر» و«الشافعى».. وسجلاته تتضارب فى مواعيد دخول المصابين وإعلام النيابة بوجودهم

الأربعاء، 13 مارس 2013 10:20 ص
الهلال.. مستشفى الألغاز.. تلاحقه الاتهامات بالتستر على تعذيب «الجندى» و«عمر» و«الشافعى».. وسجلاته تتضارب فى مواعيد دخول المصابين وإعلام النيابة بوجودهم مستشفى الهلال
كتبت - آية نبيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
علامات استفهام كثيرة تحيط بـ«مستشفى الهلال» بعد أن تحول إلى مكان لاكتشاف مصابين فى الأحداث الأخيرة بداخله بعد فترة من اختفائهم، لتصبح الصدفة وحدها سبيل اكتشاف تواجدهم به.. فالمستشفى الذى يستقبل منذ بداية أحداث الثورة المصابين نتيجة الاشتباكات أصبح مثارا للشك بعد ظهور أغلب حالات الاختفاء مصابة داخل جدرانه فى ظروف غامضة، بداية من اكتشاف أهالى المصابين ذويهم عن طريق الصدفة مثل «محمد الجندى»، أو عن طريق ضغط الأهالى والنشطاء مثل حالات اكتشاف «عمرو محمد مرسى» أو «محمد الشافعى».

المثير فى لغز الهلال هو اشتراك جميع الحالات فى عدم معرفة تواجد الضحايا فى المستشفى إلا بعد فترة زمنية طويلة قد تصل إلى شهر كامل، مثل حالة الشافعى، التى ظهر فيها تناقض كبير بين تصريحات إدارة المستشفى الذى أعلن عدم معرفته ببياناته الشخصية فى وقت كانت فيه النيابة تصدر ترخيصا لتشريح جثته، وهو الإجراء الذى لا يتم اتخاذه إلا مع الجثث معروفة الهوية.

هذه الحالات وغيرها أثارت التساؤلات حول أسباب التخبط داخل مستشفى الهلال، ودفعت أهالى المصابين والنشطاء والحقوقيين إلى توجيه الاتهامات للمستشفى بالخضوع للإدارة الأمنية، خاصة مع حالة الغموض التى تكشفها سجلات المستشفى، سواء بتناقضها مع حالات الضحايا، أو اختلاف مواعيد دخولهم مع أقوال شهود العيان.

«اليوم السابع» قامت بجولة داخل «مستشفى الهلال» بميدان رمسيس، بدأت بالسؤال عن أحد الأفراد المصابين بحادث سيارة، وذلك بهدف التعرف على دورة التسجيل داخل المستشفى، وهو ما بدا أنه مهمة ليست بالسهلة تنقلنا خلالها بين الأمن الخارجى وموظفى الاستقبال وعمال أقسام الجراحة، لنكتشف أن كلا منهم يأخذ أسماء المصابين وفقا لقواعده الخاصة، فالجراحة لا تسجل اسم المريض إلا إذا كان له سرير داخلها، وبناء عليه يتم تسجيله فى الاستقبال الخارجى، لكن الثابت أن أمن البوابة يجب أن يسجل اسم المريض «إن وجد» سواء تم قبوله أو لم يتم قبوله، وبجانبه توقيت وصوله للمستشفى.

هذه الدورة كانت تعنى لنا أن تسجيل محمد الجندى، الذى زعم أحمد مكى، وزير العدل، موته فى حادث تصادم بسيارة، ونفى ذلك تقرير اللجنة الثلاثية للطب الشرعى، كان من المفترض أن يتم الإعلان عنه منذ يوم 28 يناير الماضى بحسب قول المستشفى، الذى يؤكد استقباله له فى هذا اليوم، ولا يبرر ذلك عدم علم أسرته بوجوده داخل المستشفى سوى يوم 31 يناير.
وكان تقرير وزارة الصحة قد أعلن وفقا للبيانات التى وردت من مستشفى الهلال فى حالة الجندى، أنه دخل وهو يعانى من تدهور بحالة الوعى وهبوط فى الدورة الدموية، وبرر عدم التعرف عليه بسبب عدم وجود أى إثبات لهويته، وبالتالى - وفقا لتصريحات مسؤولى المستشفى - لم يتم التعرف على الجندى إلا بعد نشر صورته فى الصحف ووسائل الإعلام، الأمر الذى أثار سخرية أحمد زكى، ابن عمة الجندى، الذى كشف عن تسلم أسرته للبطاقة الشخصية للجندى من قسم الحسابات فى اليوم التالى لإيجاده، حيث قال: المستشفى زور ميعاد استقباله للتغطية على تعذيبه فى الأمن المركزى».

تسجيل المصابين داخل الهلال يلزمه أيضا وصفا لحالتهم، وهو الأمر الثانى فى لغز الهلال، فوفقا لتقرير وزارة الصحة فإن الجندى دخل المستشفى وهو يعانى من تدهور بحالة الوعى وهبوط فى الدورة الدموية، وتم عمل أشعة مقطعية على المخ، على عكس تقرير اللجنة الثلاثية المشكلة من الطب الشرعى لإعادة تشريح الجثة، حيث أوضح أعضاء اللجنة أن الوفاة ناتجة عن التعذيب وتعرضه للضرب بآلة حادة، أدت لإصابته، وبالتالى فإن وصف الإصابة كما جاء فى التقرير كان «كسورا فى الأضلاع وجروح فى منطقة الرأس ونزيف أسفل الشبكة العنكبوتية وغيبوبة عميقة بين الحياة والموت، جعلته غير مدرك لحواسه نهائيا سواء العليا أو السفلى، أهمية التقارير الطبية لمصابى أحداث الاشتباكات يركز عليها نشطاء منذ أحداث الثورة، حيث يعد التلاعب فى التقارير أو عدم وجودها عاملا أساسيا فى ضعف المحاكمات وعدم الحصول على حقوق المصابين والشهداء، لذلك كما يوضح محمد فتوح، رئيس أطباء التحرير، فإن الجمعية تحرص على الاطلاع على تقارير المصابين أو الشهداء ومقارنتها بفحصها لهم، أو حضور عمليات التشريح وتسجيل جميع الملاحظات، إلا أن الأمر الغريب كما يقول فتوح هو تعنت الهلال فى الاطلاع على تقارير الحالات المشكوك فى تعذيبها على أيدى الشرطة أو معاينة إصابتهم، مضيفا: «الهلال يقوم بمثل ما يقوم به سائر المستشفيات من تصوير الوضع على أنه وردى، وتتستر - والاتهام على لسان فتوح - على المخالفات والانتهاكات التى تقوم بها الدولة. خلف نفس الجدران كان يقبع عمر محمد أحمد مرسى، الذى ألقت قوات الأمن القبض عليه يوم 27 يناير، وصدر بحقه قرار بالحبس لمدة 4 أيام، لكنه لم يبق فى قسم قصر النيل بل تم تحويله إلى معسكر الأمن المركزى، وبعد انتهاء أيام الحبس، حصل عمر على إخلاء سبيل لكنه لم يعد إلى منزله، وبعد مرور الأسرة على كل المستشفيات وأقسام الشرطة ومعسكرات الأمن المركزى لأكثر من 4 أيام أخرى تم العثور على عمر فى مستشفى الهلال مصابا بطلق نارى أدى إلى شلل، وآثار تعذيب بالكهرباء وضرب بالرقبة أخفاها تقرير الهلال، على حد قول والده.

أحمد إبراهيم، الناشط بحملة لا للمحاكمات العسكرية، قال إن العثور على عمر كان بالصدفة، مضيفا: «بعد إخبارنا باختفاء عمر، بدأنا عملية البحث، وكالعادة نقوم بمسح جميع المستشفيات المعروف عنها استقبال المصابين أو الموجودة فى محيط الاشتباكات إلى جانب الأقسام ومعسكرات الأمن المركزى، علمنا بعدها أنه تم القبض عليه وإخلاء سبيله، وعندما لم يعد، كررنا مسيرة البحث من جديد، وبالصدفة كانت تزور إحدى زميلاتنا فى الحملة قريبا لها فى المستشفى بعيدا عن الأحداث، وتعرفت على وجه عمر، وأبلغتنا، وهو ما لم يقم به المستشفى، وتحجج بأن عمر دخل إليه دون أى إثبات للهوية، وتلك أصبحت هى الحجة التى تتصدر بيانات كل المستشفيات فى الفترة الأخيرة. إبراهيم يتهم الهلال بأنه يغطى على الأمن، مشيرا إلى أنه ليس مصادفة أن يجمع كل المصابين المشكوك فى تعذيبهم على أيدى الأمن. محمد الشافعى الحالة الثالثة الذى لم تجده أسرته إلا بعد شهر من وفاته، عقب اختفائه يوم 28 يناير الماضى، وهو أكثرهم وضوحا فى لغز المستشفى، فالعثور على الشافعى فى مشرحة زينهم كان أمرا مفاجئا بالنسبة لأسرته، يقول بسام حمادة، ابن خالة الشافعى، إنه يتهم مستشفى الهلال بالتستر على قاتلى ابن خالته، مضيفاً: «سجلات المستشفى تقول إن الشافعى دخل إليه يوم 27 رغم أنه فى ذلك اليوم كان موجودا فى منزله، ولم ينزل إلى المظاهرات إلا يوم 28 وهو يوم اختفائه، وجاءت اعترافات المسعفين الذين نقلوا الشافعى أمام النيابة لتقول إنهم سلموه يوم 29 يناير فى مستشفى الهلال على أنه «مجهول هوية»، مشيرين إلى إصابته بـ3 أعيرة خرطوش فى الرأس والجانب الأيمن ونزيف حاد، ووفقا لأحد المسعفين الذى وقف أمام البوابة الرئيسية لاستقبال الهلال، فإن نقل المصابين يعتمد على غرفة الإسعاف المركزية التى تقوم بإبلاغ المسعف بالمستشفى الذى يتوجه إليه، وبعد ذلك يقوم المسعف بتسجيل بيانات المصاب ووصف حالته والمستشفى الذى استقبه وإبلاغه لغرفة الإسعاف المركزية. حديث المسعف الذى يؤكد أن المصاب يتم تسجيله حتى لو كان مجهول الهوية، يثير التساؤل حول استمرار الشافعى أو الجندى فى المستشفى طوال هذه المدة دون الإبلاغ عنهما أو السيناريو الآخر الذى يقول بعدم تواجدهما أساسا داخل المستشفى وتغيير مواعيد الدخول، الأمر الذى ينفيه تماما محمود الشناوى، مدير مستشفى الهلال، مؤكدا أن المستشفى لم يقم بإخفاء الجندى أو الشافعى، وأنه ليس له دخل بالسياسة، مضيفا: دورنا الأساسى هو علاج المرضى وإصدار التقارير الطبية، وسجلاتنا صحيحة، مؤكدا أن تحقيقات النيابة دورها أن تثبت ذلك.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة