عصام عبدالعزيز

من العمال فى عيدهم: شكرا سيادة الرئيس

الخميس، 30 أبريل 2009 09:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جاء عيد العمال، وكالعادة التف الملايين من العمال وصغار الموظفين حول شاشات التلفاز لسماع الخطاب السنوى للسيد الرئيس، تلك العادة التى التزمنا بها حكومة وشعبا منذ عهد الرئيس الراحل عبد الناصر، لم يكن هؤلاء العمال يستمعون لخطاب السيد الرئيس للاطلاع على تطورات الوضع الاقتصادى للبلد، فهم أدرى الناس به، يعيشونه أمرا واقعا كل صباح ويحلمون به كوابيس تؤرقهم كل مساء، ولم يكونوا ينتظرون معرفة مستقبل السياسة الخارجية وعلاقاتنا بدول الجوار وغير الجوار، فهم لا يعنيهم كثيرا أن نصبح أكثر قربا من سوريا، أو أكثر بعدا عن لبنان، ولا يهمهم أن تغير إيران اسم ميدانها إرضاء لمصر، ولا أن تسلم مصر رفات الشاة إرضاء لإيران، فهذا أو ذاك لن يدفع لهم مصاريف المدارس أو الإيجار. إن هؤلاء العمال كانوا ينتظرون شيئا واحدا يحلمون به كل عام، ويبنون عليه آمالا عريضات، ألا وهو صرخة تأتى من آخر القاعة قاطعة الإسهاب السياسى والتحليل الاقتصادى "المنحة يا ريس"، فيضحك الرئيس وينظر إليه قائلا "ما تخافش أنا عارف، أصبر شوية" فتضج القاعة بالضحك. وفى النهاية يعلن السيد الرئيس عن المنحة والعلاوة الدورية للعمال.

وينتهى اليوم بنهاية سعيدة وإجازة للطلبة وكيس من الفاكهة يلتف حوله أفراد الأسرة. هذا العام جاء مختلفا فلم نسمع أحد يصيح من آخر القاعة، ربما لأن الذى كان يصرخ طالبا المنحة له ولزملائه، خرج معاشا مبكرا، ولم تأت الإجازة لأن العيد جاء يوم جمعة، وبالتالى لم يقم أحد بتذكير السيد الرئيس بالعلاوة الدورية، فلم يعلن عنها، وبدلا من ذلك أعلن أن الأزمة الاقتصادية تحولت إلى أزمة مالية، وأن الأزمة المالية نار كل منكم واردها، فلنستعد جميعا لما هو آت، ولأننا تعودنا، فإن الآتى سيكون بالطبع أسوأ.

ولكن لأن لكل موضوع جانبه المشرق، ولأنى أحاول أن أكون متفائلا، فكرت فى الجانب المشرق، ونصف الكوب الممتلئ، فرأيت أن العمال وصغار الموظفين من مصلحتهم ألا يحصلوا على نقود الآن، لأنهم ببساطة لن يفعلوا بها شيئا، لن يشتروا لحوما خوفا من الحمى القلاعية، ولن يشتروا بطا ودواجن خوفا من أنفلونزا الطيور، ولن يشتروا أسماكا لأنها ملوثة، ولن يشتروا فاكهة خوفا من السرطنة، والأخوة الأقباط لن يشتروا لحم خنزير خوفا من أنفلونزا الخنازير، وكل ما سوف يحدث هو زيادة الأسعار من جانب، وزيادة الخلافات الزوجية من جانب آخر، وفى النهاية سيقوم العامل أو الموظف بالتبرع بالزيادة لإعمار غزة. ويحمد الله ويشكر الحزب الحاكم ويمنى نفسه بقصر فى الجنة. وبهذا ينتهى عيد العمال فى مصر.

ولمن لا يعرف فعيد العمال العالمى، والذى يصادف الأول من شهر مايو من كل عام، هو يوم التضامن مع العمال وحقهم فى الحياة الكريمة وضد اضطهاد العمال على يد أصحاب رأس المال. ويعود فضل تأسيس عيد العمال العالمى لمنظمة "فرسان العمل"، التى كانت أول من طالب بتحديد ساعات العمل بثمان ساعات، وهذا العيد بدأ فى عام 1886م وعلى إثر إضراب من أجل تحديد ساعات العمل. ففى عام 1869م تأسست فى أمريكا منظمة "فرسان العمل" كتنظيم نقابى يسعى إلى تحسين الأمور وتخفيض ساعات العمل، ومع تطوّر الحركة النقابية نجحت مجموعة من القيادات النقابية فى تكوين هيئة للعمال عام 1886م، وتبنّت هذه الهيئة الدعوة لاعتبار الأول من مايو من ذلك العام يوماً للإضراب العام من أجل تخفيض ساعات العمل إلى ثمان ساعات فى جميع المهن والصناعات، وقد حصلت مصادمات بين العمال والشرطة أدّت إلى سقوط عدد من القتلى، وألقى القبض على عدد من قيادات ذلك التحرّك وحوكموا، وأعدم أربعة منهم.

ومن ذلك التاريخ وحتى الآن يحتفل العمال بذكرى هذا اليوم تعبيرا عن امتنانهم لهؤلاء الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن حقوقهم، ولم ينتظروا هبة أو صدقة من حكوماتهم تمنحهم إياها إذا ما تذكرت أو سمح بذلك الوضع الاقتصادى العالمى. فتحية للعمال فى كل مكان فى عيدهم وتحية للمضربين دفاعا عن حقوقهم.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة