د. حسن صادق هيكل يكتب: ثورة مصر إلى أين؟

إن الثورة الشبابية المصرية فى 25 يناير هى صناعة الشعب المصرى اليائس من استبدادية الدولة الأمنية وأوتوقراطية نظام الحكم الديكتاتورى الأوحد، كما أنها انقلاب على حالة الاستسلام والاسترخاء والإقصاء والتهميش التى عمت جميع فئات وتيارات المجتمع المصرى، كما سادت جميع المؤسسات والهيئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصناعية وغيرها، كما أنها فوران لبراكين الغضب الشعبى المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية للمواطنين، علماً بأن الهدف الحقيقى للثورة الشبابية الشعبية المصرية هو إسقاط وتطهير وتقويم نظام الحكم ومؤسساته الفاسدة وتنوير وتطوير وتنمية ونهضة وبناء وإعمار مؤسسات الدولة المصرية، وليست الثورة حرب تخريب وتدمير وإسقاط للدولة المصرية، علماً بأن الثورة العرجاء والمنقوصة التى تتعثر فى مسارها الثورى أو ثورة الاستسلام التى لم تحقق أهدافها أو الثورة الإيروقراطية التى تمر بمراحل الصعود والهبوط والظهور والاختفاء فى المجالات السياسية والاقتصادية والإيديولوجية والثقافية والاجتماعية، وفى جميع المجالات، كما حدث فى مصر وفى جميع ثورات الربيع العربى قد تؤدى إلى تكريس ظواهر الانفلات الأمنى والاضطراب الاجتماعى والانهيار الاقتصادى والفراغ القيمى والأخلاقى كما قد تؤدى إلى الرغبة الشعبية والمجتمعية فى الانقلاب والردة على الثورة، وهذا ما قد يكرس ويبرر ظاهرة الهجرة الشبابية والعلمية والفنية من الأوطان إلى بلاد المهجر، كما قد يفرز مجتمعات طاردة لشبابها وعقولها وكوادرها وطاقاتها البشرية، علماً بأن حلم الهجرة مرتبط بمعيار الانتماء والثقافة والتعليم والمستوى الاجتماعى والاقتصادى والمعيشى، كما يرتبط بحالات الاستقرار والسلام والمستوى المعيشى والاقتصادى للشعوب والمجتمعات، علماً بأن جميع المصريين فى المهجر لديهم الرغبة فى العودة إلى أوطانهم، كما لهم حقوق تتمثل فى الدفاع عن مصالحهم وحماية هويتهم، كما عليهم واجبات تتمثل فى الاستثمار فى أوطانهم والاستفادة من خبراتهم وعقولهم، كما أن جموع الشباب وجماهير الشعب المصرى الثائرة عليهم جميعاً مسئولية تفجير مظاهر الثورة السلمية الهادفة، لإشعال ثورات التصحيح والعلم والعمل والإنتاج والتطور والتقدم والتنمية والنهضة والبناء ومحاربة الأمية ومحاصرة مظاهر الجهل والتخلف وتفشى الأمراض، كما أن مسار الثورة المصرية الصحيح يتمثل فى إعادة بناء الإنسان المصرى العصرى المبدع والمنتج والخلاق، وكذا إعادة هيكلة جميع مؤسسات الدولة بما يحقق زيادة معدلات النمو والتنمية والتطور، وكذا إعادة تفاعل العلاقة بين جماهير الشعب والسلطة الحاكمة فى مصر.