"الشريعة اليهودية" تحسم الانتخابات بين "اليهوديين والعلمانيين" بإسرائيل.. "الحريديم" على طريقة "السلفيين" بمصر.. و"الشعارات الدينية" تسيطر على الشوارع.. واتحاد "ليبرالى علمانى" لمواجهة المتدينين

الإثنين، 14 يناير 2013 05:21 م
"الشريعة اليهودية" تحسم الانتخابات بين "اليهوديين والعلمانيين" بإسرائيل.. "الحريديم" على طريقة "السلفيين" بمصر.. و"الشعارات الدينية" تسيطر على الشوارع.. واتحاد "ليبرالى علمانى" لمواجهة المتدينين الشعارات الدينية تسيطر على الشارع الإسرائيلى
كتب محمود محيى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما بين "يمين ويسار وأحزاب دينية" وأخرى "علمانية"، يدور الصراع ويشتد، ونحن هنا لا نتحدث عن الصراع الدائر بين القوى الإسلامية والتيارات المدنية فى مصر لأكثر من عدة أشهر حول "إسلامية الدولة" أو "مدنية الدولة"، بل نتحدث عن إسرائيل والصراع الذى وصل لذروته بين القوى الدينية اليهودية المتشددة، والليبرالية والعلمانية فيها، قبل أيام من انتخابات الكنيست الـ19، والمحدد لها 22 من يناير الجارى.

هنا فى الدولة العبرية التى تحتل الأراضى الفلسطينية، امتد الصراع حول "يهودية الدولة" وأهمية الحفاظ على طابعها الدينى من جانب كبار الحاخامات والأحزاب الدينية اليمينية، و"ليبرالية الدولة وعلمانيتها" من جانب أحزاب اليسار والوسط، وعلى غرار الصراع لتطبيق "الشريعة الإسلامية" فى مصر، قبل أيام من الانتخابات البرلمانية المقبلة، فإن المشهد يتكرر داخل إسرائيل، حيث أصبحت "الشريعة اليهودية" عامل الحسم فى صراع "اليهوديين والعلمانيين" فى انتخابات الكنيست المقبلة وفقا لدراسات وتقارير مراكز الاستطلاع والأبحاث السياسية فى تل أبيب خلال الفترة الأخيرة.

وسيحدد "الحريديم" وهى الطائفة الدينية الأكثر تشددا فى إسرائيل من حيث تطبيق الشريعة اليهودية على طريقة "السلفيين" فى مصر شكل الكنيست المقبل، بل أخذت "الشعارات الدينية" تغزو الشوارع الإسرائيلية فى معظم مدن إسرائيل، وأصبح اللعب والحشد فى الدعاية الانتخابية على جانب الدين والحفاظ على يهودية الدولة والأهداف الرئيسية للحركة الصهيونية.

ومن المتوقع أن تحسم انتخابات الكنيست المقبلة مشروع إسرائيل هل هى "دينية" أم "علمانية"، وهل ستصبح دولة "ثيروقراطية" أم دولة "ليبرالية مدنية"، وذلك فى ضوء التخوفات ليس فقط من سيطرة "الحريديم" المتشددين دينيا بل وأيضا المستوطنين، حيث من المرجح أن يحصل قادة المستوطنين على حوالى 40 مقعدا بالبرلمان المقبل، فى الوقت الذى أكدت فيه العديد من الدراسات الاجتماعية، داخل إسرائيل خلال الأشهر القلية المقبلة، أن إسرائيل ستصبح دولة دينية بنسبة 100% عند حلول عام 2020.

وأصبح اللافت للنظر أيضا أن الصراع داخل إسرائيل حاليا ليس فقط صراعا بين "اليمين واليسار"، بل وصل لمراحل أكثر تعقيدا، وهو الصراع بين "اليمين واليمين المتطرف"، وباتت الأحزاب اليمينية أكثر تطرفا وتشددا فى أهمية تطبيق الشريعة اليهودية، وتنفيذ الفكرة الصهيونية، ليتحول الكنيست المقبل إلى كنيست الحسم فى إسرائيل، حيث طالبت عريضة موقعة من عدد من حاخامات كبار بارزين فى إسرائيل "الأحزاب الدينية"، المتنافسة فى انتخابات الكنيست المقبلة، بالتوحد فى كتلة لمواجهة العلمانيين، والذهاب معا نحو المشاركة فى الحكومة القادمة، أو القرار بالبقاء خارجها، وطالبت العريضة بإنشاء كتلة ذات خلفية دينية تحافظ على "الطابع اليهودى" فى المفاوضات الائتلافية بعد الانتخابات.

ويرى المتدينون اليهود أن إنشاء حكومة علمانية بدون متدينين، ستؤدى إلى زيادة الاستقطاب فى المجتمع وزيادة الكراهية، الأمر الذى جعل قادة حزب "شاس" الثلاثة، ايلى يشاى وارييه درعى وارئيل ايتاس، يطلبون من بنيامين نتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، التوقيع على وثيقة تضمن الحفاظ على الطابع اليهودى فى إسرائيل.

ولأول مرة فى تاريخ الانتخابات البرلمانية فى إسرائيل، تحدد الدولة العبرية القضايا قبل نتائجها، بمعنى أن إسرائيل ليست بالدولة "العبثية" لتذهب إلى انتخابات مبكرة قبل موعدها، وتتكلف مبالغ طائلة فى العملية الانتخابية، دون حساب هذا الأمر بكل دقة، فإسرائيل ذهبت لتلك الانتخابات لحسم القضايا المصيرية، سواء الداخلية أو الخارجية عبر حكومة تتسم بالتوافق فى الأهداف والفكرة والإستراتيجية، سواء كانت حكومة يمينية أو حتى يسارية، وهو الأمر المستبعد فى ظل سيطرة اليمين على الشارع الإسرائيلى وفق استطلاعات الرأى الأخيرة التى تؤكد دائما توجه أكثر من 55% من الإسرائيليين نحو اليمين.

والمهم هنا لنا كمصريين من بين كل هذه الأمور هو مسألة كيف ترى تلك الأحزاب والائتلافات مستقبل العلاقات مع مصر؟.

ويقول الدكتور طارق فهمى الخبير فى الشئون الإسرائيلية، لـ"اليوم السابع"، إن هناك تيارين داخل إسرائيل حاليا ينظران لمستقبل العلاقات مع مصر، الأول هو تيار نتانياهو وفريقه الذى يرى أن المواجهة مع مصر مؤجلة خلال العامين المقبلين، نظرا للظروف السياسية والاقتصادية التى تمر بها مصر حاليا، ويتفق معه فى هذه الفكرة رئيس أركان الجيش الإسرائيلى الجنرال بينى جانتس، وعدد من القيادات العليا بالجيش، والتيار الثانى بقيادة وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس حزب كاديما شاؤول موفاز، ورئيسة حزب الحركة تسيبى ليفنى، ممن يرون أن نتانياهو سوف يجر إسرائيل إلى مواجهات كبيرة هى فى غنى عنها الآن، خاصة وأن جماعة الإخوان المسلمين فى مصر عبروا عن توجههم المعتدل تجاه تل أبيب، بالإضافة للضغوط الأمريكية المستمرة فى هذا الشأن.

وأكد فهمى أنه فى حال وصول اليمين المتطرف لحكم إسرائيل فستسمر عمليات الاستيطان بشكل كبير للغاية، وستزداد عمليات التهويد للقدس المحتلة وبقية المناطق والأراضى الفلسطينية المحتلة، وعدم التوصل لحلول لعملية السلام المتعثرة منذ سنوات.

ومنذ أسابيع، أعلن كل من نتانياهو رئيس حزب الليكود ووزير خارجيته السابق أفيجدور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا اليمينى المتطرف عن ائتلاف بينهما، وخوض انتخابات الكنيست المبكرة بقائمة موحدة، وهى "الليكود – بيتنا"، وإلى الآن هما مستمران فى إقناع الأحزاب الدينية اليمينية الأخرى، ذات التأثير الكبير على الشارع الإسرائيلى، وعلى رأسهم حزبا "شاس" الدينى الذى يعبر عن شريحة اليهود الشرقيين، وحزب "البيت اليهودى" برئاسة المستوطن المتطرف نفتالى بينت، للانضمام لكتلتهما والفوز بأكبر عدد ممكن من مقاعد الكنيست الـ120، ومن ثم الفوز بتشكيل الحكومة القادمة.

وفى المقابل، شكل قادة أحزاب الوسط واليسار الإسرائيلى، "العمل وهناك مستقبل والحركة"، ائتلافا أيضا بالرغم من بعض مشاكل التنسيق بينهم، وذلك لتعزيز التعاون على ضوء الانتخابات القادمة، وتنسيق الجهود ضد حكومة قادمة يشكلها نتانياهو وأحزاب اليمين المتطرف، وذلك بدعم الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز الذى يبذل قصارى جهده لدفع مبادرة رئيسة حزب الحركة تسيبى ليفنى، لإقامة تحالف يواجه اليمين.

ويرى المراقبون للحياة السياسية الإسرائيلية الحالية، قبل خوض انتخابات الكنيست، أن المواطن الإسرائيلى أصبح مشتتا بين البرامج الانتخابية للأحزاب المختلفة، والتى أصبح معظمها متشابها فى الأهداف والفكر، وعلى الجانب الآخر، يشعر المواطن الإسرائيلى بالحيرة قبل الذهاب واختيار قائمة من بين 34 قائمة ستخوض الانتخابات المقبلة، فأصبحت برامج اليمين واليسار والوسط متشابهة إلى حد ما فيما يتعلق بمستقبل إسرائيل بعد الانتخابات.

فالعامل الرئيسى والمتشابه بين كل البرامج الحزبية يلعب على موضوع "أمن إسرائيل"، و"إلى أين تذهب إسرائيل ؟"، و"ما هو مستقبل المشروع الصهيونى؟"، و"ربط الصهيونية الجديدة بالصهيونية القديمة"، وبناء عليه فالمتابع للشأن الإسرائيلى يجد أن جميع البرامج اعتمدت وركزت على المشروع الصهيونى، بجانب اللعب على وتر يهودية الدولة أو علمانيتها.

والأمر اللافت فى الانتخابات الإسرائيلية، أنها شهدت قبل انطلاقها اتهامات متبادلة وشديدة اللهجة بين نتانياهو وفريقه، وتكتل اليسار وفريقه، وصل لحد اتهام تسيبى ليفنى رئيسة حزب الحركة الجديد، لتحالف نتانياهو مع كل من حركة "شاس والبيت اليهودى"، بـ"العاصفة على الصهيونية"، محذرة من التوصل إلى اتفاق مع الأحزاب المتطرفة، كما حذرت أحزاب اليسار والوسط الإسرائيلى من أن مجموعات يهودية متطرفة تريد أن تحول إسرائيل إلى دولة "شريعة يهودية"، مما سيؤدى بإسرائيل إلى الهاوية، لافتة إلى أن هذا الوضع بحد ذاته هو نهاية "الصهيونية".

ويأتى هذا فى الوقت الذى سيطرت فيه العناصر المتطرفة على حزب "الليكود" نفسه، والذى كان يعد من أحزاب اليمين الوسط وليس من أحزاب اليمين المتطرف، مثل كل من فيجلين وحونوبلى وليفين الذين أصبحوا يسيطرون على حياة الإسرائيليين.

وتقول ليفنى، فى تصريحاتها الأخيرة المعادية لائتلاف نتانياهو: "إن أولئك المتطرفون الموجودون فى حزب الليكود الذى يترأسه نتانياهو، والذى كان فى يوم من الأيام حزباً وطنياً إلا أن وصول هؤلاء إلى الكنيست وطرد الليبراليين الذين كانوا فى الحزب، مثل مريدور وبينى بيجين وميخائيل إيتان، سيذهبون بإسرائيل إلى الهاوية".

يأتى هذا فى الوقت الذى أظهرت فيه نتائج استطلاع الرأى، التى نشرتها الصحف الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين، تقدم كتلة اليمين التى تضم القائمة المشتركة "الليكود- إسرائيل بيتنا" وحزب "البيت اليهودى وشاس" وعدد من الأحزاب الدينية الصغيرة المؤثرة الأخرى، على تكتل اليسار، والذى يضم حزب "العمل والحركة وهناك مستقبل"، بالإضافة إلى "الأحزاب العربية".

وتشير معظم استطلاعات الرأى إلى أن القائمة المشتركة "الليكود- إسرائيل بيتنا" ستحصل فى الانتخابات القادمة على 33 مقعداً، أما حزب "البيت اليهودى" فسيحصل على 14 مقعداً، كما سيحصل حزب شاس على 10 مقاعد، بينما سيحصل حزب "العمل" على 18 مقعداً، أما حزب "هناك مستقبل" فسيحصل على 11 مقعداً، كما سيحصل حزب "الحركة" على 8 مقاعد، وبالنسبة إلى الأحزاب العربية فإنها ستحصل مجتمعة على 11 مقعداً.

وبالتالى، فإنه بحسب ذلك الاستطلاع الذى نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإن مجمل مقاعد كتل اليمين سيصل إلى 64 مقعدا مقابل 56 مقعداً لأحزاب الوسط واليسار، وهى نسبة قريبة لنتائج استطلاع للرأى نشرته صحيفة "معاريف" مؤخرا، أظهر حصول تكتل اليمين على 71 مقعداً، مقابل 49 مقعداً لأحزاب الوسط واليسار.

وبين الاستطلاع أن القائمة المشتركة "الليكود- إسرائيل بيتنا" ستحصل فى الانتخابات القادمة على 38 مقعداً، أما حزب "البيت اليهودى" فسيحصل على 13 مقعداً، كما سيحصل حزب شاس على 12 مقعداً، وسيحصل حزب العمل على 16 مقعداً، أما حزب "هناك مستقبل" فسيحصل على 8 مقاعد، كما سيحصل حزب "الحركة" على 7 مقاعد، وبالنسبة إلى الأحزاب العربية فإنها ستحصل مجتمعة على 11 مقعداً.

أما استطلاع صحيفة "يسرائيل ها يوم" فقد أظهر أن القائمة المشتركة "الليكود- إسرائيل بيتنا" ستحصل فى الانتخابات القادمة على 35 مقعداً، أما حزب "البيت اليهودى" فسيحصل على 14 مقعداً، كما سيحصل حزب شاس على 11 مقعدا، موضحا أن حزب "العمل" سيحصل فى الانتخابات على 16 مقعداً، أما حزب "هناك مستقبل" فسيحصل على 11 مقعداً، كما سيحصل حزب "الحركة" على 9 مقاعد، وبالنسبة إلى الأحزاب العربية فإنها ستحصل مجتمعة على 11 مقعداً، وبالتالى فإن مجمل مقاعد كتل اليمين يصل إلى 66 مقعدا، مقابل 54 مقعداً لأحزاب الوسط واليسار.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة