الوزير وضع مشروعا جديدا للثانوية العامة وصفه بأنه «غير مناسب ولا يقبل التطبيق»

يسرى الجمل.. وزير أزمات التعليم والمعارك الخاسرة واضطهاد المعلم

الخميس، 16 أبريل 2009 09:08 م
يسرى الجمل.. وزير أزمات التعليم والمعارك الخاسرة واضطهاد المعلم
كتب حاتم سالم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما يخرج الدكتور يسرى الجمل وزير التربية والتعليم من مكتبه بديوان الوزارة، متجها للبرلمان مرتين فى أسبوع واحد.. مرة ليعترف بأن وزارته فشلت فى تنفيذ خطة محو الأمية التى وضعتها هيئة تعليم الكبار، لدرجة أن عدد الأميين فى الريف أصبح ضعف عددهم فى الحضر.. ثم يذهب مرة أخرى لمجلس الشعب، ليفاجأ بأن أعضاء لجنة التعليم بدأوا دراسة تعديل قانون كادر المعلمين، بعدما كشف تطبيق القانون أن الجمل تجاهل 560 ألف إدارى وآلافا من الإخصائيين والمشرفين، مما أدى لأول مرة إلى خروج مظاهرات المعلمين والإداريين للمطالبة بإقالته لإحداثه «الفرقة» بينهم..

تلك «المشاوير» التى يقطعها الجمل ذهابا وعودة من مكتبه إلى مجلس الشعب، رغم قصر المسافة بينهما، إلا أنها تفرض وقفة عند سياسات المسئول الأول عن التربية والتعليم فى مصر.. كيف فشل الجمل منذ توليه منصب الوزير فى 2005 فى حل أزمات التعليم المصرى، بل زاد من رصيدها.

أكثر ما يدعو للتساؤل حول جدوى خطط يسرى الجمل، أنه صاحب كلمة مسموعة لدى الحكومة فيما يخص خطط إصلاح التعليم.. الجمل طلب منذ 3 أسابيع فقط فى أحد اجتماعات مجلس الوزراء، رفع الميزانية المنفقة على التعليم من الموازنة العامة للدولة قائلا، «من أين آتى بأموال لتحديث 1700 مدرسة ثانوية ؟».. ولم يمض أسبوعان على طلب الجمل، حتى وقف الدكتور أحمد نظيف أمام مجلس الشعب ليؤكد أن الحكومة سترفع موازنة التعليم مع بداية العام المالى المقبل من 32 مليار جنيه إلى 48 مليارا.. «مما يعنى رضا الدولة التام عن كيفية صناعة الجمل لسياساته غير المجدية، التى لم تجلب سوى التراجع للتعليم، وأن الوزير ماض فى سياساته غير المجدية، الأمر الذى يفرض علينا التوقف مع هذا الوزير لمراجعته» على حد قول شيخ التربويين حامد عمار.

على كثرة سياسات الجمل «غير المجدية»، فإن مشروع الثانوية العامة الجديد الذى انتهى الوزير من صياغته، يعد أحدث معارك الجمل المستمرة لتطوير التعليم - على حد قوله - يقف فيها الجمل فى جبهة، بينما يقف فى الجبهة الأخرى خبراء التعليم والتربويون الذين لم يأخذ الوزير رأيهم، ولو بشكل استشارى، لدرجة جعلت حامد عمار يصف المشروع فى إحدى كتاباته «أى وحى نزل من سماء المعرفة والخبرات العالمية التربوية، ليهبط على الجمل بمثل هذا التصور المذهل العجيب لثانوية عامة جديدة؟».. لكن أزمة الثانوية الجديدة، ليست فى سنتها الواحدة ذات الامتحانات الثلاثة التى أثارت القلق داخل الأسر المصرية، وإنما فى أن الجمل أظهر أنه أول من لا يؤمن بها بقوله، «واقعيا لا مدارسنا ولا معلمينا ولا مناهجنا تصلح لهذا النظام الجديد».. إذا كان الجمل غير واثق من نجاح مشروعه، فكيف يعتمده مجلس الوزراء ومن بعده مجلس الشعب.. وقبل الاثنين كيف تضع به الأسر المصرية ثقتها؟.. بالفعل هذا ما حدث فلم يكن الجمل يتوقع أن أحدث مشروعاته سيقف فجأة، بعدما طلب منه مجلس الوزراء إعادة صياغة المشروع من البداية، مع إزالة كل البنود التى تثير اللغط داخل الأسر المصرية.

ليست تلك هى المرة الأولى التى يعيد فيها الجمل النظر فى مسألة كان قد حسمها، وذلك تحت ضغط يقع عليه مما يعكس كما يقول الخبير التربوى أيمن حبيب- عدم قدرته على اتخاذ قرار سليم لا يحدث جدلا.. الجمل منذ أسبوعين فقط تراجع عن قراره السابق بامتحان المتخلفين عن اختبار الكادر الماضى فى أغسطس 2009 ،وقدم موعده إلى نهاية مايو المقبل، تحت تأثير مظاهرة قام بها عشرات المدرسين من شبكة معلمى مصر أمام ديوان الوزارة، لمطالبته بصرف الكادر لـ125 معلما لم يخوضوا اختبار الكادر الماضى.. هنا ارتبك الجمل بشدة، ليطلب تفاوضا مع المعلمين أسفر عن تقديم موعد الامتحان 3 أشهر كاملة، مما دفع أيمن البيلى - عضو بحركات المعلمين المستقلة- لكى يسأل :إذا كانت لدى الجمل إمكانية لتقديم الامتحان، فلماذا التأخير منذ البداية ؟.. قد لا يكون أيمن البيلى محقا فى سؤاله، حينما يعلم أن مصادر مطلعة أكدت لـ«اليوم السابع» أن الجمل استغل مظاهرة المعلمين، وقدم موعد الامتحان 90 يوما، لأنه كان سيقع فى مطب قانونى »محرج«، فالمعلمون المتخلفون وعددهم 125 ألف معلم- كانوا سيرتقون فى الدرجة المالية والوظيفية بشكل تلقائى مع بداية العام المالى المقبل (فى يوليو 2009)، ثم كانت ستأتى امتحانات كادر أغسطس 2009 لترفعهم درجة مالية ووظيفية أخرى، بمعنى أن الجمل كان سيجعل المعلم الذى خالف تعليمات الوزارة، أفضل فى الدرجة المالية والوظيفية من المعلم الذى التزم وخاض الامتحان.

لكن من الخطأ الاعتقاد بأن تقديم موعد امتحان الكادر، يقضى على صداع المعلمين فى رأس الجمل، فقد أعلنت شبكة روابط معلمى مصر على إصرارها على صرف الكادر من 1/7/2008 وهو الموعد الذى حققه القانون 155- لكن الجمل خالفه لأن الامتحان بدأ فى أغسطس بعد موعد الصرف بشهر، مما دفعه للصرف من 1 ديسمبر.. والآن تنظر دعوى قضائية بهذا المطلب فى محكمة القضاء الإدارى بالاسكندرية أقامتها حركة «معلمون بلا نقابة».

ليس المعلمون وحدهم هم من يمثلون صداعا فى رأس الجمل، وإنما الإداريون أيضا، فقصة معاناتهم مع يسرى الجمل بدأت مبكرا منذ عامين، حينما تجاهلهم أثناء تحديده الفئات المستحقة للكادر دون سبب مقنع حتى الآن، سوى أن قانون الكادر تم تفصيله للمعلم فقط.. ولم يعترف الجمل بـ560 ألف إدارى كجزء من العملية التعليمية إلا بعد صدور توصية من لجنة التعليم فى 2008، تفيد بصرف بدل كادر لهم تحت مسمى «حافز الإثابة»، والذى لم يحصلوا عليه حتى تلك اللحظة.. «والآن يحاول يسرى الجمل تبرئة نفسه من تهمة إهدار حقوق الإداريين المالية، ملقيا التهمة على الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية.

إذن ومع كل هذه الأزمات التى تحدثها قرارات الجمل، فإن سؤالا يطرح نفسه وهو: كيف يصنع الدكتور يسرى الجمل سياسات التعليم فى مصر؟.. منذ مجىء الجمل إلى منصبه الحالى، وهو يطبق سياسة اللا مركزية فى صنع القرار، فهو من أكثر الوزراء المؤمنين بها فى حكومة نظيف الثانية.. «لكن الجمل يطبق اللامركزية بشكل خاطئ ،فقد ترك الحبل على الغارب لمساعديه لاتخاذ أية قرارات والشاهد على ذلك فضيحة تسريب امتحانات الثانوية العامة العام الماضى، حينما أطلق الجمل العنان لرؤساء الإدارات ليتحول كل منهم إلى مركز من مراكز القوى فى محافظته، وهو ما وضح بعدما أكدت النيابة الإدارية تورط عدد من مسئولى الوزارة فى القضية.

اللعب بالصفوف الدراسية..طوال السنوات العشرين الأخيرة قامت كل الحكومات تقريبا عبر وزارة التربية والتعليم بتجربة أصابعها فى العملية التعليمية أكثر من مرة .. ألغت صفوفا دراسية ثم إعادتها لتلغيها مرة أخرى..

لمعلوماتك...
17 مليون أمى فى مصر حسب إحصائيات 2006 الرسمية









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة