د. ياسر رجب

"الدحيا على الشفقان"

الأربعاء، 07 نوفمبر 2012 08:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نداءان الأول شخصى والآخر وطنى، أما الأول فهو لكل من يعرف معنى الجملة السيناوية السابقة التى وردت فى إعلان شركة اتصالات شهيرة أن يرسل معناها، وأما النداء الثانى فهو وطنى وهو الأهم بأن ننشئ خطاً ساخناًً مع هذا الجزء الغالى من الوطن فقد تاهت شفرات الاتصال بيننا وفقدنا الاتصال الرسمى والتواصل الشعبى بأرض الفيروز لدرجة أننا لا نعرف أن (هذى عوايدنا من زمان)

نعم نطرب للفلكلور السيناوى وفلكلور مطروح والنوبة وأحب كثيراً أغنية (التاكسى اللى جاى من الحمام) ولكننا لا نفهم أبعاد مشاكلنا الحقيقية وخاصة المشاكل الحدودية التى تعد صداعاً فى رأس الدول ولكن للمشكلة السيناوية بعداً ظاهراً فى أن ما يحدث هناك يرتبط بهيبة الجيش كمؤسسة والدولة ككيان فيبدو كما قال باسم يوسف إن (العملية نسر لم تفشل بل النسر هرب ليتجوز عرفى مع طائر النهضة).

فلا يبدو أن العملية نسر قد أتت أكلها ويبدو أن النسر غرق فى بيانات المجلس العسكرى أو ضل الطريق فى دروب سيناء الوعرة وصحراواتها القواحل، ويبدو أن الهجمات المتتالية على الكمائن والجنود البواسل هناك أفقد النسر توازنه فأسقط عشرات الشهداء من جنودنا تحت ما يسمى بحوادث سير بسبب انحراف (عجلة القيادة) لدرجة أخافت الكثير من المواطنين المتشككين فى مدى جاهزية قواتنا هناك مما جعل مواطنا بأحد وسائل النقل العامة سمعته بأذنى يقول غاضبا: إن الجيش غير مستعد لهجوم مسلحين عاديين وليس لهجوم جيش وأن عمل الجيش الآن هو إنتاج (البيضة أم صفارين) وغيرها من المنتجات المدنية وليس الاستعداد القتالى وقياس سرعة الصواريخ...إلخ.

المشكلة السيناوية جزء من تعقيداتنا الداخلية التاريخية العميقة فى أننا لا نجيد التعامل مع الحدود كمسألة أمن قومى.

فرغم الزيارة الأخيرة للرئيس لمطروح لم تحل مشكلة الضبعة ورغم رحلات اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور إلى النوبة لم تحل مشاكلهم ورغم الزيادة العددية لقواتنا فى سيناء لم نستطع حل المشكلات الأمنية هناك ورغم التحذيرات المتتالية بقيام إسرائيل باستغلال الغاز المصرى فى البحر المتوسط لم تحل المشكلات فى الشمال.

فإنى أتفق مع الكاتب فهمى هويدى فى أن (التقاعس بشأن الغاز المنهوب بحدودنا الشمالية فى البحر المتوسط يصل لدرجة التواطؤ).

إنه يا سادة إرث ثقيل محمل بالعقد التاريخية والمشاكل المتراكمة نشأ فى الماضى، ومازال يجثم على الوطن فى الحاضر وقد تمتد آثاره إلى المستقبل. نريد يا سادة تحرير سيناء نريد رفع العلم المصرى بدلاً من العلم الأسود الذى تم رفعه هناك على مديرية الأمن كرمز لتنظيم القاعدة. نريد احتضاناً لأهلها استثماراً لأرضها. نريد مشروعات حقيقية لا كلاماً مستهلكاً نريد ثورة فى التعامل مع ملف سيناء لا نريد طرقاً تقليدية فى التعامل لا نريد خططاً خمسية كما كان فى عهد المخلوع.

ربما الحل (وزارة سيناء) أو (ميزانية سيناء) أو وجود قانون خاص بأرض الفيروز وربما لا يكفى إقرار الدكتور هشام قنديل آلية التملك لأراضى سيناء.

وللمشكلة أبعاد تتعلق بالتالى:

1-الأمن القومى:
سيناء هى البوابة الشرقية لنا وهى قبلة أسلحتنا ومرماها لتجاورها مع العدو التاريخى والتقليدى ولخطورة الأمر فقد كان لزاماً أن يتم تحرى الشفافية بخصوص مدى تقدم العمليات العسكرية فى سيناء وهل ما نلاقيه هناك أشباحا أم جيشا سريا من المسلحين المتدربين أم مخابرات أجنبية أم (شوية عيال مخهم طاقق)؟ فالتغطية الأمنية هناك يندى لها الجبين بل وتدعو للحنق لدرجة أن الشرطة المصرية تخلت عن مواقعها على إثر استشهاد ثلاثة من جنودها بل وتدعو للقلق لتزايد حوادث السير فى سيناء لدرجة تدعو إلى الريبة فى أن الأمر خارج السيطرة وهذا يؤيده تصريح منتصر الزيات بأن سيناء خارج السيطرة المصرية وأن الرئيس يتلقى معلوماته حولها على الطريقة المباركية القديمة.

ولخطورة الأمر أيضا أناشدكم سيادة الرئيس بغلق الأنفاق وردمها ردما حقيقيا فالأمن القومى للدولة المصرية هو ما لا تستطيع سيادتكم أو جماعتكم أن تجاملوا فيه حماس أو قطاع غزة فالدم المصرى لا مزايدة عليه.

2-البعد الاجتماعى:
أطالبكم سيادة الرئيس بتبنى الفكرة القديمة الجديدة وهى إنشاء مدن مليونية لأن حائط الصد البشرى من حضارة وعمران أهم وأقوى من حائط الصد المدفعى والصاروخى فإن كنا لا نستطيع بظروفنا الحالية – اقتصادياً أو عسكرياً أو حتى سياسياً-أن نعدل فى اتفاقية كامب ديفيد فمن يمنعنا من إنشاء الجامعات والمصانع والمزارع والمدن المليونية فى أرض سيناء المصرية أرضاً وسماءً.

3-البعد الاقتصادى:
لست اقتصادياً لأخبر فخامتكم باستغلال ثلث مساحة مصر ولست خبيراً فى الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو خبيرا سياحيا لأخبركم عن دفء السياحة الدينية أو روعة رحلات السفارى أو جمال المحميات الطبيعية بل إنى أعرف شيئاً واحداً أن من يعرف قسوة الصحارى وخشونتها فى سيناء ولا يجد أرضاً يتملكها أو مصنعا يعمل به أو شيخ جامع غير متطرف أو فى متناول يده – أضف على ذلك القمع - فإنه سيكون ضحية التطرف الدينى وسيتاجر بوطنه أو بدينه أو سيتاجر بعقله بمخدر يمحو تاريخه قبل أن يمحو ذاكرته.

4-البعد السياسى:
ضاقت بأهل سيناء السبل من تعاقب الحكومات الفاشلة فى التعامل وانقطعت بهم الحيل من الأحزاب الفاشلة فى التواصل فلم يعد لهم إلا بعيد يتجهمهم أو عدو فى الماضى تملك أمرهم لذا كان من المنطقى أن يطالبوا مؤخرا بإنشاء حزب يعبر عن طموحاتهم بعد خذلان الأحزاب السياسية لهم واتخاذهم قضية سيناء تجميلاً ديكورياً ورغم ان المطالبة بالحزب تعد بالنظرة المجردة أمراً مشروعاً ومنطقياً بل وأقل حدة من دعوات البعض لتدويل قضية النوبة إلا أنى أشتم رائحة غير مرغوبة فى تأسيس الأحزاب على أسس جغرافية فهل بعد شهور نسمع عن الحزب السيناوى الديمقراطى وبعدها الحزب المنوفى الحر والحزب النوبى الاشتراكى.

ومن ناحية أخرى عليكم أيها الرئيس بتقوية سلطة القبيلة فى سيناء بالقدر الذى يخدم مصر ككيان فلا يجب أن تصبح هذه القبائل غولاً لا يرضخ للدولة المصرية ولا يجب أيضاً أن تكون هذه القبائل من الضعف بحيث لا تقوى على مواجهة الخلايا الإرهابية النائمة أو النشطة.

وأطالبكم أيضا بأن تدركوا سلطة القبيلة باعتبارها أحد حلقات التطور السياسى فى سلطة الحكم ما بين السلطة الأبوية وسلطة الدولة فهذه السلطة لم يعد لها وجود بدليل قتل الخلايا الإرهابية النشطة فى سيناء لشيخ قبيلة له ثقله بسبب أنه كان مؤيداً للعملية نسر بل إن آخر هذه العمليات اختطاف شيخ قبيلة الأغوات فى سيناء.

أخيرا كيف نفسر كل هذا العجز المخابراتى فى سيناء؟ كيف تفسر فخامتكم التحذير الأخير لوزارة الخارجية البريطانية من وقوع حادث إرهابى فى سيناء ويقع الحادث الأخير؟ كيف تفسر التحذيرات الإسرائيلية قبل حادث رفح الأخير ورغم ذلك يقتل أبناؤنا قبل إفطارهم؟
"ده كل تقريرا مخابراتياً يقول لفخامتك-(أنا هركنلك الكرة فين وإمتى)
سيادتك حارس مرمانا وأنت المسئول أمامنا عن هذه الأهداف ولادى(عوايدنا من زمان).

أنقذوا مرمى سيناء فقد يتخطفها عدو متربص ببنادقه ومخابراته أو صفقات سلاح سرية أو فكر متطرف موجه أو إهمال رسمى وشعبى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة