خبيرة التنمية البشرية رانيا المريا تكتب: كيف نحافظ على الحب؟

الأحد، 28 أكتوبر 2012 04:24 م
خبيرة التنمية البشرية رانيا المريا تكتب: كيف نحافظ على الحب؟ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استكمالا لما بدأناه عن الحفاظ على حالة الحب بين الشريكين طوال مشوار الحياة، وحتى لا يخبو نوره أو يختفى وراء ساتر من المشاكل والكثير من الإحباط، سنلقى الضوء على الضلع الثالث فى مثلث الحب المتكامل.

فى البداية يجب أن نعترف أن حالة الانجذاب العاطفى هى الضلع الأساسى فى مثلث الحب ولكنها وحدها لن تكفل له الاستمرارية بسعادة ورضا ويجب أن يكمله الضلع الثانى وهو إشباع الاحتياجات الخاصة بكل شخص حتى لا يشعر بالإحباط من العلاقة، أما الضلع الثالث يكمن فى جودة العلاقة من حيث معاملة كل طرف للآخر بطريقة أخلاقية جيدة وصالحة ترجع عليه بالفائدة والنفع، فجانب المظاهر الأخلاقية وصلاح العلاقة هو الموضوع الذى سنوضحه حتى نحافظ على الحب...

وللحكم على العلاقة كونها جيدة أم سيئة يتطلب النظر فى أمور حياتية مختلفة أكثر من التصرفات التى تقود إلى الرضا أو الإحباط، فهما يمثلا جزء من النواحى الجيدة والسيئة فى العلاقة ولكن ليس كل النواحى، فنجد أننا نستمتع بأشياء ولكن لا نحكم عليها بأنها جيدة مثل عادة التدخين فمن يدخن يستمتع بالتدخين، ولكن هذا لا يجعل عادة التدخين جيدة ومفيدة له بل على العكس يمكن أن تؤدى إلى دمار صحته، فلو أن الاستمتاع والسعادة هما معيار جودة العلاقة دون النظر إلى طبيعة ونوعية الاستمتاع من حيث الضرر أو الإفادة للشخصين، يمكن أن يؤدى هذا المفهوم إلى دمار للشخص أو للحياة حتى مع كونه راضى أو مستمتع.

فنجد كثير من العلاقات مع كونها مرضية وممتعة تؤدى إلى ضياع الذات، أو محو الشخصية، وعدم وجود الرغبة فى التطور وتنمية الذات وبالتالى ينتج عن هذه العلاقة فقدان الاستقلالية، على عكس المفترض أن العلاقة الناجحة تنتج عنها أيضا حياة ناجحة للطرفين ويكون كل طرف مفيد ومؤثر بطريقة إيجابية على الطرف الآخر، ودافع محفز على النجاح ومساعد عليه وليس العكس، ولذا يجب أن يضاف المعيار الأخلاقى فى الحكم على العلاقة بأنها جيدة أم سيئة وليس الحكم فقط بالرضا والسعادة.

فالتناسب الأخلاقى والفكرى والاجتماعى ضلع لا يقل أهمية من الضلعين السابقين من حيث التناسب والمماثلة فى الأخلاق والطبائع والأفكار، التى يكون لها عامل قوى فى انجذاب الأشخاص لبعضهم، فكلما ازدادت نسبة المناسبة والتماثل زاد الانجذاب وكلما زادت نسبة إحسان كل طرف إلى الآخر وكانت مجمل الأفعال إيجابية وجيدة كلما زادت نسبة الانجذاب ودامت إلى الأبد.

ولذا هناك سؤال مهم يجب أن نسأله لأنفسنا لفهم أعمق للعلاقة؛ هل كل من انجذب اليه يجعلنى اشعر بالسعادة والرضا ويضيف قيمة أخلاقية أو فائدة إلى حياتى؟.

وعند إجابتنا على هذا التساؤل يحب أن ندرك أن كل ظاهرة من مظاهر العلاقة مستقلة بذاتها ولا ترتبط بأى شكل بالظاهرة الأخرى، فحالة الانجذاب تستقل عن حالة الرضا وعن كون العلاقة تنتج عنها نفع لحياة الطرفين وذو قيمة أخلاقية، فنجد أمثلة مختلفة عن انجذاب أشخاص لآخرين لا يسبب لهم السعادة مثل الحال فى الحب من طرف واحد، او انجذابهم لأشخاص غير متوافقين معهم أو مناسبين لهم مثل الحال فى الحب الغير متكافىء فى المستوى الأخلاقى أو الاجتماعى أو العلمى أو حتى المادى، وأيضا نجد أمثلة لأشخاص ينجذبوا لآخرين لا تنتج عن معاشرتهم إحساس بالمتعة والسعادة والرضا.

وإن استقلالية حالة الاستفادة من العلاقة والانجذاب واضحة فى علاقة المعلم وتلاميذه، فنحن نستفيد ونتعلم من المعلم دون شرط أن يكون هناك علاقة انجذاب عاطفية تجاه هذا المعلم، وأيضا استقلالية مشاعر الرضا عن كون الشخص جيد، ولأن أغلب النشاطات الممتعة لا تكن بالضرورة هى النشاطات المفيدة فبالتالى فإن الأشخاص الذين نعتبرهم الأكثر متعة لا يكونوا بالضرورة الأكثر نفعا لنا.

وفى النهاية نستخلص أن حالة الانجذاب تستقل عن حالة الشعور بالسعادة والرضا وهما الاثنان يستقلان عن كون العلاقة جيدة للشخص ومفيدة أم ضارة له ولحياته، ولكى نقرر أن هذه العلاقة ناجحة وزاخرة بالحب يجب أن تتواجد المظاهر الثلاثة بشكل جيدk فالعلاقة المتبادلة بين هذه العناصر الثلاثة هى التى تحدد مدى جودة وقوة مشاعر الحب فى جميع مستويات العلاقات الإنسانية وليست فقد علاقة الحب والغرام.

فعلى الرغم من أن المفهوم العام التقليدى أن أهم عناصر العاطفة وسماتها المميزة هو الانجذاب إلا أنه غير كاف لإنجاح علاقة حب، بغض النظر عن مدى قوته وشدة الانجذاب وثباته، فمثله مثل باقى العلاقات يحتاج إلى نجاح العناصر الثلاثة للوصول إلى استمرار العلاقة بنجاح، وبالحفاظ على الثلاثة أضلاع للحب المتكامل نستطيع أن نحافظ على توهج الحب واستمراره.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة