شاكر رفعت بدوى يكتب: خروف العيد والثورة

السبت، 27 أكتوبر 2012 09:05 م
شاكر رفعت بدوى يكتب: خروف العيد والثورة خروف العيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عزيزى خروف العيد.. لقد طالت غيبتك عنا.. سنوات طوال يا "غالى" كنا فيها نمنى أنفسنا برؤياك ولكن ضيق الحال وارتفاع ثمنك حال دون ذلك، وأعاقنا عن شراؤك طيلة السنوات الفائتة التى كنا فيها ندخر مصروف البيت ونبيع أثاثه حتى شاء الله أن نجمع ثمنك ونشتريك بعد أعوام ذقنا الويل فيها.

ها أنا قد اشتريتك بعد سنوات طوال كان يسألنى فيها أولادى عنك فكنت أقول لهم خلالها أن اللحوم ضارة بالصحة، ونحن لابد أن نعيش نباتيين نأكل الفول والبيصارة كما تعودنا.

ولكنهم كانوا من الذكاء أن يعرفوا أن عسر الحال وضيق ذات اليد هما العقبة الكئود التى كانت تمنع شراؤك.

فها قد شرفتنا فى منزلنا المتواضع بعد طول غياب ليفسح لك أبنائى حجراتهم ويتركونك تبرطع فيها دون أن يقيدوك.. وكيف يقومون بذلك وهم قد ذاقوا الويل أيام وليال كانوا لا يأكلون من أجل أن يدخروا ثمنك.

كيف ننسى يوم أن غافلتنا وخرجت من باب البيت وظللت وأبنائى نجرى وراءك لنمسك بك ونعيدك إلى البيت ونظل نتندر ونضحك طيلة اليوم على محاولة هروبك الفاشلة.. ورغم قلقنا وخوفنا عليك وقتها إلا أننا كنا سعداء بأن أهل الحى قد عرفوا بأن عندنا خروف بل كنا نتمنى حينها أن تطول المسافة التى تجريها حتى يعرف ذلك أناس أكثر..

إننا لن ننسى أيضا يوم أن تجمع خرفان الجيران فى ميدان الحى وثاروا مثل ثورة الشعوب اعتراضا على ذبحهم وكنت تصيح بأعلى صوتك تضامنا معهم..

كنتم تقولون وقتها إن الناس كانوا مثلكم أتباع يساقون كما تساقون لكنهم حرروا رقابهم من الذل، لأنهم تميزوا بعقل وأعملوا عقولهم فتخلصوا من الظلم والغبن..

كنتم تتساءلون أيضا ما الفرق بينكم وبين البشر فالكل للنظام محتقر.. والكل منذ أزمنة سحيقة يقاد ويساق إلى مصير لا يعلمه ولا يملك اختياره..

لقد ثرتم ورفعتم فى ثورتكم شعارا "لن نعيش خرافا بعد اليوم" وتحقق للبعض منكم ما أراد.. أما من رضى بحاله وآثر السلامة فرضى أن يحيا ويموت خروفا تبيعا ينتظر موته بين الفنية والأخرى..

ها هو العيد جاء.. موعد ذبحك.. ورغم فرحتنا بالعيد إلا أننا نتساءل فى حزن شديد هل حقا ستغيب عنا بعد هذا اللقاء السعيد.. وكيف سأتحمل أن أذبحك بيدى.. هل هذه اليد التى جمعت المال طيلة تلك الأعوام لتشرفنا وتؤنس وحدتنا هى نفس اليد التى ستمسك السكين وتقطع رقبتك.. كيف سيحدث ذلك؟

لقد قضيت معنا أياما جميلة كنت فيها نعم الرفيق.. ذكراك العطرة ستظل تملأ أركان المكان.. كيف ننسى كلمة "باء باء" التى رغم أنها كانت توقظنا من نومنا وتزعج جيراننا إلا أنها رغم ذلك كانت تشجينا وتطربنا..

وما أود أن أقوله قبل أن ينفذ فيك قضاء الله المحتوم لا تنسى أن تذكر أصحابك وإخوتك من الخراف الذين لم يثوروا وظلوا على حالهم خرافا إلا يطول غيابهم عنا عسى أن يعوضوا غيابك المرير..

ولمّ كانت ثورتكم التى كادت تحرمنا من أطيب الطعام لولا أفول البعض عنها؟.. ثورتكم لا باركها الله لأنها ثورة ضد بطوننا التى لا مأوى لكم إلا فيها..

عزيزى الخروف لست أنت وحدك المذبوح.. فرغم أننى سأذبحك بيدى.. إلا أننى مذبوح مثلك.. ستموت أنت من ذبحى لك.. بينما أنا أموت مرات ومرات دون أن يسيل دمى..

ختاما كل عام وأنت فرحة وعيد لنا.. كل عام وأنت طعام شهى لبطوننا.. كل عام وأنت خروف راض بالمصير المحتوم الذى ينتظره..











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة