علا عمر تكتب: كسر حاجز الخوف

السبت، 22 سبتمبر 2012 05:31 م
علا عمر تكتب: كسر حاجز الخوف صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الخوف هل من مبدد؟ هل من معالج أم وجوب وجودك بيننا نتيجة طبيعية لأفعالنا.. هل وجوب وجود الخوف ظاهرة صحية؟ فى وقت ازدحم فيه الوطن وازدحمت شوارعه بالمركبات، والأرجل التى تحمل ولا تحتمل كما أكثر من الأجساد المشبعة بالأمراض النفسية.

لا يوجد شخص على وجه الأرض لا يرتاب فى شىء.. حتى أنت إذا اعترضت على هذه الجملة فأنت ترتاب فى شىء مازلت لا تعرفه أو تقابله بعد. أردت فى ثلاث حكايات قصيرة (الصدمة - الحب - الجمال) أن أستمر فى كثر حاجز الخوف إلى غير رجعة قررت هذه المرة أن أبتعد وليس كثيرا عن معارك الشارع السياسى التى اختلطت فجأة بكل النواميس والدساتير والأديان (استوقفتنى جملة بعد عشرين شهر على الثورة)، جملة على لسان صاحبها السياسى.. (أبحث عن الحقيقة بعيدا عن أفواه السياسين) أجد فى جملته معظم الحقيقة ولكن الاضطرار إلى سماع المختلين أحياناً واجب... ثلاث قصص من جرعة الخوف نفسها كان العلاج.

الصدمة: (طفل القبور) كان الطفل مصاباً بفوبيا الخوف من منظر القبور لأنها مجهول أو بمعنى أصح حقيقة نتناساها معظم الوقت، القبور شاهدة على مجهول يغيب عنه من يحبهم ويمضى بهم إلى حيث لا رجعة كان الطفل حين تجبره الظروف على المرور بين قبور الموتى أثناء ذهابه مع والده لزيارة جدته أو عمه يبدأ جسمه بالارتجاف مصحوباً بالأحلام الليلية المزعجة والكوابيس وصوت نباح الكلاب السوداء.. كان أكثر ما يرعب الطفل أن يعبر قبر محفور سقط سقفه لميت بائس ليس له زرية أو كتب على حظه (الزوار يمتنعون ) بعد تقسيم التركة، راحت حالة الخوف من القبور خاصة المهدومة تسسم طفولته بميسمها فى جرعات متزامنة مع كل زيارة استمرت الحالة عند الطفل حتى كبر وصار شاباً، وبدأت الحرب وصار الطفل... جندى شاب ووقع الاصطدام ولكن هذه المرة بما فى داخل القبور... وف الجبهة أمام عينه لفظ صديقه أنفاسه محتضنا الجندى الطفل... تجمعهما رائحة الدم والتراب وهواء ساخن على قطرات ماء فاتر لا أدرى من أعين من كان يسيل.

لفظ الصديق الدفعة أنفاسه وذهبت روحه وذهب رعب الموت فلم يعد مجهول بالنسبة لطفل القبور وجندى الميدان أو الجبهة.

الحب

إنه حب الحياة والحرية حياة كائن وحرية كائن آخر.. كان هذا الطفل يعانى من فوبيا الأماكن المرتفعة اعتقاداً منه وتصوره لصورة سقوطه وسماع صوت رأسه ترتطم أنه حب الحياة.. يجعلك أحياناً تخشى تسلق المرتفعات أو تكره الأدوار المرتفعة .. مع أنه لم يسقط يوما.. فكان يعانى من خوف غريزى متاصلاً فى نفسه وف ذات يوم أهدته والدته فى يوم ميلاده عصفور كناريا صغيراً وضعته فى قفص صغير من الخشب الأبيض وبمرور الأيام أحب الطفل العصفور وائتلف الكناريا شكل الطفل.. كان عشق الصبى للعصفور دافعه حين فتح باب القفص... لكن كان عشق العصفور للحرية كان دافعه أيضاً للتحليق بعيداً والهرب طار العصفور ليحط على قمة جزع نخلة عالية قريبة من منزله عند ذلك حزن الولد على فراق عصفوره ونسى المرتفعات وراح يتسلق النخلة مثل قط شقى ليمسك بالعصفور الذى تحول فيما بعد إلى طائر محترف دفعته الحرية وحبه للتحليق إلى التحليق ربما بعيداً.. أو ربما يعود لكن الحب أنسى الطفل نوع من الخوف خوف النخلة.. أحد المرتفعات!

طفل الأرجوحة
كان أشد ما ينهيه حين يركب القطار ويشاهد حركة الأشجار والبيوت والأجسام المهتزة التى تدور وتجرى فجأة مع صوت القطار، وكأنه الإنذار الآخير لدقائق أخيرة ثم تهتز وتسقط إلى أين فكان صغير لم يدرك خياله بعد كان بعكس كل الأطفال يكره الأراجيح فكان يكره أيام العيد والملاهى وروضته أيضاً فتذكره كم من مرة طرح أرضا ليأخذ آخر أقوى بنية وأسمن مكانه كان طفلا مختلفا، لماذا لا يجرى ويضحك ويجلس فى الفنجان ليدور به استمر الزمن والدوار ملازم الصبى ذات الرابعة عشر وأدوية الغثيان لا تفارق حقيبته المدرسية، وذات يوم شاهد أرجوحة لكن فى منزل ابنه الجيران ذى الثانية عشرة ابنة الجار البرجوازى الابنة الجميلة الدلوعة بملابس فيروزية. زاهية فضفاضة كانت تتطاير فوق رأسها. ..هاربة تاركة جسدها الخمرى الأملس يدب الحماس والنشوة فى جسد جناينى عجوز حين يهز الأرجوحة لتعلو بعيدا.. راح الجناينى يضرب الأرجوحة بكل قوته حتى باتت ترتفع فى عنان السماء مثل بندول ساعة متعجلة راسمة لوحة بديعة لحورية جميلة فى الهواء لم يستطع الصبى الهرب من الأرجوحة فى هذه اللحظة، فتمنى لو كان معها فوقها ناسيا الدوار وأدوية الغثيان والسقوط وصوت القطار وما يحدث له... كسر حاجز الخوف لا يأتى أبدا من الخارج ولكن من داخلك فقط ربما يساهم فيه أشخاص ومواقف مؤلمة أومؤثرة كل هؤلاء نسبة ضئيلة ولكن النسبة العظمى قوى غامضة عظيمة ربما تتعدى قوة انشطار قنبلة نيتروجينية فى تأثيرها على المدى.الأطفال ف النهاية. شعوب وخاصة فى دول الربيع العربى شعوب كسرت حاجز الخوف مثل الأطفال فكل شعب له حالة وله اختيار.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة