د. حسن عبد الحميد الدّراوى يكتب: الثقافة والحفاظ على الذاكرة الوطنية للأمة

الأربعاء، 12 سبتمبر 2012 08:15 ص
د. حسن عبد الحميد الدّراوى يكتب: الثقافة والحفاظ على الذاكرة الوطنية للأمة الدكتور مرسى مع الفنانين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى لقائه بالفنانين والمثقفين يوم 6/9/2012م أشــــــاد الدكتور محمد مرســــى، رئيس الجمهورية، بالفن والفنانين والمثقفين باعتبار أن الثقافة المصـــــرية والعربية الأصــــيلة هى الحصن الحصين للأمة.

وقد اختارت وزارة الثقافة المصــــرية 140 فنانًا ومثقفًا وأديبًا، من مختلف المجالات، للقاء الدكتور مرسى، وسط سجال حاد، شغل الساحة الأدبية فى مصـــــر.

ونظرًا لأن الثقافة هى المشروع الكبير فى بناء أى وطن قوى فإنه يتوجب على كل المواطنين أن يكونوا مساهمين فى بناء هذا الوطن، فقد حان الوقت كى يلعب المواطن دور البطولة وليس دور الكومبارس، وفى الوقت نفسه هى فرصة للنخبة، إن أرادت أن تتواجد، فيجب عليها أن تحمل على عاتقها هذه المهمة، مهمة التوعية والقيادة، واستخدام الفن والثقافة كوسيلة لصنع الأجيال القادمة، والوقوف ضد أى محاولة لتهميش دور الثقافة والمثقفين والمبدعين.

فمصر معروفة بدورها التاريخى فى مجال الإبداع والثقافة، حيث إنها صـــمام الأمن للأمة العربية كلها، ولقد ســـــعدتُ بتفهم الدكتور مـرســــى لدور المُثقف المصــــرى باعتبار أن المثقفين ثروة قومية للوطن.. أى وطن.

وســـــعدت أكثر وأكثر عندما طلب أحد الشــــعراء الكبار من رئيس الجمهورية مزيدًا من الطمأنة لأصحاب الرأى والفكر، فاعتبر رئيس الجمهورية أن طلب الطمأنة هذا فيه إهانة للمثقفين، وهنا أُؤكد على ما قيل، لأن كل المثقفين ضـــمير الأمة، ولأن حريّتى الرأى والتعبير حقّان مكفولان لكل المثقفين الفضلاء أصـــحاب الكلمة الصادقة الهادفة.

إن التأكيد على أن مصر دولة مدنية حديثة، وأنها لن تكون يومًا ما دولة ثيوقراطية؛ كان تأكيدًا له كل الدلالات الجميلة والهادفة، لأن الثيوقراطية هى حكومة الكهنة أو الحكومة الدينية.

فكلمة ثيوقراطية تتكون من كلمتين مدمجتين، هما "ثيو" وتعنى الدين، و"قراط" وتعنى الحكم، وعليه فإن الثيوقراطية هى نظام حكم يستمد الحاكم فيه سلطته مباشرة من الإله، حيث تكون الطبقة الحاكمة من الكهنة أو من رجال الدين الذين يُعتبرون موجَّهين من قبل الإله أو يمتثلون لتعاليم سماوية، وتكون الحكومة هى الكهنوت الدينى ذاته أو على الأقل يسود رأى الكهنوت عليها.

كان أول من استخدم مصطلح "ثيوقراطية" هو جوزيفوس فلافيوس فهى بالإنجليزيةJosephus Flavius، وكان ذلك فى القرن الأول الميلادى لوصف الحكومة القائمة عند اليهود.

فاليونانيون يعترفون بثلاثة أنواع من الحكم: الملكى، الأرستقراطى، والفوضوى.. وكان اليهودىُّ "فريدون" قد كوَّن نظام الحكم لديهم، حيث لا يندرج تحت أى من أنظمة الحكم الآنفة الذكر.

لقد فهم جوزيفوس الثيوقراطية، على أنها شكل رابعا من أشكال الحكومة يكون فيه ما يقوله الله تعالى فى كتابه المقدس.. إذ هو فقط مصدر الحكم.

ومع حلول حقبة التنوير فى أوروبا بدأت الثيوقراطية تأخذ دلالة سلبية بشكل كبير، خصوصًا على يدَى الفيلسوف الألمانى "هيجل".

ومن أمثلة الحكومات الثيوقراطية فلورنسا أثناء فترة حكم الراهب الدومينيكانى "جيرولامو سافونار".. ولا يمكن وصف ذلك الحكم بالثيوقراطى، حيث خلال فترة حكمه أُحرقت الكتب غير المسيحية والتماثيل وكتب الأشعار، وغيرها فيما عرف بـ "مشعلة الأباطيل.

بالإضافة إلى جعل الشذوذ الجنسى جريمة عقوبتها الإعدام.
ومن الدول المعاصرة التى تحمل سمات الحكم الثيوقراطى جمهورية إيران الإسلامية، حيث توصف بأنها "جمهورية ثيوقراطية".. فيقوم نصف عدد أعضاء مجلس منتخب بتعيين فقيه إسلامى مدى الحياة فى منصب القائد الأعلى.

ومجلس الخبراء، الذى يعتبر جهة تنفيذية فى الحكومة، يتحمل مسئولية تحديد ما إذا كانت التشريعات القانونية مطابقة لرؤيته لشريعة الإسلام أو ليست كذلك، بالإضافة إلى مهمته فى منع الناخبين الذين لا يرى فيهم الأهلية الكافية للترشح.

أيضًا الفاتيكان دولة ثيوقراطية، ففى عام 1929م اعتُرِف بشكل رسمى بالفاتيكان كمدينة مستقلة بعد عقد اتفاقيات مع الحكومة الإيطالية.. وفيها ينتخب "مجمع الكرادلة" الأب الذى يكون بعد ذلك رئيسًا.. فينتخب الأب مدى حياته، ويحق للكرادلة فقط انتخابه.. يُعين الأب وزير الخارجية المسئول عن العلاقات الدولية.
يخضع القانون هنالك لإملاءات الأب واجتماعات يعقدها رجال الدين.. ولا يسمح للنساء بتولى أى منصب رسمى فى الفاتيكان.

إذن مصـــــر لن تكون دولة دينية فقط، ولكنها دولة ديمقراطية أيضًا.. فتحيتى وتقديرى لهذا التوجه الجميل، وتحيا مصــــــر للأبد دولة ديمقراطية، ينعم فيها كل مواطن بخيرات بلده وثقافة هذا الوطن الجميل، ولننتظر لمقبل الأيام لنرى ما سيتحقق على أرض الواقع من جلب الكثير والكثير من المنافع للمواطن الذى عانى التهميش والفقر المُمنهجين على مر العقود الفائتة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة