عمرو وجدى يكتب: أضحوكة إسرائيلية

الإثنين، 03 سبتمبر 2012 03:03 م
عمرو وجدى يكتب: أضحوكة إسرائيلية وزير الخارجية الإسرائيلى أفيجدور ليبرمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلى، أفيجدور ليبرمان - الذى وجه فيها الدعوة للرئيس محمد مرسى لزيارة إسرائيل، وأكد أنه يجب على الرئيس المصرى استضافة شخصيات إسرائيلية رسمية، وإجراء مقابلات مع وسائل إعلام إسرائيلية، وأن السلام بين مصر وإسرائيل لا يمكن أن يكون افتراضيًّا - تصريحات مثيرة للضحك والاشمئزاز فى آن واحد.

فعلى أى أساس تقوم إسرائيل بدعوة الرئيس مرسى لزيارتها وهى منذ البداية رافضة إياه ومتخوفة من وجوده على رأس الدولة المصرية باعتباره منتميًا إلى جماعة الإخوان المسلمين وإلى التيار الدينى؟ وكيف وصلت بها البجاحة إلى أن تفكر - مجرد التفكير - فى دعوة رئيس دولة لها وزنها إقليميًّا وهى مستمرة فى ارتكاب الجرائم والانتهاكات بحق الشعب الفلسطينى من قتل الأبرياء العُزَّل وتشريدهم وأسرهم واعتقال الآلاف وإنشاء مستوطنات جديدة؟

فحتى الرئيس السابق الذى كانت تربطه علاقات استراتيجية وقوية بالدولة العبرية لم يزرها إلا مرة واحدة، وكانت زيارة غير رسمية فى مراسم دفن رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق، إسحق رابين، فى تسعينيات القرن الماضى، فكيف يقوم الرئيس محمد مرسى بهذه الخطوة وهو منتمٍ إلى جماعة ضد إسرائيل بالأساس؟

تعلم قيادات إسرائيل – وعلى رأسها ليبرمان - جيدًا أن الدعوة مستحيل أن تتم تلبيتها، وأنها مرفوضة شكلاً وموضوعًا، وعلى المستويين الرسمى والشعبى، وأن الرئيس محمد مرسى ليس كسلفه حسنى مبارك، الذى فتح الباب على مصراعيه لاستقبال الوفود الرسمية الإسرائيلية، وحرص من وقت لآخر على إجراء لقاءات صحفية وتليفزيونية مع وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وعلى وزير الخارجية الإسرائيلى أن يتذكر جيدًا ما قاله قبل توليه منصبه منذ سنوات – عندما كان نائبًا فى الكنيست الإسرائيلى - والذى دعا فيه إلى ضرب السد العالى وتدميره لإغراق مصر عقابًا لها على دعم الفلسطينيين، وأن العرب وإسرائيل ليس بينهما إلا الحرب، وليس السلام، وعلى إسرائيل أن تستعد للحرب لكى تصنع السلام.. فكل هذه التصريحات والمقولات العدائية وغيرها على لسان ليبرمان والقادة الإسرائيليين تثبت أن إسرائيل لا تريد السلام أبدًا، وأنها تستهلك الوقت لكى تجهض عملية السلام وتدفن القضية الفلسطينية، مستغلة الدعم الغربى – والأمريكى على وجه الخصوص – لها، الذى جعلها لا تلتزم بأى اتفاقية تم توقيعها على مدى الأعوام الستين الماضية، ولا بقرارات الأمم المتحدة، وكانت من أكثر الدول خرقًا للقانون الدولى، وانتهاكًا لحقوق الإنسان.

تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلى تصريحات بلهاء لا تسمن ولا تغنى من جوع، وهى نوع من السفه السياسى وتضييع للوقت، ومحاولة لحشد الرأى العام العالمى للضغط على الدول العربية - وخاصة مصر - وإظهارها بمظهر الطرف الرافض لمد جسور السلام وإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل.

إن مثل تلك المحاولات الإسرائيلية لم تنتهِ، ولن تنتهىَ أبدًا، فقد حاولت إسرائيل أكثر من مرة استمالة القيادات المصرية عن طريق أقوال وأفعال مشابهة لتلك التصريحات، بدءًا من عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى قامت إسرائيل بإطلاق اسمه على أحد أحياء مدينة حيفا، مرورًا بعهد الرئيس السابق حسنى مبارك، الذى ذكر وزير البنية التحتية الإسرائيلى، بنيامين بن إليعازر، أنه "كنز استراتيجى" لإسرائيل، وانتهاءً بالرئيس الحالى محمد مرسى، الذى أعتقد أن إسرائيل تحاول - وبكل قوة - إحراجه أمام المجتمع الدولى عبر سلسلة من التصريحات المستفزة.

إذا كانت إسرائيل فعلاً تريد سلامًا حقيقيًّا – وأنا أشك فى ذلك - فعليها أن تظهر حسن النوايا فى التزامها بالانسحاب من كل الأراضى العربية التى قامت باحتلالها عام 1967، فى فلسطين ولبنان وسوريا، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، وإرجاع حقوق الشعب الفلسطينى، وحل قضايا اللاجئين والمياه والحدود وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، وبأن ترغب وتسعى لتحقيق السلام العادل والشامل القائم على حل إقامة دولتين، وأن تكف عن الاستمرار فى اتباع السياسات الاستيطانية وهدم بيوت الفلسطينيين.

أزعم أنه وقتها ستفكر الدول العربية – أو بعضها على الأقل – جديًّا فى التعاون مع إسرائيل، وستقيم معها علاقات طبيعية فى جميع المجالات، وإلى أن يحين هذا الوقت فالدول العربية لابد أن تكون ملتزمة بمقاطعة إسرائيل وبدعم القضية الفلسطينية حتى يحصل المواطن الفلسطينى على حقوقه المشروعة.

وفى هذا الإطار، وبالنسبة لمصر، فكل ما يربطها بالدولة الإسرائيلية هو اتفاقية السلام – فقط - والتى وقعت عام 1979، ومصر ملتزمة تمامًا كما أعلن الرئيس محمد مرسى بتعهداتها وفقًا لهذه الاتفاقية ومادامت إسرائيل ملتزمة أيضًا بها، فالقانون الدولى يسمح للدول بإعادة النظر فى التزاماتها الدولية فى حال ما إذا كان هناك إخلال جوهرى بأحد أحكام المعاهدة، فحينها يحق للطرف الآخر وقف المعاهدة أو إنهاؤها طبقًا لجسامة مخالفة الطرف الآخر لأحكامها، وهو ما ينطبق على معاهدة السلام مع إسرائيل إذا تبين أن هناك إخلالاً بأحكام هذه المعاهدة من جانبها.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة