تقرير هيومان رايتس ووتش يؤكد: القوات الحكومية تستهدف مسلمى بورما.. والانتهاكات وقعت بعد أحداث العنف المروعة فى يونيو بين الأراكان البوذيين والروهينغيا المسلمين.. وبنجلاديش تطارد اللاجئين

الثلاثاء، 31 يوليو 2012 04:10 م
تقرير هيومان رايتس ووتش يؤكد: القوات الحكومية تستهدف مسلمى بورما.. والانتهاكات وقعت بعد أحداث العنف المروعة فى يونيو بين الأراكان البوذيين والروهينغيا المسلمين.. وبنجلاديش تطارد اللاجئين أرشيفية
كتب أحمد مصطفى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قالت هيومان رايتس ووتش فى تقرير أصدرته أمس الاثنين، إن قوات الأمن البورمية ارتكبت أعمال قتل واغتصاب واعتقالات جماعية فى حق مسلمى الروهينغيا، بعد أن أخفقت فى حمايتهم وحماية البوذيين الأراكان، أثناء أحداث العنف الطائفى الدامية غربى بورما فى يونيو 2012، حيث أدت القيود الحكومية المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سكن الروهينغيا، إلى معاناة أكثر من 100 ألف نازح ومشرد من الحاجة الماسة للغذاء والمأوى والرعاية الطبية.

تقرير: "كان بإمكان الحكومة وقف ما حدث..العنف الطائفى والانتهاكات التى تلته فى ولاية أراكان فى بورما"، الذى صدر فى 56 صفحة، يصف عملية إخفاق السلطات البورمية فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف التوترات المتزايدة، واندلاع أحداث العنف الطائفى فى ولاية أراكان، رغم أن الجيش تمكن فى نهاية المطاف من احتواء أعمال عنف العصابات فى عاصمة الولاية، مدينة سيتوى، فقد قال شهود من الأراكان والروهينغيا لـ "هيومان رايتس ووتش" إن القوات الحكومية، اكتفت بالمشاهدة، بينما كان هناك عناصر من المسلمين والبوذيين يهاجمون بعضهم البعض، فيقومون بتدمير قرى ويرتكبون عدداً غير معروف من أعمال القتل.

وقال براد آدامز، مدير قسم آسيا فى هيومن رايتس ووتش: "أخفقت قوات الأمن البورمية فى حماية الأراكان والروهينغيا من بعضهم البعض، ثم شنت حملة عنيفة واعتقالات جماعية ضد الروهينغيا، و تزعم الحكومة أنها قضت على أعمال قتال عرقى وانتهاكات، لكن الأحداث الأخيرة فى ولاية أراكان تُظهر استمرار الاضطهاد والتمييز تحت رعاية الحكومة".

وقالت هيومان رايتس ووتش، إن على الحكومة البورمية أن تتخذ خطوات عاجلة من أجل وقف الانتهاكات التى ترتكبها القوات الحكومية، ومن أجل ضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وأن تسمح للمراقبين الدوليين المستقلين بزيارة المناطق المتأثرة بالأحداث للتحقيق فى الانتهاكات.

التقرير يستند إلى 57 مقابلة، تمت خلال شهرى يونيو ويوليو مع أفراد تأثروا بالأحداث من الأراكان والروهينغيا وآخرين فى بورما وفى بنجلادش، حيث التمس الروهينغيا اللجوء بعيداً عن العنف والانتهاكات.

كانت أحداث العنف قد اندلعت فى مطلع يونيو الماضى، بعد ظهور أنباء انتشرت فى 28 مايو عن تعرض سيدة بوذية من الأراكان للاغتصاب والقتل فى بلدة رامرى على يد ثلاثة رجال مسلمين، حيث ظهرت تفاصيل الجريمة على المستوى المحلى فى صورة منشورات تحريضية، وفى 3 يونيو قامت مجموعة كبيرة من أهالى القرى من الأراكان، عند منطقة تونغوب، بإيقاف حافلة وقتلوا بقسوة عشرة مسلمين كانوا على متن الحافلة، وتأكدت هيومان رايتس ووتش، أن قوات الشرطة المحلية والجيش كانت على مقربة من المكان ولم تفعل شيئاً، ووقفت تشاهد دون أن تتدخل، رداً على ما حدث، قام الآلاف من الروهينغيا فى 8 يونيو بأعمال شغب فى بلدة مونغداو بعد صلاة الجمعة، فقتلوا عدداً غير معروف من الأراكان، وحطموا مساكن وممتلكات كثيرة للأراكان، ثم انتشرت أعمال العنف المتبادلة بين الروهينغيا والأراكان فى سيتوى والمناطق المحيطة بها.

وقامت عصابات من الأراكان والروهينغيا على حد سواء، بمداهمة قرى وأحياء لم يسبق أن شهدت أى أحداث، فقتلوا السكان وحطموا وأحرقوا البيوت والمتاجر ودور العبادة، وفى ظل تواجد الأمن الحكومى القليل أو المنعدم لوقف العنف، سلّح الناس أنفسهم بالسيوف والحراب والعصى والقضبان المعدنية والسكاكين وغيرها من الأسلحة البدائية، وأدت تقارير الإعلام التهييجية المعادية للمسلمين والدعاية السلبية ضدهم على المستوى المحلى إلى تأجيج العنف، وذكر عدد كبير من الأراكان والروهينغيا الذين تحدثت معهم هيومان رايتس ووتش أن السلطات كان بإمكانها وقف العنف، وتفادى وقوع ما تلى ذلك من انتهاكات.

هناك رجل من الأراكان يبلغ من العمر 29 عاماً ورجل أكبر سناً من الروهينغيا، قالا لـ هيومان رايتس ووتش، كل على انفراد، لكن بنفس الكلمات تماماً: "كان بإمكان الحكومة وقف ما حدث".

فى النهاية، أدى تواجد الجيش البورمى فى سيتوى إلى وقف العنف، لكن يوم 12 يونيو قامت عصابات من الأراكان بإحراق بيوت ما يُقدر عددهم بعشرة آلاف من مسلمى الروهينغيا وغيرهم من المسلمين، فى أكبر حى للمسلمين فى المدينة، بينما قامت قوات الشرطة وقوات "لون ثين" شبه العسكرية بإطلاق الذخيرة الحية على الروهينغيا.

قال رجل من الروهينغيا من سيتوى يبلغ من العمر 36 عاماً، لـ "هيومان رايتس ووتش" إن عصابة من الأراكان "بدأت فى حرق البيوت، وعندما حاول الناس إطفاء الحرائق، أطلقت القوات شبه العسكرية النار علينا، وقامت المجموعة بضرب الناس بعصى كبيرة"، حيث قال رجل آخر من الروهينغيا من نفس الحى: "كنت على مسافة أمتار قليلة.. كنت فى الشارع.. رأيتهم يطلقون النار على ستة أشخاص على الأقل، سيدة وطفلين وثلاثة رجال.. أخذت الشرطة الجثث وابتعدت بها".

فى سيتوى، حيث نصف السكان أراكان ونصفهم الآخر مسلمين، فر أغلب المسلمين من المدينة أو اضطروا بالإكراه للخروج منها، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة ستحترم حقوقهم فى العودة إلى ديارهم، تبينت هيومان رايتس ووتش أن منطقة وسط عاصمة الولاية الذى كان يتسم بالتعددية فيما سبق، قد أصبح منقسماً وخالياً من المسلمين إلى حد بعيد.

وفى شمالى ولاية أراكان، قام الجيش والشرطة وقوات حرس الحدود "الناساكا" وقوات "لون ثين" شبه العسكرية، بارتكاب أعمال قتل واعتقالات جماعية وغيرها من الانتهاكات بحق الروهينغيا، وقاموا بالتعاون مع السكان الأراكان فى المنطقة بنهب أماكن تخزين الطعام وأمتعة الروهينغيا القيمة من البيوت، كما قامت قوات حرس الحدود وجنود الجيش بإطلاق النار على حشود من الروهينغيا، فيما كانوا يحاولون الفرار من أعمال العنف، مما خلف عدداً من القتلى والمصابين.

وقال براد آدامز: "لو كانت الأعمال الوحشية المرتكبة فى ولاية أراكان قد وقعت قبل بدء الإصلاحات الحكومية، كان رد الفعل الدولى ليصبح سريعاً وقوياً". وتابع: "لكن يبدو أن المجتمع الدولى تعميه الحكاية الرومانسية التى تُتلى عن التغيرات الواسعة والجذرية فى بورما، وقد وقع صفقات تجارية جديدة ورفع العقوبات فى الوقت الذى تستمر فيه الانتهاكات".

منذ يونيو، قامت الحكومة باحتجاز مئات الرجال والصبية من الروهينغيا، وما زالوا رهن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجى، وللسلطات فى ولاية أراكان الواقعة شمال البلاد تاريخ طويل من التعذيب والمعاملة السيئة للمحتجزين الروهينغيا، على حد قول هيومان رايتس ووتش. فى بلدة مولمين الساحلية الجنوبية، ظهرت تقارير عن القبض على 82 شخصاً من الروهينغيا فى أواخر يونيو، والحُكم عليهم بالسجن عاماً لمخالفة قوانين الهجرة.

وقال براد آدامز: "على سلطات بورما أن تعلن فوراً عن تفاصيل الروهينغيا المحتجزين، وأن تسمح بوصول أقاربهم والمنظمات الإنسانية إليهم، وأن تفرج عن أى شخص غير متهم بجريمة يعترف بها القانون الدولى بموجب أدلة موثوقة"، وأضاف: "إن هذا يُعد اختبار لالتزام الحكومة المُعلن بالإصلاح وبحماية الحقوق الأساسية".

قانون الجنسية البورمى لعام 1982 يمنع منح الجنسية البورمية للروهينغيا، وتُقدر أعدادهم بثمانمائة ألف نسمة إلى مليون نسمة، فى 12 يوليو، قال الرئيس البورمى ثين سين إن "الحل الوحيد" للعنف الطائفى هو طرد الروهينغيا إلى بلدان أخرى، أو إلى مخيمات تشرف عليها وكالة الأمم المتحدة للاجئين، حيث قال الرئيس: "سوف نُبعدهم لو قبلت دول أخرى باستقبالهم".

يميز القانون البورمى والسياسات المعمول بها فى بورما ضد الروهينغيا، إذ يتم انتهاك حقوقهم فى حرية التنقل وفى التعليم وفى العمل، وعادة ما يشير مسئولو الحكومة البورمية إلى الروهينغيا بمسمى "البنغاليون" و"من يُطلق عليهم الروهينغيا" أو مصطلح "كالار" المُهين، ويواجه الروهينغيا تحيزات وتمييز من المجتمع البورمى بشكل عام، ويتعرضون للتحيز والتمييز حتى من المدافعين عن الديمقراطية منذ زمن طويل، ومن الأقليات العرقية الأخرى التى تعرضت بدورها للاضطهاد من الدولة البورمية منذ فترات طويلة.

هناك لجنة جديدة لحقوق الإنسان فى بورما يرأسها وين مرا، وهو من الأراكان – ولم تلعب دوراً فعالاً فى مراقبة الانتهاكات بولاية أراكان، على حد قول هيومان رايتس ووتش. فى تقييم صدر بتاريخ 11 يوليو لنتائج العنف الطائفي، لم تتطرق اللجنة إلى وقوع أية انتهاكات حكومية، وزعمت أنه يتم الوفاء بجميع الاحتياجات الإنسانية ، ولم تتحدث عن مشكلة مواطنة الروهينغيا والاضطهاد الممارس ضدهم.

وقال براد آدامز: "على الحكومة البورمية أن تراجع على وجه السرعة قانون الجنسية من أجل وضع حد للتمييز الحكومى ضد الروهينغيا". وتابع: "لا يمكن أن يزعم الرئيس ثين سين عن صدق أنه يدعم حقوق الإنسان فيما يطالب بطرد السكان بسبب عرقهم أو دينهم".

قالت هيومن رايتس ووتش إن العنف الطائفى أدى لاحتياجات إنسانية عاجلة لكل من الأراكان والروهينغيا، فى نفس الوقت الذى قامت فيه منظمات الأراكان المحلية، وأغلبها يدعمها مانحون بورميون، بتوفير الطعام والملابس والدواء والمأوى للأراكان المشردين، وعلى النقيض، فإن قدرة سكان الروهينغيا على ارتياد الأسواق والحصول على الطعام والعمل تبقى أمراً خطراً أو شبه مستحيل، وهناك العديدين منهم مختبئين منذ أسابيع.

قيدت الحكومة الوصول إلى المناطق المتأثرة، لا سيما مناطق الروهينغيا، مما أدى إلى شل التدخل الإنساني، وتعرض العاملون بالأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة لاعتقالات وتهديدات وأعمال ترهيب من سكان الأراكان الذين يرون عمال الإغاثة منحازين للروهينغيا، حيث أدت القيود الحكومية إلى عزل بعض المناطق، مثل قرى جنوب مونغداو، عن منظمات الإغاثة الإنسانية بالكامل.

وقال براد آدامز: "على السلطات أن توفر فوراً قدرة وصول للهيئات الإنسانية، لتصل إلى جميع السكان المتأثرين، وعليها أن تبدأ العمل على منع وقوع أعمال عنف من هذا النوع فى المستقبل بين الجماعتين". وتابع: "على الحكومة أن تساعد الجماعتين بخدمات الرجوع إلى البيوت، وضمان عودة جميع النازحين إلى ديارهم والعيش فى أمان".

منذ أعمال العنف فى يونيو فر الآلاف من الروهينغيا إلى بنجلادش المجاورة لبورما، حيث يواجهون محاولات لإعادتهم لبورما من الحكومة البنغالية، فى خرق للقانون الدولي، حيث شهدت هيومن رايتس ووتش على وصول رجال ونساء وأطفال من الروهينغيا إلى شاطئ بنجلادش، وشهدت كيف راحوا يستجدون السلطات أن تدعهم يمضون للداخل، فأعيدوا إلى البحر فى قوارب رثة أثناء موسم الأمطار الغزيرة، مما عرضهم لخطر الغرق والموت جوعاً فى البحر أو الاضطهاد فى بورما، ليس من المعروف عدد القتلى جراء عمليات الإعادة هذه.. أولئك الذين تمكنوا من الدخول إلى بنغلادش يعيشون مختبئين، دون قدرة على الوصول إلى الطعام أو المأوى أو حماية تُذكر.

إن بنجلادش ملتزمة بفتح حدودها، ومنح الروهينغيا المأوى المؤقت على الأقل، إلى أن تصبح عودتهم آمنة، بما يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ودعت هيومان رايتس ووتش الحكومات المعنية إلى مساعدة بنجلادش فى هذا الأمر، ودعتها للضغط على بورما وبنجلادش، من أجل وقف الانتهاكات وضمان سلامة الروهينغيا.

وقال براد آدامز: "بنجلادش تخرق التزاماتها الدولية، إذ تعيد طالبى اللجوء بكل قسوة هكذا إلى قوارب رثة تعود بهم إلى البحر المفتوح".









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة