ألمانيا تدخر عشرات المليارات بفضل أزمة منطقة اليورو

الأحد، 22 يوليو 2012 03:46 م
ألمانيا تدخر عشرات المليارات بفضل أزمة منطقة اليورو أنجيلا ميركل
برلين (أ ب)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدت ألمانيا واحدة من أكبر المستفيدين من الأزمة المالية الأوروبية، ففى حين أن دولا أخرى فى منطقة اليورو التى تضم سبع عشرة من الدول الأعضاء تسعى حثيثا لتهدئة مخاوف المستثمرين بأن اقتصادياتها تضعف تحت وطأة الديون الهائلة، تمكنت ألمانيا من ادخار عشرات المليارات من اليورو بفضل سمعتها باعتبارها مكانا آمنا للاستثمار.

وطالبت أسواق السندات بأن تدفع دولا مثل إيطاليا وأسبانيا تكاليف اقتراض باهظة لبيع ديونها، وسط مخاوف بشأن تباطؤ اقتصادياتها وضعف الموارد المالية الحكومية، فمثل هذه المعدلات المرتفعة لأسعار الفائدة من شأنها أن تشكل عبئا على خزائن هذه الدول خلال السنوات المقبلة.

فى الوقت ذاته باعت ألمانيا المستقرة ماليا سندات بمليارات اليورو بأسعار فائدة منخفضة بلغت مستوى قياسيا، وصلت أحيانا إلى السالب.

ينظر إلى ألمانيا منذ فترة طويلة على أنها رهان آمن، فهى أكبر اقتصاد فى أوروبا، وأكبر مساهم فردى فى صناديق إنقاذ منطقة اليورو، ويصل ناتجها المحلى الإجمالى إلى 2.6 تريليون يورو (3.17 تريليون دولار)، وسجل الاقتصاد الألمانى نموا متواصلا فى العامين الماضيين، حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى 0.5 % على أساس ربع سنوى، مما حال دون انزلاق منطقة اليورو بأسرها إلى هاوية الركود فى الربع الأول من العام الجارى.

باعت ألمانيا فى الآونة الأخيرة ما تقدر قيمته بالمليارات من سنداتها العشرية بسعر فائدة يصل إلى نحو 1.5 % ، وفى يوم الأربعاء الماضى، وباعت فى مزاد علنى سندات خزانة لأجل عامين بقيمة خمسة مليارات يورو (6.1 مليار دولار) مع متوسط عائد يبلغ سالب 0.06 %.
وبعبارة أخرى فإن المستثمرين يفقدون بعض أموالهم ويدفعون إلى ألمانيا مقابل الحصول على امتياز الإيداع الآمن لأموالهم فى خزائن الدولة، وتوفر ألمانيا التى تسجل نموا اقتصاديا، إمكانية سداد الديون دون أى مخاطر، كما أن الاستثمارات الآمنة الأخرى لا تتضمن أسعار فائدة كبيرة، وكان البنك المركزى الأوروبى قد خفض مؤخرا سعر الفائدة على الودائع لأجل ليلة إلى الصفر.

وقال وزير المالية الألمانية فولفغانغ شويبله الشهر الماضى بأن "أسعار الفائدة منخفضة بشكل غير طبيعى فى الوقت الحالى"، مشيرا إلى ذلك يعكس مدى "الغموض الذى يكتنف الأسواق المالية"، ورغم ذلك فإن الآثار الجانبية تظل مكسبا لخزائن شويبله.
يقول الخبير الاقتصادى ينس بويسن-هوغريفه، من معهد الاقتصاد العالمى بمدينة كيل الألمانية، للأسوشيتد برس: "ألمانيا تدخر نحو عشرة مليارات يورو (12.5 مليار دولار) فى هذا العام وحده بفضل انخفاض أسعار الفائدة".

يقول بعض المحللين إن أزمة الديون فى منطقة اليورو كفلت لألمانيا بالفعل نحو 100 مليار يورو (125 مليار دولار)، مما أعطى الحكومة فرصة إضافية للإنفاق الذى يصاحبه نمو أو تقليص عبء ديونها، بينما تكافح بلدان أخرى فى منطقة اليورو من أجل البقاء واقفة على قدميها.

الكلام قليل حول مدخرات ألمانيا من مبيعات سنداتها، نظرا لأنه من الصعب التحقق من الأموال التى لم تنفق، ولكن مع النظر إلى التوقعات المالية السابقة للحكومة يمكن أخذ فكرة عن المبالغ التى تدخرها ألمانيا: ففى عام 2009، توقعت الحكومة أنه سينبغى عليها إنفاق 52 مليار يورو لخدمة ديونها فى عام 2013. والآن، فإنها تتوقع أن يصل إجمالى التكلفة إلى 20 مليار يورو فقط فى العام المقبل.

وبالمقارنة بين ما تدفعه ألمانيا منذ عام 2009 من عائدات وبين ما دفعته فى الفترة من عام 1999 إلى عام 2008، عندما دفعت أسعار فائدة أعلى من ذلك بكثير - يقدر الخبير الاقتصادى بويسن هوغريفه أن الحكومة المركزية الألمانية ستدخر نحو 68 مليار يورو حتى 2022 من السندات التى طرحتها للبيع فى مزادات علنية منذ عام 2009.

ويقول بويسن-هوجريفه: "إذا لم تكن هناك كوارث كبرى ناجمة عن أزمة منطقة اليورو، فإن هذا الرقم سيتجاوز المائة قريبا".

وأضاف أنه فى حال إضافة السندات التى تصدرها حكومات الولايات والبلديات فى المعادلة، فإن مدخرات ألمانيا من خلال انخفاض أسعار الفائدة يمكن أن يزيد على ذلك بنحو 50 بالمائة، ليتجاوز الرقم بالفعل عتبة المائة مليار يورو حتى عام 2022.

صحيح أن ألمانيا تستفيد من أزمة الديون فى منطقة اليورو، غير أنها تتحمل مخاطر كبيرة فى المقابل. فإذا تفاقمت الأزمة بشكل كبير، بخروج واحدة أو ربما العديد من الدول الأعضاء من منطقة اليورو، فإنه قد يتعين على ألمانيا باعتبارها فى أكبر اقتصاد فى الاتحاد الأوروبى ضخ ما يصل إلى 300 مليار يورو فى شكل قروض وضمانات للدول الأوروبية الأعضاء الأضعف وصناديق إنقاذ التكتل، وذلك من شأنه أن يعادل تقريبا ميزانية الحكومة المركزية لعام كامل.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة