محمد الدسوقى رشدى يكتب: الخفايا السياسية وراء الإفراج عن أيمن نور؟

الأربعاء، 18 فبراير 2009 08:33 م
محمد الدسوقى رشدى يكتب: الخفايا السياسية وراء الإفراج عن أيمن نور؟ نور عقب الإفراج عنه - تصوير ماهر اسكندر وعصام الشامى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قطار المفاجآت يعشق التوقف فى محطة القاهرة، يمر فى لحظات ويلقى بقنبلته فى التوقيت الذى لا يتوقعه أحد أبدا.. حتى أصحاب المفاجأة أنفسهم، والدليل عند جميلة إسماعيل، تلك التى تجرى منذ سنوات من أجل الإفراج عن زوجها أو بحثا عن معاملة عادلة له داخل السجن.. ثم فجأة وبدون أى مقدمات، وبدون أى رحلة خارجية من تلك التى كانت تسوق من خلالها قضية زوجها المحبوس على ذمة قضية تزوير توكيلات حزب الغد، وبدون واحدة من تلك المظاهرات التى كانت تشعلها جميلة للضغط على الدولة من أجل التذكير بزوجها وحالته الصحية القاسية داخل سجن مزرعة طرة..

فجأة وبدون أى مناشدات أو طلبات من تلك التى احترفت جميلة ومناصرو حزب الغد إطلاقها ليل نهار.. صدر قرار النائب العام مساء اليوم، الأربعاء، بالإفراج الصحى عن أيمن نور و8 آخرين من المتهمين المسجونين على ذمة قضية تزوير توكيلات حزب الغد، بناء على تلقيه تقارير اللجان الطبية التى تثبت تدهور صحة نور.. وربما كانت هذه التقارير هى نفسها التقارير التى تجرى بها جميلة إسماعيل فى الداخل والخارج، مرة من أجل الحصول على إفراج صحى لأيمن نور أو طلب عفو رئاسى عن وصيف الرئيس فى انتخابات 2005..

ما الجديد إذن؟ الذى يجعل من أوراق وتقارير طبية تتدوالها الصحف الأجنبية والمصرية ومواقع الإنترنت وأيادى المسئولين وملفات الوزراء والنواب منذ سنوات، سبب خروج أيمن نور من السجن الآن، بعد أن كانت لا تعنى بالنسبة للدولة سوى مجرد محاولات لزوجة يائسة وأنصار مصدومين، ما الجديد الذى جعل الصحف – خاصة الحكومية منها- والتلفزيون المصرى يبرز هذه التقارير الآن على اعتبار أنها سبب واقعى ومستحق للإفراج عن نور، بعدما كانت مجرد أوراق بلا أى شرعية تستخدمها زوجته لتشويه سمعة مصر والاستقواء بأمريكا وأوروبا من أجل الإفراج عن السجين أيمن نور؟!

الجديد ليس فى الاوراق لأن تواريخها الزمنية تنفى عنها تلك الصفة، وليس فى مفاجآت الرئيس غير المتوقعة التى اعتدنا أن يمنحنا إياها فى الوقت الذى نقسم فيه أنه لن يفعل، مثلما أصدر عفوا للزميل إبراهيم عيسى رئيس تحرير الدستور، أو أصدر قرارا بتعديل الدستور قبل الانتخابات الماضية.

الجديد الذى أتى بمفاتيح زنزانة أيمن نور وقذف به إلى نور الشوارع وبيده ورقة الإفراج ..موجود هناك .. فى واشنطن، فى البيت الأبيض، حيث يجلس باراك أوباما ويعيد ترتيب أوراقه بحثا عن أصدقاء جدد، أو إعداما لأوراق أصدقاء قدامى تسبب البعاد بينهم وبين واشنطن فى خلق حالة من عدم الثقة.

فى هذا التوقيت إذن كان ضروريا أن يخرج أيمن نور من سجنه، حتى تغلق الدولة أحد أهم الملفات الشائكة التى تسببت فى توتر علاقتها مع واشنطن، فى هذا التوقيت كان ضروريا أن يصدر قرار الإفراج عن أيمن نور حتى ولو كان بناء على حيثيات رفضتها الدولة من قبل حتى تتصل الحلقة المفقودة بين القاهرة وواشنطن فى الوقت المناسب، قبل أن يبدأ باراك أوباما رحلة حكمه بناء على الأوراق القديمة، والتى تتصدر فيها القاهرة لائحة العواصم ذات العلاقات المتوترة مع واشنطن، بدليل أن رحلة الرئيس السنوية للبيت الأبيض توقفت تماما فى السنوات الأخيرة، وتحولت العلاقة التى طالما افتخر النظام بها إلى تصريحات متبادلة على درجة عالية من التوتر، بداية من التهديد الأمريكى بضرورة الإصلاح الديمقراطى فى مصر ومرورا بتقليص المعونات والتهديد بقطعها وصولا إلى سقوط القاهرة المتعمد من أجندة زيارات الرئيس السابق جورج بوش وباراك أوباما قبل الانتخابات.

الإفراج عن أيمن نور جاء مطابقا للمواصفات التى وضعها الخبراء والمراقبون من أجل إصلاح العلاقة بين واشنطن والقاهرة، أما عن التوقيت فهو مثالى بالنسبة للجميع، وجاء بشكل يحسب للنظام لا عليه، فقد جاءت الخطوة مدروسة على غير عادة رجال السلطة فى مصر، أوباما يبدأ عهد جديد فى البيت الأبيض ويعيد ترتيب الأولويات، ويطرح وجهات نظر مختلفة للوضع فى الشرق الأوسط، وكان لابد أن تقطع مصر حالة الجفاء هذه بتصرف ما يلفت أنظار أوباما وإدراته إلى أن القاهرة مازالت فى الصورة، وعلى استعداد لأن تعود لنفس مكانتها القديمة بالنسبة للبيت الأبيض، توقيت نموذجى من النظام الذى صبر حتى رحل بوش الذى لم يمل من تهديد مصر بسبب سجن أيمن نور، بحيث أصبح شكل الإفراج عن نور الآن طبيعيا ودون أن يضع النظام نفسه فى خندق الإحراج أو الضعف إذا قال أحدهم إن الإفراج عن نور تم بضغوط أجنبية.

توقيت نموذجى لباراك أوباما حتى يجد هو الآخر حجة يعيد بها تقديم مصر إلى الكونجرس والإدارة الأمريكية، وفى نفس الوقت يدفعك للتساؤل عن علاقة هذا الخروج المفاجأة لأيمن نور بزيارة البابا شنودة الأخيرة إلى الولايات المتحدة؟

هل قرر النظام المصرى أن يصفى خلافاته مع واشنطن كلها دفعة واحدة ؟ واستغل تواجد البابا هناك للعلاج من أجل تسوية ملف أقباط المهجر الذى يعتبر الطرف الثانى فى ثنائى الغضب الأمريكى من القاهرة؟ حدوث الأمر على هذا النحو ليس ضربا من خيال أو جزءا من نظريات سياسية ورقية، لأنه يتطابق تماما مع آراء الخبراء الأمريكان أو المراقبين المصريين لوضع العلاقة بين واشنطن والقاهرة طوال الفترة الماضية، والتى كان سجن نور وأقباط المهجر من أهم عوامل توترها.

عموما من حق النظام المصرى أن يبحث عن حلول جديدة لكى يعود لأداء دوره فى المنطقة بالشكل الذى يحبه، دون أن تسحب دول مثل قطر أو السعودية أو تركيا البساط من تحت قدميه، ومن حق أيمن نور وأنصاره أن يفرحوا بالإفراج دون النظر إلى أسبابه، ومن حقنا نحن أن نبدأ فى السؤال الآن عن وضع الزعيم السياسى العائد من السجن ووصيف الرئيس حسنى مبارك.. هل سيعود إلى المنصة ليقود حزبه من جديد؟.. أم سيجلس فى بيته سواء كان مجبرا أو مخيرا؟


موضوعات متعلقة..

◄ خبراء :الإفراج عن أيمن نور مقدمة للقاء مبارك ـ أوباما
◄ الإفراج عن أيمن نور صحياً
◄ القوى السياسية تطالب بعودة نور للعمل السياسى
◄ زغاريد وزينة بمقر غد أيمن نور بطلعت حرب
◄ نور: الإفراج عنى قرار سياسى
◄ بالفيديو.. نور: سنوات السجن أضافت لى ولم تهزمنى








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة