المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط ترتبط بالقضية الفلسطينية

الثلاثاء، 17 فبراير 2009 02:28 م
المصالح الأمريكية بالشرق الأوسط ترتبط بالقضية الفلسطينية ربط المصالح الأمريكية بحل القضية الفلسطينية
إعداد ريم عبد الحميد عن الإيكونومست

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لأسباب خاصة به، اختار الرئيس الأمريكى باراك أوباما أن يتجاهل النصيحة التى وجهها إليه الكثيرون بضرورة أن يكشف عن آرائه فيما يتعلق بإنشاء دولة فلسطينية قبل أن يذهب الناخبون الإسرائيليون لصناديق الاقتراع فى العاشر من فبراير الماضى. وهو ما يدعو للأسف. فقد اختلف الإسرائيليون على كثير من الأشياء، لكن غالبيتهم تفهموا قيمة أن يكون لهم رئيس حكومة مرغوب فيه ومرحب به داخل البيت الأبيض. ولو كان أوباما أوضح قبل الانتخابات إنه يتوق إلى رؤية الإنسحاب الإسرائيلى من الأراضى المحتلة فى الضفة الغربية، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة فى الضفة وقطاع غزة، لكان أغلب الإسرائيليين صوتوا لصالح تسيبى ليفنى زعيمة حزب كاديما الوسطى. فمن خلال عملها كوزيرة للخارجية فى إسرائيل، أظهرت ليفنى أنها ليست من الحمائم، لكنها بدت أنها تؤمن ليس فقط بإمكانية التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، ولكن أيضا بضرورة حدوث ذلك.

غير أن الناخبين الإسرائيليين جعلوا حزب كاديما يتقدم بمقعد واحد فقط عن أقرب منافسيه، وهو حزب الليكود بزعامة بنيامين نتانياهو الذى قد يتمكن من قيادة حكومة إئتلافية بفضل النظام السياسى الإسرائيلى المجزأ. أما عن السلام، فقد يأس نتانياهو منه. فعندما كان رئيساً للوزراء فى أواخر التسعينيات، فشل فى استكمال ما بدأه سلفه الذى تم اغتياله، إسحاق رابين. وخلال حملته الانتخابية الأخيرة، صب نتانياهو ماءاً بارداً على فكرة الحل على أساس دولتين، مشيراً إلى أن الفلسطينيين المعتدلين ضعيفون جداً لدرجة لا تجعلهم "جيران طيبين" فى المستقبل إذا قامت إسرائيل بسحب جنودها ومستوطنيها من الضفة الغربية. ويقول زعيم الليكود، إن مثل هذه الدولة الفلسطينية ستتحول سريعاً مثل لبنان فى ظل وجود حزب الله، وغزة فى ظل وجود حماس، مجرد جسر يمكن أن تحقق إيران ووكلاؤها من خلاله طموحاتها فى محو الدولة اليهودية.

وربما يستغرق تشكيل الحكومة الجديدة فى إسرائيل عدة أسابيع. فعلى الرغم من أن ليفنى قد تكون على الأرجح المفاوض الأكثر مسئولية، إلا أن اختيار إسرائيل النهائى ليس حاسماً كما قد يبدو. وحتى إذا أصبحت ليفنى رئيسة للحكومة، فإن الطريق إلى السلام لا يزال غير ممهد. فهناك الكثير من العقبات تقف فى الطريق، لا تقتصر فقط على رغبات إسرائيل ومخاوفها المتشابكة، ولكن أيضا، الشقاق المرير بين فتح وحماس على الجانب الفلسطينى.

وإذا ذهبت رئاسة الحكومة إلى نتانياهو، سيتعين على الرئيس الأمريكى مقاومة الإغراء، واستنتاج أن الصراع وصل إلى طريق مسدود ولا يمكن فعل شىء حياله.

وهذا ما فعله الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش منذ ثمانية أعوام بعد أن فشلت الدبلوماسية، واندلعت الانتفاضة الفلسطينية التى جعلت إسرائيل والأراضى المحتلة فى مرمى النيران. لكن الدرس الصحيح من سنوات بوش فى البيت الأبيض هو أنه عندما يكون هناك مأزق فى فلسطين أو لم تخمد النيران، فإن الأمور لا تبقى على حالها، بل تصبح أسوأ.

إن الثمن الأكثر وضوحاً لعدم التحرك، كان فقدان الثقة. فكثير من الإسرائيليين الذين تعرضوا لصواريخ حزب الله بعد الانسحاب من لبنان، وصواريخ حماس بعد الانسحاب من قطاع غزة، لم يعد لديهم إيمان بالصيغة القديمة "الأرض مقابل السلام". فهم يرون أن الأمر أصبح يميل أكثر إلى صيغة "الأرض مقابل الحرب". وكثير من الفلسطينيين فقدوا إيمانهم فيما يعتبرونه مداهنة من جانب إسرائيل، والخاص بحل الدولتين. ويتساءلون عن مدى الجدية التى تتعامل بها إسرائيل مع الأمر. فسواء كان الحزب الحاكم فى إسرائيل يسارى أو وسطى مثل العمل وكاديما، فإن كل حكومة إسرائيلية كانت تقوم بتوسيع أو تشجيع المستوطنات اليهودية داخل الضفة الغربية، على أراضى من حق الدولة الفلسطينية على أساس المنطق والعدالة.

ومع تدهور العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن الوضع كذلك تدهور بالنسبة لحالة المجتمعات الخاصة. فصعود حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة افيجدو ليبرمان يعكس صراع التماسك، حيث ترتبط هوية العرب الإسرائيليين بالقضية الفلسطينيين، واعتبار العرب "طابوراً خامساً" من جانب الإسرائيليين. والمأزق الذى يعانى منه المجتمع الفلسطينى هو الشقاق بين فتح وحماس الذى تطور بشكل عنيف، وتحول التنافس الإيدولوجى والصراع على السلطة إلى انقسام أكبر بين كتلة المقاومة التى تتكون من إيران وسوريا، والمعسكر الموالى لواشنطن والذى تقوده مصر والأردن والسعودية. وتتجه إسرائيل إلى تضخيم الدعاية الأمريكية إلى المدى الذى تكون فيه إيران هى الزعيم الظاهر لحماس وحزب الله. لكن إيران استغلت القضية الفلسطينية فى صراعها الأكبر مع أمريكا للسيطرة على المنطقة بأكملها.

إن موقف أمريكا من هذا الصراع يتشابك الآن مع مصالحها وتحالفتها فى الشرق الأوسط والعالم الإسلامى. وكان الرئيس الأمريكى قد قام بخطوة جيدة فى البداية عندما قام بتعيين جورج ميتشيل مبعوثاً خاصاً إلى المنطقة، لكن هذا الإجراء غير كاف. فمن الممكن تقوية موقف المعتدلين فى كلا المعسكرين إذا قام أوباما بحشد الدعم الدولى لهم، ووافق على حل الدولتين الذى طرح فى بداية هذا العقد.

وعلى أوباما أن يدرك أيضا أن عليه ممارسة الضغوط على إسرائيل لوقف الاستيطان فى الضفة الغربية. وسيكون هذا الأمر اختباراً حيوياً لمدى جديته، ونوايا إسرائيل حيث تظل المستوطنات العقبة الوحيدة أمام حل الدولتين. ورغم أن نتانياهو محق فى وصفه حماس وإيران بالمفسدين، إلا أن كل التحركات التى تتم يكون لها تأثير فى دعم المعتدلين، وجعل مهمة الفاسدين أكثر صعوبة، مما يزيد الاحتمال بأن حماس ستضطر تحت ضغوط من شعبها بقبول الحل المنطقى القائم على أساس الدولتين. فعدم تحقيق تقدم لم يؤد إلى شىء أكثر من تقوية موقف المعترضين خلال العقد الماضى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة