مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يناقش حكم مبارك.. هدى نصر الله: الحكم إدانة للرموز التى سقطت وتبرئة المؤسسة الأمنية التى مازالت قائمة.. والوردانى المحكمة طبقت صحيح القانون

الجمعة، 08 يونيو 2012 06:45 م
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يناقش حكم مبارك.. هدى نصر الله: الحكم إدانة للرموز التى سقطت وتبرئة المؤسسة الأمنية التى مازالت قائمة.. والوردانى المحكمة طبقت صحيح القانون جانب من محاكمة مبارك
كتب أحمد مصطفى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ظل التبعات السياسية والحقوقية التى خلفها الحكم الصادر فى قضية قتل المتظاهرين، والذى اعتبره الكثيرون ترسيخًا لمبدأ الإفلات من العقاب، أقام مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان لقاء بعنوان "الحكم على مبارك ورموز نظامه.. بين ترسيخ الإفلات من العقاب وضبابية المشهد السياسي"، مساء أمس الخميس، أداره زياد عبد التواب نائب مدير مركز القاهرة، وتحدث خلاله المستشار أيمن الوردانى رئيس محكمة استئناف المنصورة، وهدى نصر الله المحامية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وأحمد راغب المحامى وعضو حملة "حاكموهم"، والباحثة هبة موريف من منظمة هيومن رايتس ووتش.

فى البداية قال زياد عبد التواب أن محاكمة مبارك هى محاكمة القرن، فهى أول محاكمة منذ أمد طويل يخضع لها رئيس دولة عربية، وقد تمت بعد صراع طويل بين الشارع المصرى والسلطة الحاكمة للبلاد، مؤكدا على أن الحكم الصادر فى تلك المحاكمة لم يكن مفاجأة، إذ أن طريقة تعامل النيابة ولجان تقصى الحقائق مع القضية، كان سببا رئيسيا فى صدور مثل هذا الحكم.

واعتبر عبد التواب، أن مسار العدالة الانتقالية صار أكثر تعقيدا، ويحتاج إلى إرادة سياسية للتخلص من براثن النظام السابق، مشيرا إلى أن غياب الإرادة السياسية فى تطبيق مبادئ العدالة الانتقالية ساهم فى عدم تفعيل مشاريع قوانين كثيرة، كان يمكن لها أن تقلل من تخبط مسار المرحلة الانتقالية، كقانون الغدر الذى صٌدِقَ عليه ولم يفُعَل.

فى حين اختارت المحامية هدى نصر الله عنوانا جديدا لتك المحاكمة قائلة: "عنوان الحكم: إدانة للرموز التى سقطت وتبرئة المؤسسة الأمنية التى مازالت قائمة"، محملة النيابة الجزء الأكبر من المسئولية، قائلة: "النيابة العامة تكاد تكون غائبة عن هذه القضية، رغم البلاغات التى وجهت لها، وسماعها لأقوال المئات من الشهود خلال 65 يوما، وحصولها على أدلة كثيرة من فيديوهات، وعيارات من الرصاص المطاطى أو الخرطوش والرصاص الحى من أجساد المتظاهرين، بل أنها ذهبت لتحقق فى بلاغات اقتحام مقر الجامعة الأمريكية، والأماكن والمحلات المتواجدة فى محيط الميدان، ووجدت أثار لاقتحام وأعيرة من الرصاص.

وأضافت نصر الله: "النيابة أيضا لم تلق تعاونا من أجهزة الدولة فى سبيل جمعها للأدلة الجنائية بل على العكس فقد أسهمت هذه الأجهزة بشكل مباشر فى إخفاء بعض الأدلة، فعندما حصلت النيابة على شرائط مسجلة من جهاز أمن الدولة لم تكن مسلسلة تاريخيا، ومشاهدها غير مكتملة، مما يفسر أن هذه الشرائط تم العبث بها، لتضليل النيابة، ورغم ذلك سجلت النيابة هذه الأدلة، ولم تأخذ موقفا منها، فى حين كان بإمكانها الحصول على معلومات وأدلة أدق.

ومن مسئولية النيابة إلى مسئولية المحكمة، حيث اعتبرت نصر الله المحكمة شريكا فى المسئولية، مؤكدة على أنها لم تبذل جهدا فى الحصول على أدلة، بالرغم من وجود أعداد كبيرة من الشهود، متغافلة التقارير الطبية الصادرة عن المستشفيات مثل مستشفى المنيرة، التى استخرجت أعيرة الرصاص الحى من أجساد المتظاهرين، وثبتته فى التقارير الخاصة بالوفاة، مضيفة أنه ولو وجدت المحكمة أن الأدلة غير كافية كان عليها أن ترجع القضية إلى النيابة العامة لتحقق فيها من جديد، وإذا عادت تتسلمها دائرة جديدة غير التى كانت تنظر فيها، وهذا ما لم يحدث.

ومن جانبها، أوضحت هبة موريف الباحثة بمنظمة هيومان رايتس ووتش، أهمية الحراك الشعبى الذى يمارس أثناء مراحل التحول الديمقراطى فى تفعيل المطالب بإحالة رموز النظام السابق للمحاكمات، وهو الحراك الذى كان ضرورى للقطيعة مع عهد كان يتمتع فيه ضباط وعناصر الأمن بحصانة تمكنهم من الإفلات المستمر من العقاب، وهى فلسفة سياسات وتوجهات أجهزة الأمن قبل وبعد الثورة، مما يؤكد على محدودية التغيير الذى حدث فى عقيدة وتوجهات هذه الأجهزة.

واعتبرت موريف، أن النيابة العامة لعبت دوراً مهماً فى المساهمة فى ترسيخ مبدأ الإفلات من العقاب بحفظها للتحقيقات فى معظم البلاغات التى أحيلت إليها وهو ما ساهم فى عرقلة عملية التحول نحو دولة القانون ونحو تطبيق مبادئ العدالة الانتقالية، ومنها مبدأ العدالة الجنائية والذى كان يقضى بأن يتم إحالة المتسببين فى قتل المتظاهرين وفى اعتقال وتعذيب النشطاء لمحاكمات جدية، بدلاً من إحالة المتظاهرين أنفسهم لمحاكمات استثنائية، الغرض منها التنكيل بهم، وأضافت هناك 293 متظاهرا و379 آخرين يتم التحقيق معهم ومقاضاتهم، فى حين أن ضباط الشرطة المسؤولين عن قتل وتعذيب المتظاهرين لم يتم التحقيق معهم وتتم تبرئتهم، مؤكدة على أن ضابط الشرطة اليوم أكثر ثقة من ذى قبل، لما رأوه من تبرئه فى هذه المحاكمة.

المستشار أيمن الوردانى رئيس محكمة استئناف المنصورة فأكد، على أن القضاء مؤسسة من مؤسسات الدولة، ولكنها لو انهارت، انهارت كافة مؤسسات الدولة، وأن هناك وبلا شك تماسا بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية، مطالبا بضرورة تفعيل الشرطة القضائية، وتنحى الشرطة عن قضايا بعينها يشتبه فى شراكتها كجانى فيها.

وفى تحليل المستشار الوردانى للوضع، قال: "إن الشعب تم تأهيله وحفز هممه بأن أحكام ما يجب أن تصدر وتقضى بها هيئة المحكمة على هؤلاء المتهمين، ولكن القضاء يريد العدالة الناجزة، كما أن إدانة مؤسسة تختلف كثيرا عن إدانة شخوص"، موضحا أن هيئة المحكمة طبقت صحيح القانون أثناء نظر الدعوى، وهو ما ساهم فى تطبيق مبدأ العدالة الناجزة القائمة على توجيه الاتهامات بناءً على أدلة مادية، وهو ما يدفعنا – بحسب المستشار - إلى الثقة فى أحكام القضاء، داعياً إلى الكف عن الحرب الإعلامية التى تمارس بحق القضاة ومؤسسة القضاء فى مصر.

كما رفض المستشار الوردانى الاتهامات التى تقول أن القضية كانت تسير فى اتجاه معين، مؤكدا على أن المحكمة تتحرك بناء على ما تحصلت عليه النيابه من أدله، وغير مطلوب أن يفصح القاضى عن وجهته قبل أن ينطق بحكمه، وإذا تم التشكيك فى الحكم يوجد ما يسمى بمحكمة النقض التى ترفض الحكم نفسه وتبت فيه، وإذا قيل أن القاضى له هوى وله اتجاه ما، فلنا أن نرد هذا القاضى وتتم تنحيته عن النظر فى القضية.

واختتم الوردانى كلمته بان النظام قد انتهى، وأن الرموز سقطت، ويجب أن ننظر إلى الإمام كى نبنى هذه الأمة وهذا المجتمع، مؤكدا على أن المتهمون إذا أفلتوا من المحاكمة فى الدنيا لن يهربوا من المحاكمة فى الآخرة، وأن القضاء لن يكون رهينا لسيف المعز أو لذهبه.

واعتبر احمد راغب المحامى وعضو حملة "حاكموهم" أن الثورة لن تنجح إلا بإحداث القطيعة مع النظام السابق، وأن القضاة عليه مهمة ثقيلة أكبر من خلع مبارك، لأن مؤسسة القضاء ليست مستقلة".

وأضاف راغب: "المحاسبة ليست انتقام، وإنما هى البداية الحقيقة لبناء الدولة التى يكون بها القضاء مؤسسة مستقلة وعادلة، مشيرا إلى أنه تم قصر القضية والاتهامات على 18 يوما فقط، وهذا فى الواقع خطأ، لأن مبارك يجب أن يعاقب على جرائم كثيرة جدا، جرائم كانت ترتكب باسم القانون، مشيرا إلى أن المتهمون هم من كتبوا القانون لأن هم من كانوا يحكمون، فكيف يحاكمون بقانونهم؟ وكيف تستخدم آليات مبارك فى محاكمة مبارك؟.

وحول مشروع قانون "العدالة الثورية" قال راغب: "هذا ليس قانونا استثنائيا"، موضحاً أنه يقوم على فكرة توثيق الانتهاكات التى تمت فى عهد مبارك وإلى الآن، من خلال طرح 3 هيئات مؤسسية يمكن الاستناد إليها فى تحقيق مبدأ العدالة الجنائية، وهى هيئة "المحاسبة والعدالة" وتكون مهمتها هى تلقى البلاغات من المواطنين على مستوى الجمهورية، وهى بذلك تلعب دور النيابة العامة فى تجميع الأدلة الخاصة باتهام الجناة، وهيئة تسمى "محكمة جنايات الثورة" وهى محكمة أيضا غير استثنائية نص القانون على ضمان مجموعة من الحقوق بالنسبة للمعروضين أمامها، تفوق الحقوق الممنوحة للمتقاضين أمام المحاكم الجنائية، على أن تكون الهيئة الثالثة هى هيئة "التعويضات" التى تقدم الدعم المادى والمعنوى لضحايا الانتهاكات.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة