محمد فؤاد يكتب: تصفيه القضية المصرية

الإثنين، 02 فبراير 2009 11:08 ص
محمد فؤاد يكتب: تصفيه القضية المصرية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تظل الديمقراطية هى قضية مصر المصيرية بعد زوال كل أشكال الاحتلال التى مرت عليها وبعد فشل مقولة الإصلاح الاقتصادى أولاً، والتى عرفت البلاد فى ظلها العديد من الحكومات المتعاقبة بأفكار مختلفة للإصلاح الاقتصادى نتج عنها ارتفاع نسبة البطالة ونسب الفقر وتداعى الطبقة الوسطى تحت ارتفاعات الأسعار، كما أفرزت هذه السياسات بكافه أشكالها القديمة والجديدة طبقة احتكارية تسيطر على مقدرات البلاد والعباد. يظل الملاذ الوحيد من أجل انتشال مصر من أزماتها المعقدة وكوارثها المتعاقبة، هو بناء نظام ديمقراطى كفء يؤسس لقيم الشفافية والرقابة والرشادة وسيادة القانون، وهذا يكون من خلا ل دستور ديمقراطى مدنى يقوم على قواعد احترام لآليات تداول السلطة ودعم استقلالية سلطات الدولة المختلفة ودعم الحريات السياسية والاجتماعية والفكرية والإبداعية دون ذلك، فإنه لن يكون هناك فرصة من أجل إصلاح أحوال المصريين البائسة فى ظل حكومات متتالية فشلت فى حل مشكله الخبز أو أنابيب البوتاجاز، فضلاً عن فشل ذريع فى إدارة التعليم والزراعة والصناعة إلى جانب تفشى الفساد فى مؤسسات الدولة، غياب حقوق الإنسان فى سلوك الدولة تجاه مواطنيها، ولقد أثبتت التجارب المختلفة أن هذا التغيير السياسى المطلوب لن يتم فى ظل النظام الحالى.

لقد كشفت التجارب المختلفة مع هذا النظام عدم رغبته فى التغيير، غير أنه رغم القناعة الكاملة عند كافة أطياف المعارضة المصرية الرسمية وغير الرسمية، هى أنه لا بديل عن نظام ديمقراطى، إلا أنه مسايرة لموضة تصفية القضايا الموجودة فى المنطقة، كما هو حادث بالنسبة للقضية الفلسطينية، فإن قضية الديمقراطية فى مصر، هى الأخرى معرضة للتصفية، خاصة بعد نجاح النظام فى الالتفاف على ضغوط إدارة بوش الخاصة بالإصلاح الديمقراطى، وهذه التصفية للأسف تتم بمساعدة القوى المعارضة نفسها، إما بشكل متعمد أو بشكل غير مقصود، وذلك أنها لا تحشد قواها خلف مشروع سياسى متكامل للتغيير تطرحه على الشعب المصرى، فنجد على سبيل المثال أن الإخوان المسلمين يحشدون الآلاف فى كل المحافظات فى مظاهرات لدعم حماس، ولكنهم لا يحشدون نصف هذه القوة من أجل المطالبة بدستور ديمقراطى للبلاد.

اختصاراً أغلب مظاهر الاحتجاج فى مطالب جزئية ومؤقتة، وتحول الحركات الاحتجاجية والأحزاب، إلا فيما ندر، إلى أشكال بلا مضمون حقيقى، فنجد أن لا أحد يستجيب لدعوة أسامه الغزالى حرب من أجل تأسيس مؤتمر وطنى لإعداد دستور جديد لمصر والمطالبة بتنفيذه، أيضا لا أحد يستجيب لدعوة حركة كفاية من أجل تأسيس ائتلاف وطنى من أجل التغيير، والأسباب غامضة رغم أن المرحلة تتطلب من الجميع المشاركة والتوحد خلف مشروع سياسى حقيقى، لذلك يصح أن نسمى ما يحدث الآن على الساحة المصرية بالعبث، وهو ما يستفيد منه النظام فى طريقه لتصفية ما تبقى من القضية، فهو لا يتأثر كثيراً باحتجاجات جزئية تمارس فى التعامل معها من أجل إفساح الطريق للوريث القادم، ولا حل أمام المعارضة المصرية بأطيافها المختلفة إلا أن تتوحد حول مشروع سياسى حقيقى ومتكامل يرتكز على ضرورة بناء عقد جديد للحكم من خلال دستور جديد ديمقراطى مدنى، ولكن يبدو أن الطريق إلى ذلك صعباً فى ظل عبث المعارضة واختلافاتها.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة