مصطفى كمشيش يكتب: لا تشقِ الصف يا زرقاء!

السبت، 21 أبريل 2012 01:25 ص
مصطفى كمشيش يكتب: لا تشقِ الصف يا زرقاء! محمد مرسى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
زرقاء اليمامة شخصية عربية قديمة من أهل اليمامة، يُقال إنها كانت ترى الشخص على مسيرة ثلاثة أيام. ويُروى أنه فى إحدى الحروب استتر العدو بقطع الأشجار وحملها أمامهم، فرأت زرقاء اليمامة ذلك فأنذرت قومها فلم يصدقوها، فلما وصل الأعداء إلى قومها أبادوهم وهدموا بنيانهم، وقلعوا عين زرقاء اليمامة فوجدوها محشوة بالأثمد وهو حجر أسود كانت تكتحل به، وسميت زرقاء اليمامة بهذا الاسم لزرقة عينها، وصارت مضرب الأمثال لمن يحذر أهله وأحباءه، فيستخفون بتحذيره، وقد يرمونه بكل نقيصة، دون إدراك أنه منهم، وما قال ذلك إلا حبا لهم وحرصا عليهم..

وفى قصيدته المشهورة (البكاء بين يدى زرقاء اليمامة) كتب "أمل دنقل" (رحمه الله):

لا تسكتِ.. فقد سكتى سنة فسنة
لكى أنال فضلة الأمان
قيل لى : اخرس
فخرستُ وعميت..

قلت لهم ما قلت عن قوافل الغبار
فاتهموا عينيك يا زرقاء بالبوار
قلت لهم ما قلت عن مسيرة الأشجار
فاستضحكوا من وهمك الثرثار

هكذا كانت زرقاء اليمامة، وهكذا كتب "أمل دنقل" رحمه الله، وهكذا تتكرر القصة جيلا إثر جيل.
فحين يكتب كاتب على موقع إسلامى شهير بعنوان: (مقال من عشر كلمات) فيقول: [إخوانى فى الجماعة والصف والمُحبين، آذانكم وأعينكم على قيادتكم فقط، وغير ذلك سُمٌ زُعَاف] ثم يستشهد بالآية الكريمة: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)..

فماذا يمكن لأى قائل أن يقول.. أغير كلام القيادة سم زعاف؟.. لا أظن أن أفراد جماعة كريمة مناضلة ضحت كثيرا من أجل دينها ووطنها يرضون بذلك، فآذاننا وأعيننا مع قول الله ورسوله، ومع قول الصحابة والتابعين، ومع كل قول صواب أيا كان قائله، إن أعضاء أى جماعة يقرون بأنهم جماعة من المسلمين، وأن الصواب قد يكون معهم ومع غيرهم، وأنهم لا يحتكرون الحق، ثم يأتى الكاتب فيقول بذلك، وإذا أنكرنا عليه ذلك فإننا نكون مخطئين، وربما نُتهم باصطفافنا مع العلمانيين وكارهى المشروع الإسلامى!
إننا نعطى بإيدينا سهاما لخصومنا (وهم كثر) فيصوبونها مرارا وتكرارا علينا، وننسى أننا من أعطيناهم السهام أصلا!!

قولوا لى بالله: هل الأنسب أن نسكت على ذلك؟ وهل يتسق ذلك مع وفائنا للحق الذى نعتنقه؟ ألم يعاتب رب العالمين سيد الخلق فى قرآن ُيتلى إلى يوم القيامة؟ ألم يعاتب الصحابة بعضهم بعضا فيما حفظته لنا التراجم والسير؟

لقد كتب معتز بالله عبد الفتاح (وهو رجل مُنصف) تحت عنوان (وعسى أن تكرهوا شيئا) تعليقا على حكم المحكمة الإدارية بخصوص اللجنة التأسيسية للدستور:[أرجو أن يعى الأصدقاء فى أحزاب الأغلبية رسالة مهمة: لا تسيئوا فهم الأصوات التى حصلتم عليها، فهى أصوات جاءت بسرعة، وستذهب بسرعة إن لم تعوا أن الطبقة الوسطى المصرية كبيرة حجما وقادرة على أن تعطى ثقتها لمن تشاء وأن تسحبها ممن تشاء].

وكتب الأستاذ فهمى هويدى مقالتين ( أخطأ الإخوان – ووقعوا فى الفخ ) ثم كتب الثالثة: (ليبتعد الإخوان عن الرئاسة) وعدّد أسانيده الواقعية والموضوعية، وذكر فى نفس المقال أنه تلقى عشرات الدعوات على الفضائيات (غير البريئة) للحديث عن ذلك، فرفضها جميعا لأنه فارس نبيل، ألقى بالنصيحة، لكنه لا يتاجر بها.

لقد كتب كثيرون، ممن لا يعادون المشروع الإسلامى بل يساندونه، دعوات ناصحة للتيار الإسلامى تشابه صيحات "زرقاء اليمامة"، فهل يستمع أحد؟ لقد غنت فيروز يوما (لا تندهى.. ما فى حدا) فهل سيكون الأمر كذلك (ما فى أحد يستمع؟).. وهل يقوم المنتمون بالدفاع وتفنيد الحجج دون اكتراث بوقفة هادئة لادراك الخلل؟

وأخيرا: كنت يوما فى السعودية، والتقيت بأخ سورى قضى فى حزب البعث سنوات طوال، وتحدثنا فى الدين، وقال لى: كنت ملحدا، ولا اعترف بالبعث والنشور، ثم قفز فى ذهنى ذات يوم معنى استوقفنى كثيرا حينما سألت نفسى: ماذا إذا جاءت القيامة وكان كل ما جاء به الدين صحيحا.. كيف استدرك حينئذ؟
والشاهد: أهمية أن يتواضع المرء ويتوقف ويتساءل: ماذا إذا كان ما يقوله الآخر صحيحا ؟ بعضه أو كله؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة