سحر الصيدلى تكتب: آه يا ابن بلدى

السبت، 14 أبريل 2012 12:40 ص
سحر الصيدلى تكتب: آه يا ابن بلدى صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان يعيش حلمه فى عينيه.. فى قلبه.. فى إحساسه.. فى دمه.. فى كل جارحة من جوارحه.. هو الهواء والماء بالنسبة له.. هو مستقبله الذى حلم به.. هو الانطلاقة إلى عالم مجهول ولكن فيه الخير له..
أشعل سيجارة ونفث دخانها وطرد معها شبح العذاب والألم الذى وجده فى بلاده.. عليه الرحيل ليستقر وينعم ببلد الجمال.. لأول مرة أحس بجمال ما حلم به.. لقد تحقق.. ومنحته السفارة الموافقة على الهجرة إلى بلد الأمل والسعادة..
وفى زهوة حلمه ونشوة أمله تكسرت تخيلاته وأوهامه على صوت حنون يعرفه ترجوه بعدم السفر.. جميل يا ولدى أن يكون لدينا أهداف وأحلام.. ولكن هنا فى هذا الوطن ترابه لا يعادله أى تراب وفيه لمة الأحباب التى ستبعد عنها وتندم.. ابتسم.. واتسعت ابتسامته من تعجب ما سمع.. ادعيلى يا أمى فغداً هو السفر..
سافر مع أحلامه إلى بلد الحلم.. إلى بلد العزة والكبرياء.. هناك سيحقق المستحيل وسيكون من السعداء.. ولم يعرف أنها بلاد عدم القيم والذل والهوان... ولكن عليه أن يخوض التجربة مع بصيص هذا الأمل لعله يحقق فيه هذا الحلم.. بعد أيام.. امتهنت كرامته وهوت الصفعة على وجهه بالندم وأحس بمرارة ما اقترفت يداه.. وبدأ نور الأمل يظهر له كلوحة سوداء لا يضيئها إلا الندم.. ولكن عليه المتابعة ولن يعود إلى بلده بقلب تتسارع فيه وتيرة الألم.. لا بد أن يثبت لذاته أنه كان صح باختياره ويبرهن للجميع أنه على حق... واندفع يعمل برغبة بالنجاة من سوء ما اقترف... هربت بعض أحلامه وتجسس مكان الوجع.. لكن هناك خيطا رفيعا لعودة الأمل.. سأتزوج من أجنبية وسأحقق معها حلمى المنتظر.. ومرت الأيام ومعها السنون وعاش بذل مهين لا ترضى عنه النفوس ولكن إلى أين المفر وبات لديه عائلة وأولاد ولم يحقق كل المراد عليه أن يسكت ويعيش فى هذه البلاد....
تخيل حنان أمه وجمال بحره وعذوبة أخلاق شعبه ولمة إخوته على شاطئ البحر وأيقن أن الرجوع هو الفرح بعد عذاب السنين وشقاء الغربة..
صارح زوجته بما تهفو نفسه وما يجول بإحساسه وما تتوق له روحه بأرق الكلمات وأعذب العبارات حتى توافقه على طلبه... شبت واقفة بعينين جاحظتين وبنظرات يتطاير منها الغضب.. وتمتمت بكلمات تمتلئ بالخبث واللؤم..هل جننت بعقلك يا رجل أم بت مريضا وتحتاج إلى طبيب.. ما هذا الهراء.. لن أترك ديارى ووطنى لأعيش بغربة يتملكنى فيها الخوف والفزع.. تنهد بألم... ستجدى أنت وأولادى وطناً آمناً مليئاً بالحب والوفاء وحضناً دافئاً بين الأهل والأصدقاء وحناناً لأولادى لا يعادله حنان وكل ما تتوق له نفسك....
أغمضت عينيها بكل احتقار ودون رحمة لعشرة السنين. وكأن لم يكن بينهم ارتباطا.. إن شئت ارحل... ولكن الأولاد ملكى ولى نصف ما تملك... صعقه الجواب وتذكر كلمات أمه وحب وطنه ولمة أهله...فبكت نفسه.. لقد تخليت عن ينبوع الحنان وعشت فى بؤرة الحقد والخداع أما كان أجدر بك أيها الإنسان أن تتزوج ابنة بلدك معها الأمن والأمان والحب والحنان ووفية لعشرة الزمان دون مكر أو خداع اللئام.....آه يا بلدى مهما قسوتى على فإننى بك عزيز ولست مهان.. مسكين هذا الإنسان داخله صراع تأكله النيران بين أولاد سيتركهم للغربان وبين عودته للأوطان.. وهو أكثر الناس حاجة للحب والحنان والصدق والأمان... تبعثرت داخله الأحلام وضاع أمله فى زحمة الأيام مع زوجة لا تقدر معنى الحب والوئام... غدا سيبرهن لهم الزمان أن وطنى خير الأوطان وسيعودون لوالدهم ولأهلهم كرام..
ومضى به قطار العمر ولكن أوقفه ببلده واعتبر ما مر به مجرد أوهام وقرر أن يبدأ من جديد ويدفن الماضى الحزين ويلبى نداء الوطن ويعيش معه طعم الحياة...









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة