د.حمزة زوبع

الإخوان وفتنة الدستور!

الأحد، 01 أبريل 2012 10:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من منا لا يريد أن يكون دستور الثورة معبرا عن كافة أطياف الشعب وفئاته؟ ومن منا لا يريد أن تتحد الأمة المصرية لتبنى دستورا يعلى من قيمة الفرد ويجعل من الحاكم مواطنا بدرجة رئيس؟ من منا لا يريد أن تكون الأقليات – رغم كرهى لهذه الكلمة – متمتعين بكافة حقوق المواطنة؟ من منا لا تأخذه الغيرة وهو يرى غيرنا مع احترامنا لمكانتهم يسبقوننا رغم أننا يوما ما كنا الأسبق فى العالم؟
من منا لا تأخذه الحيرة وهو يرى الأوراق تختلط، تسحب هذه ويدفع بتلك وكأن مستقبل مصر أصبح على طاولة القمار يقامر به محترفو السياسة ومقامرون آخرون جاءوا من خارج حدود الوطن؟
إنها فتنة الدستور، ولا أبرىء الإخوان ولا الحرية والعدالة وإن وقعوا فيها عن غير قصد وجروا إليها عن غير رغبة، فقد توقع الجميع منهم أن يقدموا أفكارا ثورية تليق بمقام الدستور، ولكنهم ولست أدرى كيف فاتهم وجدوا أنفسهم فى أتون صراع سياسى- ليس هذا وقته ولا مكانه – من أجل تمثيل أكبر فى "مئوية الدستور"، ورغم ما قيل وما قد يقال فهم أكبر من أن ينزلقوا إلى هذا، خصوصا وأن الجميع يعلم مدى حرصهم وحبهم وتفانيهم وتقديمهم لغيرهم على أنفسهم، فهم فى طليعة القوى السياسية التى صوت لها الشعب وكان يجب أن يكون تصورهم عن لجنة المائة على غير ما مضت عليهم الأمور، لكن عزائى وعزاء الكثير من الإخوان ومن الوطنيين أن الإخوان يدركون خطأهم مبكرا ويقدمون الحلول فى الوقت المناسب، لذا فقد أعجبنى ما قاله كبار قادة الحزب من استعدادهم للتنازل وإن كنت أرفض هذه الكلمة أيضا إلا أن روح الفريق يجب أن تسود وأن يكون التنافس السياسى وفق موازين القوى البرلمانية فى ساحة غير ساحة الدستور، لكن وهنا يجب أن أقف قليلا – هل كان الأمر يستدعى كل هذه الحملة الشعواء ضد الإخوان والحرية والعدالة؟
الإجابة ذكرتها فى مقال قديم بعنوان" هل بدأت الحرب على الحرية والعدالة"، وأعتقد أنه كان منذ شهور وتوقعت فيه مثل هذه الحملة وأخواتها ليس لرغبة البعض فى الانتقام من الإخوان وحسب، ولكن لأن واقع السياسة فى الوقت الراهن ومصر للتو خرجت من قبضة الحزب الحاكم البغيض يجعل الجميع يعد أصابع يده بعد أن يقوم بالسلام على أى قوة مهيمنة فى الساحة هذا أمر طبيعى ولكن غير الطبيعى أن تتحول الحملة من جدال سياسى ينتهى بصورة من الاتفاق والتوافق غلى حملة تخوين من شأنها أن تزيد الأمور تعقيدا وتدفع بالإخوان ومحبيهم إلى المواجهة على كل الجبهات، وهم ليسوا حديثى عهد بذلك فلهم تاريخ طويل من المقاومة والصبر لا يمكن أن ينكره أحد، وعادة ما لا يتمكن خصومهم من الانتصار عليهم وربما ينتصر الإخوان فى عدة جولات كما حدث من قبل.
لا أحد ينكر الحرب الاعلامية على الإخوان، ولا أى سياسى مبتدئ يمكن إنكار وجود تنسيق بين عدة قوى للإطاحة بهم وقتلهم معنويا سواء بتوافق المصالح بين هذه القوى أو بترتيب تكتيكى عادة ما يثبت فشله لأنه مبنى على رهان خاسر وهو إضعاف الإخوان، وغير مرة ذكرت وفى أيام المخلوع كتبت إبان أزمة مكتب الإرشاد أن هذا هدف لا يمكن بلوغه لأن مؤسسة الإخوان لديها من الخبرات ما يمكنها من التعامل مع كل هذه المطبات بطريقة تقيها مصارع السوء، ولأن خصومها على الطرف الآخر أضعف من أن يجتمعوا لأنهم فى معظمهم مجموعات مصالح يمكن إسكاتها بالقليل ولا أعنى هنا إلا فئة قليلة تتناوب المرور على الفضائيات لتسب وتلعن وليس لديها قدرة على العمل الجماهيرى أو السياسى المحترف، وليس لديها إمكانيات المواجهة السياسية الشريفة والنزيهة لذا فهى تسارع إلى الفضاء الحر لتلقى بكل ما فى بطنها لعلها تستريح !
الإخوان ليسوا ملائكة ولن يكونوا وليسوا شياطين، وإن وقعت منهم أعمال يراها البعض خطايا كما حدث فى الدستور ولكنهم بشر يعملون ويخطئون وأعظم ميزة تعلمتها منهم على مدار ما يزيد عن ثلاثة قرون من العمل بينهم أنهم لا يكابرون ولا يستكبرون وغاية أمنيتهم أن يعيشوا فى وطن يتمتع بالحرية والكرامة وأن يترك الناس كما ولدوا أحرارا فيما يقررون وفيما يعتقدون!
على هذا كنت معهم ولا زلت أؤمن أن أصواتا أقوى من تلك التى تأتى من خارجهم تنطلق من داخلهم وهى أصوات لها قدرها واحترامها وإن لم تحظ برأى الأغلبية لكن هذه هى طبيعة الأمور، لا يمكن لرأى فرد أن يتحكم فى المجموع وإلا لصنعت الإخوان على يدها طغاة ومستبدين.
ميزة الإخوان المسلمين التى أعرفها أنها قادرة على التفكير والإبداع وأهم من ذلك كله أنها تؤثر العمل على الكلام، وتفضل الجد على الهزل وتمنح منتسبيها طريقا لبناء شخصيته المتكاملة المتوازنة التى تعيش وسط الناس، بهم تحيا ومن أجلهم تعمل!

هل هذه دعاية للإخوان أو دفاعا عنهم؟ لا بل هى الحقيقة المؤكدة على الأقل من وجهة نظر كاتبها، فالإخوان يمرون اليوم باختبار صعب وقاس ولكنهم قادرون على اجتيازه ليس بسبب قوتهم وقدرتهم التى يضخمها البعض ولكن بسبب أنهم يحبون هذا البلد، وإن أخطئوا فهم قادرون على العودة من جديد، لكنهم وبلا أدنى شك يعرفون من العدو ومن الصديق، وإن تغافلوا عن عداوة من يرتدى زى الصديق فليس لأنهم " دراويش " ولكن لأنهم يعرفون أن القلوب بيد الله يحركها كيف يشاء ويؤمنون بالمثل القائل " أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون خصيمك يوما ما .. وابغض خصيمك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما ".
فتنة الدستور درس يجب على الجميع أن يعيه وعلى القوى السياسية الوطنية أن تسعى لملمة الشمل وجمع الشتات لبناء دستور جديد لكل المصريين، وألا ينساقوا وراء بعض الغوغاء ممن يريدونها حربا لا هوادة فيها، لأنهم بالطبع سيخسرون كما خسروا جولات كثيرة من قبل.
مصر وإن حكمتها أغلبية إخوانية يجب أن تكون دولة قوية بالجميع، ولو أن المناصب والأغلبيات تدوم لدام لفرعون ملكه وما فرعون منا ببعيد.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة